أعاد قرار مجلس الوزراء الكويتي الانتقال إلى المرحلة الخامسة من خطة استئناف الحياة الطبيعية تدريجاً، العمل إلى قاعات الزفاف والأفراح، ما أنهى أكثر من 20 شهراً من حظر أي نشاط لها في ظل تطبيق إجراءات الوقاية المشددة من فيروس كورونا. وبدأت الأسر التي تخطط لتزويج أبنائها وبناتها في حجز القاعات بمبالغ مرتفعة وسط منافسة على ربط تنظيمها بمظاهر البذخ والرفاهية والاستعراض.
وخلال الجائحة، اضطر الكويتيون إلى إجراء حفلات الزفاف والأعراس في منازلهم، ومخالفة قرارات الحكومة التي منعت التجمعات خلال مراحل الحظر الكلي أو الجزئي للتجوّل في أنحاء البلاد. وأدى ذلك إلى معاقبة السلطات عائلات أجرت هذه الأفراح بدفع غرامات مالية مقدراها 10 آلاف دينار (33 ألف دولار)، تنفيذاً لبنود قانون الأمراض السارية التي تحظر هذه النشاطات.
وأطلق اسم "الأعراس الصباحية" على تلك التي خالفت القوانين المطبقة، باعتبار أن توقيتها غير الاعتيادي كان في الصباح، في وقت يحدد الموعد التقليدي للزفاف في الكويت خلال ساعات الليل. وانخفضت كلفة الأعراس المنزلية خلال فترة الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا، إلى أقل من 10 آلاف دولار، في حين كانت تناهز 30 ألف دينار (100 ألف دولار) للأسر ذات الدخل المتوسط.
يقول المسؤول عن حجز قاعات الأفراح في أحد الفنادق، أحمد الليثي، لـ"العربي الجديد": "فور إعلان الحكومة عودة الحياة الطبيعية، اندفعت الأسر لحجز قاعات الأفراح الخاصة بالنساء والرجال معاً، فارتفعت الأسعار في شكل كبير وسط ازدحام غير عادي، خصوصاً على القاعات الكبيرة التي تجري فيها العائلات الثرية أعراسها".
ويكشف أن "فنادق وقاعات كثيرة أغلقت حجوزاتها حتى منتصف العام المقبل، إذ أخّرت عائلات ثرية زواج أبنائها وبناتها حتى انتهاء فترة الإجراءات الاحترازية للوقاية من فيروس كورونا، لأنها تريد تنظيم حفلات زفاف أسطورية تليق باسمها ووضعها الاجتماعي والاقتصادي".
ويؤكد المدير التنفيذي في شركة للتجهيزات الغذائية الخاصة بحفلات الأعراس، علي مظفر، أن الطلبات زادت في شكل كبير بعد قرار الحكومة السماح بإجراء الحفلات. ويقول لـ"العربي الجديد": "في الأشهر الأخيرة، تولينا تجهيز أعراس ذات متطلبات قليلة نسبياً أجريت داخل منازل عائلات بسبب منع الحكومة تنظيمها في قاعات.
أما اليوم فالتجهيزات المطلوبة يجب أن تتلاءم مع حجم الأعراس في قاعات أكبر وأفخم، ما يحتم عمل كل شركات التجهيزات الغذائية بكامل طاقتها. من هنا طالبت شركتنا عدداً من الطباخين المشهورين بالعودة إلى الكويت والعمل معها مجدداً، بعدما كان اضطروا للمغادرة إلى بلدانهم في ظل النكسة التي تعرضت لها الشركة في فترة الحائجة".
ويوضح شباب كويتيون لـ"العربي الجديد" أنهم أرجأوا حفلات زفافهم بطلب شخصي منهم أو من عائلات الفتيات اللواتي يتحضرن للزواج، والتي تتطلع إلى تنظيم أعراس تليق ببناتهن. كما ارتبط ذلك بالرغبة في إعطاء أقرباء يتواجدون في دول خليجية أخرى فرصة حضور الأعراس".
ويقول أحد هؤلاء الشباب: "بالنسبة لي، يحصل الزفاف مرة واحدة في العمر، لذا لا بدّ أن يكون أسطورياً. وهذا ما دفعني إلى تأجيل الحفل حتى سماح الحكومة بتنظيمه رسمياً".
وتوافق الطالبة الجامعية مها العنزي على هذا الرأي، وتشرح لـ"العربي الجديد" أنها فضّلت التفاهم مع زوجها المستقبلي على تأجيل الزفاف حتى تسمح الحكومة بإجراء الحفلات، وتقول: "من الضروري إجراء الزفاف بطريقة لائقة تلحظ توفير كل متطلباته".
ويعلّق الباحث الاجتماعي في جامعة الكويت، خليل خالد، على الإقبال الكبير على الأعراس قائلا لـ"العربي الجديد": "كل علامات السلوك الإيجابية التي جلبتها فترة فيروس كورونا، مثل الابتعاد عن المظاهر والحرص على الادخار، اختفت بتزاحم الناس على حجز قاعات الأفراح والعودة مجدداً إلى مظاهر البذخ من أجل تحقيق الرغبة في إثبات الذات وعلو الكعب والرفاهية. ويعني ذلك تحويل الزفاف من مناسبة للفرح إلى مباراة استهلاكية واستعراضية".
ويشير إلى أن دراسة أجرتها جامعة الكويت أظهرت أن كلفة حفلات الزواج تصل إلى 750 مليون دولار، استناداً إلى تكاليف زواج العائلات الثرية، وعدد المتزوجين سنوياً. وهذا رقم مذهل بالنسبة إلى دولة صغيرة مثل الكويت، ومؤشر خطر على مدى الإنفاق الاستهلاكي الكبير في المجتمع الكويتي".