لم تنجح الكويتيّات في الوصول إلى مجلس الأمة خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة. وتخشى ناشطات أن يعرقل ذلك تحقيق عدد من مطالب المرأة، وإن كان بعضهن متفائلات بوجود نواب مؤيدين لحقوقهن.
جاءت نتائج الانتخابات البرلمانية في الكويت صادمة بالنسبة إلى النساء بعد فشل جميع المرشحات في الحصول على مقعد في البرلمان (مجلس الأمة)، ما قد ينعكس سلباً على الكثير من قضايا المرأة، على رأسها إعطاء الأم الكويتية المتزوجة من أجنبي جنسيتها لأولادها. ولم تتمكن النائبة السابقة صفاء الهاشم، وهي النائبة الوحيدة في البرلمان سابقاً، من الحفاظ على مقعدها البرلماني بعد تحول خطابها من دعم المرأة الكويتية إلى الهجوم على الوافدين والأقليات في البلاد، والمطالبة بإبعادهم عن البلاد. لكن عدم وصول أي امرأة إلى مجلس الأمة لن يوقف الكويتية عن السعي لمطالبة أعضاء البرلمان الجدد بحقوقهن ودعمهن في القضايا المصيرية بالنسبة إليهن.
وتقول الناشطة في مجال حقوق المرأة سارة الشمري، لـ "العربي الجديد": "فشلت المرأة في الوصول إلى كرسي البرلمان لأن المرشحات لم يكنّ واضحات في ما يتعلق بقضايا المرأة الرئيسية، وأبرزها حق تمرير جنسيتها لأبنائها وحقها بالسكن أسوة بالرجل، بالإضافة إلى قضايا جرائم الشرف. كما أن الكثير من المرشحين الذكور تفوقوا عليهن في المطالبة في هذه الحقوق. لذلك، فإن عدم وجود المرأة في البرلمان لا يعني خسارة كبيرة للكويتية. لكن من الناحية المعنوية، فإن عدم وجود المرأة يشير إلى حجم المأساة التي تعيشها في الكويت وكيفية إبعادها المتعمد عن مراكز صنع القرار من قبل قوى اجتماعية ودينية".
وشكلت الشمري مع عدد من النساء الناشطات مجموعة ضغط جديدة لإجبار النواب على تقديم قوانين تخص المرأة الكويتية ومحاولة التحالف مع عدد من النواب المنفتحين، بحسب وصفها، ليكونوا حلفاء للمرأة الكويتية في ظل غيابها عن البرلمان. وتقول إن عمل المجموعة سيبدأ بعد الانتهاء من معركة الرئاسة البرلمانية، والمعارك السياسية المعتادة بعد الانتخابات، أي بعد شهر على الأقل من الآن. ويتصدر قانون تمرير المرأة الكويتية جنسيتها لأبنائها غير الكويتيين قائمة مطالب النساء في البلاد. وتؤكد الشمري أن تمرير هذا القانون سيعطي الكويتية استقلالية كبيرة تمكنها من تبوؤ مراكز القوى في الدولة في وقت لاحق، وبالتالي تغيير بقية القوانين المجحفة بحق المرأة.
لكنّ الناشطة النسوية شيخة العلي، تبدو أقل تفاؤلاً من زميلتها الشمري. وتقول لـ "العربي الجديد": "سجلت الانتخابات البرلمانية هذه ضربة قوية لجهود المرأة في الحصول على حقوقها بسبب فشل جميع المرشحات في الوصول إلى كرسي مجلس الأمة". وترى أن حملات الضغط والتنسيق التي شكلتها الكويتيات للضغط على نواب مجلس الأمة في قضايا المرأة في الكويت لن تجدي نفعاً، لأن تركيبة البرلمان باتت "رجعية بشكل كبير جداً وذكورية"، في إشارة إلى اكتساح القبائل والإسلاميين نتائج الانتخابات، وفشل جميع المرشحين الليبراليين في الوصول إلى البرلمان.
وترى العلي أن برلمان عام 2016، والذي يوصف بأنه برلمان مهادن للحكومة، قدم عدداً من القوانين المهمة بالنسبة لها، أبرزها "قانون العنف الأسري"، وهو ما لا يمكن تمريره في البرلمان الحالي بسبب "المحاذير الشرعية" التي يلتزم بها النواب الحاليون المنتمون للكتلة الإسلامية. تضيف: "لا أعتقد أن هذا البرلمان يفكر في إلغاء المادة 153 من قانون الجزاء، التي تنص على إعفاء قاتل الشرف (جريمة الشرف) من الإعدام وتبرئته، ولا أظن أن هذا البرلمان بتركيبته الحالية يمكن أن يمرر قانوناً ينص على تمكين المرأة من المناصب القيادية وفقاً لقوانين التمييز الإيجابي التي تطبقها الكثير من دول العالم". إلا أن الشمري تقول إن أول إساءة وجهت للمرأة في البرلمان الحالي كانت من قبل خالد الغانم، شقيق رئيس مجلس الأمة، بعدما وصف النواب المعارضين لشقيقه بأنهم "حريم ونساء"، ما يعني أنها لم تصدر من نائب إسلامي.
وتقول الأستاذة في جامعة الكويت والناشطة النسوية، شيخة الجاسم، التي رشحت نفسها للانتخابات البرلمانية الأخيرة، وخسرت في الدائرة الثالثة، إن "تركيبة البرلمان الحالية معادية للمرأة بلا شك، وأمام المرأة طريق طويل للحصول على حقوقها السياسية والاجتماعية كاملة في الكويت، بسبب الحركات الدينية والاجتماعية".
من جهته، يقول زعيم الكتلة المعارضة في البرلمان، وأحد أبرز النواب الإسلاميين بدر الداهوم، لـ "العربي الجديد": "لسنا ضد حقوق المرأة، بل نقف معها، والدليل أن أكثر من يدفع باتجاه حق المرأة الكويتية في تمرير جنسيتها لأبنائها هم النواب الإسلاميون داخل البرلمان، لكن أطرافاً أخرى تدعي أنها تقف مع المرأة هي من يعرقل تمرير مثل هذه القوانين". يضيف: "مكاتبنا مفتوحة لاستقبال أي مجموعة تريد عرض أفكارها بما يخص المرأة، ونحن لسنا ممثلين لكتلة أو فئة معينة، بل ممثلون للشعب الكويتي برجاله ونسائه".
في هذا الإطار، تشير الشمري إلى أن الحركات الإسلامية باتت منفتحة بشكل كبير على مطالب المرأة في الكويت، وأنها تطور من خطابها بشكل كبير. وتقول: "قد نرى نائبة إسلامية نسوية في البرلمان الكويتي قريباً".