الكويت: "الشبو" المخدر يتسلّل إلى ثانويات

25 سبتمبر 2021
الشبان بيئة حاضنة مثالية للمخدرات في الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
+ الخط -

واجهت الكويت في السنوات الأخيرة مشكلة الارتفاع الكبير في نسبة استهلاك أنواع جديدة من المخدرات مثل "الشبو" الذي يعد أحد مواد مخدر "الميثامفيتامين" واسع الانتشار بسبب سعره الرخيص والقدرة على تهريبه بسهولة. واليوم يدق الخبراء ناقوس الخطر من تفشي الإدمان وآثاره المدمرة على الشباب والمراهقين خصوصاً، في حين لا توجد منشآت صحية كافية لمعالجة الحالات، ولا إحصاءات واضحة لدعم عمليات مكافحة الآفة في المجتمع.
يقول مدير مركز معالجة الإدمان التابع لوزارة الصحة في الكويت، الدكتور عايد الزايد، لـ"العربي الجديد" : "تخوض البلاد حرباً شرسة مع المخدرات بسبب عوامل عدة أبرزها موقع الكويت الجغرافي الذي يجعلها مركزاً لبيع المخدرات ونقلها حول العالم، ويدرجها بين المناطق المهمة في الحركة التجارية للمخدرات بين دول في شرق آسيا وأوروبا وإيران وغيرها". 
يضيف: "مخدرا الشبو والكيمكال بين الأخطر في الكويت لأن ثمنهما رخيص، وانتشارهما كبير في صفوف المراهقين، علماً أن مكوناتهما المحددة مجهولة، خصوصاً الكيمكال الذي عجزت مختبرات وزارة الصحة عن تفكيك مكوناته الغريبة، رغم أنها تملك فعلياً أجهزة خاصة لكشف وتحليل نحو 140 نوعاً من السموم والمخدرات".

الجريمة والعقاب
التحديثات الحية

ويطالب المتخصصون في محاربة المخدرات في الكويت وزارة الصحة ونواب مجلس الأمة بتوسيع مراكز معالجة الإدمان وزيادة سعتها التي لا تتجاوز 200 سرير حالياً، في وقت زاد عدد المدمنين في السنوات الخمس الأخيرة، مع نظر المحاكم في 10 آلاف قضية مخدرات، وتسجيل 330 حالة وفاة بجرعات زائدة. ويعزو الزايد انتشار مخدري الشبو والكيمكال إلى رخص سعريهما، وسهولة تهريب المواد المستخدمة فيهما مقارنة بأنواع أخرى من المخدرات مثل الحشيشة والهيروين، وكذلك إلى انتشار مسلسلات أجنبية تتحدث عن هذين المخدرين اللذين أصبحا رائجين في العالم، وأديا إلى مشاكل صحية كبيرة.

20 ألف مدمن "معروف"
تورد بيانات لمراكز علاج الإدمان التابعة لوزارة الصحة حصلت "العربي الجديد" على بعضها أن حوالى 20 ألف مدمن يترددون دورياً أو في شكل متقطع على عيادات الإدمان في الكويت. لكن خبراء لا يستبعدون مواجهة ضعفي هذا العدد مشكلات عدم الاعتراف بالإدمان، ورفضهم تلقي العلاج. وترجح البيانات أن النسبة الأكبر من المدمنين تتراوح أعمارهم بين 15 و20 عاماً، غالبيتهم ممن تلقوا جرعات المخدرات الأولى خلال المرحلة الثانوية من الدراسة، وتشير إلى أن "الشبو" هو المخدر الأكثر انتشاراً بين الشباب والشابات في البلاد. 
ويقول أحمد الشطي، مدير منطقة الصباح الصحية ومدير مشروع "غراس" لمكافحة المخدرات لـ"العربي الجديد" إن "الكويت تخوض حرباً صامتة ضد المخدرات التي يعتبر ضحاياها من المراهقين والشبان الصغار الذي يتعرضون لإغراءات أساليب الترويج وتعدد الأصناف وتنوع أسعارها"، لافتاً إلى أن الإحصاءات الخاصة بالمخدرات "لا تزال شحيحة، بسبب تركيز الأجهزة الصحية والأمنية على محاربة الظاهرة ومعالجتها أكثر من جمع بيانات وأرقام عنها". 

المخدرات تهدد مدارس الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)
المخدرات تهدد مدارس الكويت (ياسر الزيات/ فرانس برس)

مدمنون "أوفياء"
من جهته، يقول سعد العازمي، وهو مدير مدرسة ثانوية: "هناك انتشار ملحوظ للمخدرات في المدارس الثانوية، وفي مقدمها الشبو الذي يباع بسعر زهيد، مع تركيز باعة المخدرات على نشره بين طلاب الثانويات حصراً، من أجل خلق ما يسمى بمجموعة زبائن مدمنين وأوفياء يسيّرون عجلة التجارة على المدى الطويل". ويوضح أنه سأل طلاباً اكتشف حيازتهم مخدرات عن مصادرهم في الشراء، فأبلغوه أنهم تجار مخدرات ينشطون على وسائل التواصل الاجتماعي، ويعرضون منتجاتهم مستهدفين الشبان خصوصاً، وآخرون يتعاملون مع طلاب وسطاء أو وكلاء لهم داخل المدارس. وعموماً، يدخل مخدر "الشبو" الكويت عبر محطات عدة أبرزها إيران، حيث تهرب عصابات المخدرات أطناناً منه سنوياً، علماً أن الإدارة العامة للمخدرات ضبطت أخيراً شحنة قيمتها 5 ملايين دينار كويتي لدى محاولة تهريبها عبر البحر.

ويوضح مصدر أمني في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لـ "العربي الجديد" أن "الكويت تعتبر استناداً إلى موقعها الجغرافي عاصمة توزيع مخدر الشبو في العالم، وذلك رغم أن أجهزة الأمن تبذل جهوداً أمنية حثيثة لمحاربة الظاهرة". ويشير إلى أن الكويت توفر بيئة داخلية مناسبة لانتشار المخدرات باعتبار أن الدخل الفردي فيها مرتفع، وأن الأموال تتوافر لدى المراهقين الذين يستطيعون شراء كميات من المخدرات بمجرد استخدام مصروفهم المدرسي. وقد أغرى ذلك أيضاً تجار المخدرات الذين صمموا أنواعاً تتناسب مع دخل الشبان تحديداً. 

المساهمون