الكويت: المعلمات "البدون" آلة عمل بأقل راتب

28 أكتوبر 2021
أجر المعلمة "البدون" أقل 60 في المائة من الكويتيات (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

 

تعاني المرأة "البدون" (عديمو الجنسية) في الكويت من تمييز على مستوى الوظائف الحكومية مقارنة بالكويتيات أو الموظفات من جنسيات أخرى، بسبب عقود العمل المجحفة التي تخضع لها في الأجهزة الحكومية، وعلى رأسها وزارة التربية التي توظف مئات من النساء "البدون" كمعلمات في كل المراحل الدراسية.

وتؤكد المعلمات "البدون" أن عقود عملهن قائمة على "الأجر في مقابل العمل"، وتمنعهن من الحصول على إجازة خاصة بالمرض أو الأمومة كما حال الكويتيات اللواتي يمنحن 4 أشهر إجازة خلال الحمل ومرحلة الأمومة، والمعلمة غير الكويتية التي تحدد إجازتها بشهر كامل. ويتناقض ذلك مع توقيع الكويت اتفاقات دولية تسمح للمرأة العاملة بالحصول على إجازات أمومة.

تقول سارة الشمري، وهي معلمة تنتمي إلى فئة "البدون" لـ"العربي الجديد": "حصول المعلمة البدون على وظيفة في وزارة التربية عملية شاقة جداً، إذ تمر باختبارات عدة تنتهي بشرط موافقة الجهاز المركزي لمعالجة أوضاع المقيمين بصورة غير قانونية (البدون)، والذي يرفض غالباً توظيف البدون في دوائر الدولة بحجة أنهم يملكون جنسيات أخرى. وبعد كل هذه المعاناة، يجرى توظيف المعلمة البدون براتب يعادل نسبة 40 في المائة فقط من راتب نظيرتها الكويتية، وتحرم من الحصول على كل الإجازات، وبينها إجازة الحمل ووضع المولود التي تعتبر حقاً أصيلاً للمرأة في كل بلدان العالم".

المرأة
التحديثات الحية

وتخبر سارة أنها اضطرت خلال الولادة إلى أن تغيب لمدة 20 يوماً فاحتسبت الفترة ضمن رصيد إجازاتها المرضية، مع حسم راتب 6 أيام بسبب تجاوزها رصيد هذه الإجازات لأنها وضعت مولودها خلال العام الدراسي. وتقول: "ألحق ما حصل أضراراً كبيرة بي في الوظيفة، ما جعلني أتفادى تكرار تجربة الحمل والولادة بسبب خوفي على وظيفتي". وتكشف سارة أن "هذه المعاملة لا تشمل حالات الحمل والولادة، إذ يرفض منح المعلمات البدون كل الإجازات الأخرى التي تتمتع بها المعلمات الكويتيات ضمن قوانين وزارة التربية، كما أن عقود عمل المعلمات البدون لا تعترف أيضاً بالظروف القاهرة مثل حالة العدة الشرعية عند وفاة الزوج". ومعلوم أن قانون الخدمة المدنية في القطاع الحكومي بالكويت يمنح المرأة العاملة المسلمة التي يتوفى زوجها إجازة مدفوعة بمرتب كامل لمدة أربعة أشهر وعشرة أيام، لكنه لا يطبق على المعلمة "البدون".

وتقول معلمة لغة عربية من فئة "البدون" فضلت عدم الكشف عن اسمها لـ"العربي الجديد": "يجرى التعامل مع المعلمة البدون كأنها آلة تعمل بأقل راتب، وبلا رصيد للإجازات، ويجرى استغلال حاجتها للمال في عملها الذي تنفذ فيه شتى أنواع الأوامر من دون أي مراعاة لاحتياجاتها وحقوقها". تضيف: "تعطي وزارة التربية علاوات وزيادات سنوية للمعلمات على أساس عملهن، وتقوم بترقيتهن في شكل مستمر. لكن المعلمة البدون مستثناة من هذه الحوافز، إذ يظل الراتب الذي تحصل عليه في أول يوم عمل بلا تغيير طوال 10 سنوات، وهي لا تنضم إلى برنامج التأمين الاجتماعي بخلاف المواطنين، ما يحرمها من راتب التقاعد".

الصورة
لا مراعاة لحقوق المعلمات "البدون" (ياسر الزيات/ فرانس برس)
لا مراعاة لحقوق المعلمات "البدون" (ياسر الزيات/ فرانس برس)

وهنا تعلّق الناشطة النسوية شيخة العلي في حديثها لـ"العربي الجديد" بالقول "نسمي ما يحدث للمعلمة البدون بتقاطع الظلم والاستغلال لأنها تواجه الظلم بسبب تصنيفها التمييزي ولأنها امرأة، ما يجعلها تواجه كل حالات الظلم وتأثيراته السلبية على عملها وحياتها معاً". وتؤكد العلي أن المجموعات النسائية في الكويت ضغطت مرات على وزارة التربية لإزالة الشروط المجحفة في حق المرأة "البدون"، مشيرة إلى أن الوزارة ترد غالباً بأن "الأمر ليس في يدها بل في يد ديوان الخدمة المدنية المسؤول عن توظيف كل موظفي القطاع العام، وتحديد مستحقاتهم المالية عن الوظائف التي يشغلونها".

ويقول المحامي والخبير القانوني عبد العزيز المطيري لـ"العربي الجديد": "لا أعلم بوقائع التمييز الذي تواجهه المعلمات البدون في عملهن مع وزارة التربية، لكن الموقف القانوني لوزارة التربية سليم باعتبار أن عقود الأجر في مقابل العمل لا تسمح بحصول الموظف على إجازة مدفوعة عن عمله، والتعديلات على هذه العقود المجحفة يجب أن تصدر من ديوان الخدمة المدنية". 

وفيما لا توفر وزارة التربية إجابات عن التساؤلات الخاصة بالأساليب المعتمدة مع معلمات "البدون"، يقول ناشط فضل عدم كشف اسمه لـ "العربي الجديد": "ربما كانت وزارة التربية الوحيدة التي تسمح بشغل المرأة البدون وظيفة في الكويت، لكنها لا تتردد في استغلالهن بطريقة بشعة جداً تخالف كل المواثيق الدولية، ولا تطبقها أكبر الشركات الرأسمالية التي تستغل حقوق موظفيها".