أعطى مجلس الدولة الفرنسي، أعلى سلطة قضائية إدارية في فرنسا، موافقته من أجل طرد المناضلة الفلسطينية مريم أبو دقّة، اليوم الأربعاء، وذلك باسم حماية النظام العام "في سياق التوتر الكبير" الناجم عن الوضع في الشرق الأوسط، في إشارة إلى الحرب الإسرائيلية المتواصلة على قطاع غزة.
ويأتي قرار مجلس الدولة ليلغي قراراً سابقاً أصدرته محكمة إدارية في باريس، علّقت في خلاله أمر وزارة الداخلية بطردها. وأفاد مجلس الدولة في معرض تفسيره للقرار بأنّ لوزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان الحقّ في التأكيد أنّه كان من الخطأ أن تعلّق القاضية في المحكمة الإدارية بباريس طرد العضو السياسي في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وهي منظمة يسارية تصنّفها إسرائيل كما الاتحاد الأوروبي "إرهابية" منذ عام 2001.
وأقرّ المجلس بأنّ "أيّ إضرار مادي بالنظام العام لم يُلحَظ" في خلال النشاطات العامة التي قامت بها أبو دقّة على الأراضي الفرنسية، لكنّه بيّن أنّ المناضلة الفلسطينية "ليست فقط من أعضاء الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إنّما هي قيادية فيها".
ورأى مجلس الدولة الفرنسي أنّ "وجود قيادية في منظمة تبنّت هجمات ضدّ مدنيين إسرائيليين، على الأراضي الفرنسية (اليوم)، بهدف التعبير (عن الرأي) حول النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني، قد يثير اضطرابات خطرة في النظام العام".
ولفت المجلس إلى أنّ لا رابط يجمع ما بين أبو دقّة وفرنسا "التي وصلت إليها في سبتمبر الماضي وهي لا تتقن لغتها"، مشدّداً على أنّ "طردها لا يمكن أن يُعَدّ (...) مساساً غير قانوني وخطراً بحريتها في التحرّك أو بحريتها في التعبير في أيّ حال من الأحوال".
وكانت أبو دقّة البالغة من العمر 71 عاماً قد أُوقفت بأمر من وزير الداخلية، في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، في مدينة مرسيليا جنوبي فرنسا قبيل توجّهها إلى مدينة تولوز، تمهيداً لترحيلها أو طردها، بحسب ما أفادت حينها منظمة "أورو باليستين" الفرنسية غير الحكومية.
وقد وُضعت أبو دقّة قيد الإقامة الجبرية في إقليم بوش دو رون، في انتظار تنفيذ أمر الطرد، لمدّة 45 يوماً، أي حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وتقدّمت منظمات عدّة تعنى بحقوق الإنسان، من بينها جمعية "محامون للدفاع عن حقوق الأجانب"، باستئناف ضدّ أمر طرد أبو دقّة. وفي 20 أكتوبر، علّقت المحكمة الإدارية في باريس أمر الطرد، إذ رأت أنّه لم يكن "ضرورياً ولا متناسباً مع طبيعة الاضطرابات التي قد تلحق بالنظام العام بسبب وجودها (أبو دقّة)" على الأراضي الفرنسية.
وبيّنت المحكمة الإدارية أنّ أبو دقّة، في خلال وجودها في فرنسا، "لم تدعُ إلى دعم حركة حماس، ولم تُدلِ بتصريحات معادية للسامية، ولم ترتكب أعمال استفزاز عامة للتمييز أو الكراهية أو العنف ضدّ مجموعة من الأشخاص لانتمائهم إلى مجموعة عرقية او أمّة أو إثنية أو دين".
تجدر الإشارة إلى أنّ أبو دقّة وصلت إلى فرنسا في سبتمبر/أيلول الماضي، بطريقة قانونية، آتية من قطاع غزة حيث تعيش، وذلك بدعوة من جهات فرنسيّة مساندة للشعب الفلسطيني. أمّا الهدف من الدعوة فهو جولة في مدن فرنسية عدّة، تسرد أبو دقّة خلالها نضالها من أجل قضية المرأة الفلسطينية.
(فرانس برس، العربي الجديد)