الكويت: الدمج مطلب الأشخاص ذوي الإعاقة

26 ديسمبر 2020
حواجز أمام الأشخاص ذوي الإعاقة (العربي الجديد)
+ الخط -

على الرغم من القوانين القائمة في الكويت، المرتبطة بالأشخاص ذوي الإعاقة، وتوافر دعم حكومي كبير على المستوى القانوني والمالي لهذه الفئة، فإنّ معاناتهم من الثقافة المجتمعية المليئة بالتمييز ضدهم مستمرة، بالإضافة إلى عدم تفهم كثير من المسؤولين والموظفين الحكوميين تلك المعاناة، وهو ما يدفعهم إلى المطالبة على الدوام، بالدمج، كأساس لمجتمع يحترم التنوع، مع تيسير البيئة الملائمة لهم للتمكن من الوصول إلى الوظائف بمختلف مناصبها، بما فيها القيادية.
يبلغ عدد الأشخاص ذوي الإعاقة من الكويتيين وأبناء الكويتيات (وهم الفئة التي يشملها قانون الإعاقة) 52 ألفاً و641، بحسب إحصائية رسمية نشرتها الهيئة العامة لشؤون الأشخاص ذوي الإعاقة في البلاد. ويعتبر قانون الأشخاص ذوي الإعاقة في الكويت الذي يعرف بـ"قانون رقم 8 لسنة 2010" من أكثر القوانين تطوراً في دعم الأشخاص ذوي الإعاقة على الأصعدة كافة، إذ توفر الدولة احتياجاتهم الطبية، بالإضافة إلى مميزات مالية ووظيفية، مع إعطائهم أولوية في الطلبات الإسكانية، إذ تكفل الدولة للمواطنين في الكويت السكن. ووفقاً للمادة الخامسة من القانون، فإنّ الحكومة "تتخذ جميع التدابير الإدارية الفعالة وتوفير التجهيزات اللازمة لضمان تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة بحقوقهم المدنية والسياسية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

مع ذلك، لا تبدو المواد مطبقة في المشهد السياسي والمدني، بحسب سعود الناصر، وهو شاب كويتي من الأشخاص المكفوفين، تخرّج بتفوق في اختصاص العلوم السياسية من جامعة "الكويت". يقول لـ"العربي الجديد": "الحكومة والقائمون على الهيئة العامة لذوي الإعاقة يظنون أنّ حلّ مشاكل هذه الفئة هو في الأموال فقط، لذلك عند أي نقاش حول الحقوق المدنية للأشخاص ذوي الإعاقة وواجب تمكينهم وإعطائهم التمييز الإيجابي في بعض الوظائف والأعمال، نشهد على شخصيات قيادية في البلاد تقول إنّ الكويت هي الدولة الوحيدة في العالم التي تمنح الشخص ذا الإعاقة المميزات المالية والخدماتية بهذا الحجم".

شخص ذو إعاقة في الكويت - العربي الجديد

يعلّق الناصر: "الأمر لا يتعلق بالأموال فحسب، بل بالوضع المعنوي للأشخاص ذوي الإعاقة ورغبة الحكومة فعلياً في دمجهم في المجتمع، وتحويلهم إلى شخصيات منتجة وفق ما يقول القانون نفسه الخاص بنا، ووفق ما نريد نحن... لكن، للأسف فالعقليات القديمة التي تظن المعاق عالة وشيئاً غير إنساني يجب التخلص منه عبر إعطائه أكبر قدر من الأموال وتوفير الخدمات له إبراءً للذمة". وعلى الرغم من تفوق الناصر في اختصاصه، لم يحصل على وظيفة مناسبة في السلك الدبلوماسي، واضطر إلى العمل في وزارة لا تمتّ إلى اختصاصه بصلة قائلاً: "لقد حولوني إلى مجرد موظف يأتي إلى العمل ويشرب القهوة ويعود إلى منزله ليتسلم راتبه مع نهاية الشهر".
وبينما تعمل "لجنة ذوي الاحتياجات الخاصة" في البرلمان الكويتي على تمرير قوانين وقرارات عدة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة، فهذه اللجنة حصرت عملها في محاولة تحسين ظروفهم المادية مع إعطائهم أكبر قدر ممكن من المميزات، لكن من دون أن تسعى لدمجهم في المجتمع الكويتي، بحسب الناشطين.

قضايا وناس
التحديثات الحية

يقول عامر العجمي، وهو شاب كويتي لديه إعاقة حركية، بعد تعرضه لحادث سيارة عام 2011، لـ"العربي الجديد" إنّ المعاناة لا تقتصر على الغياب عن الجانب المدني والسياسي فحسب، بل تمتد إلى التفاصيل الصغيرة التي يهملها مالكو المطاعم والمجمعات مثلاً، بالإضافة إلى الموظفين الحكوميين، بسبب عدم إرساء توعية رسمية مستمرة للشعب حول آليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة. ويشرح العجمي معاناته في دخول المطاعم والمجمعات والحدائق العامة وخروجه منها قائلاً: "الأمر يشبه الجحيم، فالحدائق العامة تعتبر أملاكاً حكومية تشرف الحكومة على بنائها وإدارتها، لكنّ كثيراً منها لا يوفر خدماته للأشخاص ذوي الإعاقة (التجهيز الهندسي والبيئي الملائم)، وخصوصاً مستخدمي الكراسي المتحركة مثلي... نحن ببساطة نُحرَم زيارة كثير من الأماكن في الكويت بسبب عجز الجهات الرسمية وعدم وعيها". يتابع عامر أنّه زار بلداناً أفقر من الكويت بكثير وأقل استقراراً، لكنّه وجد فيها اهتماماً أكبر بكثير بالأشخاص ذوي الإعاقة في الطرقات والمطاعم وغيرها، معلقاً: "المال ليس كلّ شيء، فهو لا يساهم في الحلّ إذا كانت الحلول العملية غائبة".

المساهمون