أعلنت الجهات الطبية والصحية شمال غرب سورية حالة الطوارئ العامة باستنفار كوادرها للتصدي لكارثة الزلزال الذي ضرب جنوبي تركيا، وأثر بشكل كبير في محافظات سورية عدة، لا سيما في إدلب وحلب المحاذيتين للحدود التركية.
وفي حين طلبت مديرية صحة إدلب (مقرها إدلب)، التابعة لوزارة الصحة في الحكومة السورية المؤقتة، من الأهالي التوجه إلى مراكز خصصتها بشكل عاجل للتبرع بالدم في العديد من المدن والبلدات للمساعدة في إنقاذ المصابين، فإنها كذلك طلبت من الأهالي المساعدة في إجلاء المصابين وتخفيف هول الكارثة.
ووصف زهير القرط، مدير صحة إدلب، الوضع في إدلب وشمال غرب سورية عموماً بالكارثي، لا سيما في مدن سلقين وحارم وأطمة والدانا وسرمدا ومركز محافظة إدلب، بالإضافة إلى مدينة جنديريس بريف عفرين شمال حلب.
مشيراً إلى أنه على الرغم من أن الكثير من المصابين لا يزالون تحت الأنقاض فإن العديد من المشافي لم تعد تستوعب مزيداً من المصابين، ما يضطر الكوادر الطبية للتعامل مع الوضع وتوزيع المصابين بين المشافي التي ما زلت طاقتها الاستيعابية متاحة.
وشدد القرط على أن المشافي بحاجة عاجلة إلى الأدوية، بالإضافة للأدوات الطبية اللازمة والضرورية لمواجهة هذه الكارثة، مضيفاً أن أعداد المصابين والضحايا لا تزال في ارتفاع، ومن المتوقع أن يتضاعف مع الساعات القادمة، كون الكثير من الأحياء في المناطق المذكورة وغيرها أصبحت ركاماً وغالبية سكانها تحت الأنقاض.
وتحاول سيارات الإسعاف والإنقاذ، سواء التابعة للدفاع المدني، أو المشافي، أو المنظمات العاملة في الشأن الطبي، تغطية الطلب المتزايد عليها، ويمكن رؤيتها تجوب شوارع القرى والمدن المتضررة جراء الزلزال، غير أن طاقتها لا تزال عاجزة عن استيعاب الاستجابة لجميع النقاط المتضررة، كما حال المشافي أمام تدفق المصابين الذين يجري إخراجهم من تحت الأنقاض تباعاً.
يعلق رائد الصالح، مدير منظمة الدفاع المدني "الخوذ البيضاء"، لـ العربي الجديد"، بأن المئات لا يزالون تحت الأنقاض، وهم بحاجة لتقديم الإسعاف الفوري بعد إخراجهم، ونقلهم إلى المشافي.
وناشد الصالح الدول والمنظمات الإنسانية الدولية تقديم المساعدة العاجلة، منوهاً بأن الكارثة أكبر من قدرة المنظمات والمؤسسات الطبية والإغاثية على استيعابها، قائلاً: التدخل الدولي العاجل سيعني المساهمة في إنقاذ أرواح مئات العالقين تحت الأنقاض، قائلاً: "نحن بسباق حقيقي مع الزمن لإنقاذ الأرواح".
وأكد أن القطاع الطبي يحتاج لتقديم المساعدات العاجلة من أدوية ومستلزمات، وكذلك الحال بالنسبة للدفاع المدني الذي يحتاج للآليات والمعدات الثقيلة تحديداً لرفع أنقاض المباني الضخمة التي انهارت فوق رؤوس ساكنيها.
ولفت إلى أن انهيار مئات المباني خلّف آلاف العوائل المشردة في الشوارع، والتي تعاني من البرد ومواجهة الأحوال الجوية الصعبة، لا سيما أن الأرصاد الجوية تشير إلى قدوم منخفض عاصفي شديد سيزيد من معاناة الناس.
من جهتها، أعلنت المنظمة الطبية السورية – الأميركية "سامز" عن استقبال المستشفيات التي تدعمها في شمال غرب سورية، وعددها ستة مشافي، حوالي 150 قتيلاً و750 جريحاً حتى لحظة إعداد هذا التقرير.
وأكد الطبيب بشير، أحد مسؤولي "سامز" الإحصائية لـ"العربي الجديد" مشيراً إلى أن مشافي المنظمة استنفرت كوادرها ولا تزال الإصابات تتوالى على مشافيها والمشافي الأخرى، منوهاً بأن المساعدة الطبية للقطاع الصحي مطلوبة وضرورية في هذه الفترة.
ووثّقت الصور والفيديوهات التي التقطتها كاميرا "العربي الجديد"، اكتظاظ المشافي بعشرات المصابين، وسط تقديم ما يمكن تقديمه من إسعافات وعمليات إنقاذ.
وأشار شريف الإسماعيل، متطوع في الدفاع المدني، أُرسل مع فريق من المنظمة إلى مدينة الدانا التي تضرر فيها حوالي 6 مبان كبيرة، إلى أن عمليات الإنقاذ لا تزال مستمرة بمحاولة رفع الأنقاض في تلك المباني.
وقال محمد، أحد الناجين من تضرر مبنى جراء الزلزال في بلدة الأتارب بريف حلب الغربي، إنه تمكّن من الخروج كونه يقطن في الطابق السفلي من المبنى فيما لم يتمكن جيرانه وأقاربه في الطوابق العليا من الخروج.