تزداد أزمة القطاع الصحي في المملكة المتحدة صعوبة يوماً بعد يوم. فعلى الرغم من تسليط الصحف البريطانية الضوء على مشكلة الانتظار التي يعاني منها المرضى للخضوع لعمليات جراحية في الآونة الماضية، إلا أنّ الوضع بات أكثر دقة وحرجاً مع الحالات الطارئة.
ونقلت صحيفة "ذا غارديان" البريطانية، أمس الأربعاء، عن المواطنة إيرين سيلسبي انتظارها لمدة 6 ساعات قبل وصول سيارة الإسعاف، ودخولها المستشفى في وضع صحي حرج، كادت تفقد معه حياتها.
وتحدثت سيلسبي عن ألم "رهيب" شعرت به بعد كسر حوضها في دار رعاية روتلاند، وهي التي كانت قد تعرضت لحادث قبيل الاحتفال بعيد ميلادها المائة، ورغم خطورة الكسر وحساسيته، انتظرت لساعات قبل تلقي الرعاية الصحية، ولم تتمكن من رؤية الطبيب، أو إجراء الإسعافات الأولية لها بعد الحادث. تقول: "كنت أتألم من الوجع، ولم يأتِ أي طبيب لمساعدتي".
Woman waits six hours for ambulance after fall on her 100th birthday https://t.co/BzukwghgCm
— The Guardian (@guardian) April 20, 2022
وبحسب مسؤولي خدمة الصحة الوطنية، كان على سيلسبي الانتظار بسبب الضغط الهائل الذي تعاني منه المستشفيات. صحيح أنّ الكثير من المرضى يتعرضون للخطر بسبب أوقات انتظار سيارات الإسعاف، "إلا أنّ الطلب غير المسبوق من المرضى بعد عامين من جائحة كورونا أدى إلى حصول هذه الأزمة"، وفق بيان صادر عن خدمة الصحة الوطنية.
ووفق الخبراء الصحيين، فقد تفاقم الوضع بسبب نقص الموظفين وعاملي الرعاية الاجتماعية، بالإضافة إلى انخفاض عدد الأسرّة.
لا تخفي رئيسة الكلية الملكية لطب الطوارئ، الدكتورة كاثرين هندرسون، أنّ حوالى 999 متصلاً يواجهون فترات انتظار تصل إلى 22 ساعة، في الكثير من الأحيان بسبب الضغط على المستشفيات.
في إحدى الحالات، توفي رجل بعد انتظار سيارة إسعاف لمدة أربع ساعات، وفي حالة أخرى، تُرك رجل يتألم لمدة 14 ساعة، بعد أن اتصل بالرقم 999 عدة مرات.
وكانت بيانات صادرة عن خدمة الصحة الوطنية، قبل أيام، قد أظهرت أنّ مئات المرضى ينتظرون منذ أكثر من ثلاث سنوات، وأنّ أكثر من 24 ألف مريض ينتظرون منذ "أكثر من عامين" لإجراء عمليات جراحية.
مَن المسؤول؟
كان من المقرر أن تلتقي إيرين سيلسبي ابنة أختها لين تايلور، للاحتفال بعيد مولدها المائة، لكنها سقطت في حمام دون نوافذ في دار الرعاية ببلدة غريثام بمقاطعة روتلاند، فاستدعى العاملون سيارة إسعاف لإنقاذها. أفادت سيلسبي من سريرها في المستشفى، قبل أيام، بأنّ الألم الذي شعرت به "كان فظيعاً للغاية"، وفقاً لما نقلت عنها الصحيفة.
تتهم سيلسبي شؤون الخدمات الصحية في المملكة المتحدة بالتقصير، وتعتبر أنّ التأخير في الوصول إليها، يعود سببه إلى السياسة التي تتبعها الهيئات الصحية، مضيفة أنّ الفريق الطبي لم يحرّك ساكناً، لأنها تبلغ من العمر 100 عام، ولم تعد تستحق الرعاية الطبية.
أما ابنة أختها، لين تايلور، فتتفهم الضغط الذي تعاني منه المستشفيات في المملكة المتحدة، لكنها في الوقت نفسه لا تفهم كيف يمكن ترك مسنّة مريضة، تعرضت لحادث قد ينهي حياتها، دون تقديم الرعاية الصحية. وترى أنّ المسوؤلية الكبرى تقع على عاتق السلطات "التي لم تستعد جيداً لأي أزمة طارئة، بما في ذلك أزمة فيروس كورونا".
وترى أنّ صنّاع السياسة "حاولوا تطبيق أجنداتهم الداخلية، كالخروج من الاتحاد الأوروبي، دون مراعاة النتائج، ومنها غياب الأطر الطبية".
ويأسف مدير قسم "ليستر وليسترشاير وروتلاند" في خدمة إسعاف إيست ميدلاندز، ريتشارد لين، لما تعرضت له المسنّة، إلا أنه في الوقت نفسه يؤكد أنّ استقبال الحالات الطارئة يحصل وفق تقييم طبي، بحيث تُقيَّم المكالمات الواردة من المرضى الذين يعانون من حالات طارئة تهدد الحياة، مثل السكتة القلبية أولاً، ليجري إسعافها، ومن ثم الانتقال إلى إسعاف مرضى الحوادث والكسور.