أصدر محافظ العاصمة المصرية القاهرة خالد عبد العال، أمس السبت، القرار رقم 1425 لسنة 2023 الذي قضى بتعديل خطوط التنظيم المعتمدة لإنشاء حديقة أعلى "كراج روكسي" في حي مصر الجديدة، واستخدامها في أنشطة تجارية وإدارية لصالح المحافظة. وطالب القرار باستيفاء الموافقات اللازمة قبل إصدار التراخيص من الإدارة العامة للمرور والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والالتزام بشروط استخدامها.
ويعود تاريخ إنشاء "كراج روكسي" إلى عام 2011 حين افتتح على مرحلتين، الأولى بسعة 900 سيارة والثانية بسعة 800 سيارة. وكان من المخطط إنشاء حديقة فوق الكراج بمساحة 4 آلاف متر مربع، لكن محافظ القاهرة قرر إعادة استخدام هذه المساحة لإنشاء مجموعة من المحال التجارية والمكاتب الإدارية، وتأجيرها لصالح المحافظة بدعوى تحسين مواردها الذاتية.
وقبل أشهر قليلة، أزالت الهيئة الهندسية في القوات المسلحة حديقة "اللوتس" العامة في حي مدينة نصر، شرقي القاهرة، لاستغلال أرضها في إنشاء كراج كبير للسيارات ومحال تجارية، وتوجيه عائدات هذه الأنشطة إلى "جهاز مشروعات الخدمة الوطنية" التابع للجيش، وذلك بعيداً عن الموازنة العامة للدولة.
وواكبت إزالة حديقة "اللوتس" عمليات تجريف واسعة للحديقة الدولية التي تطل على شارع عباس العقاد بمدينة نصر، تمهيداً لتحويل أطرافها إلى تجمعات لمطاعم ومقاهٍ على غرار حديقة الطفل. كما أزيلت حديقة الغولف في حي مصر الجديدة، وحديقة الفنون المطلة على النيل في منطقة المنيل بحي مصر القديمة، وكلها كانت تتبع محافظة القاهرة.
وتوسعت مصر في عمليات تجريف وإزالة الحدائق العامة، والمساحات الخضراء، لا سيما في العاصمة القاهرة، بحجة استغلال الأراضي المقامة عليها في تنفيذ استثمارات. وكان أبرزها حديقة "ميريلاند" الأكثر شهرة في مصر الجديدة التي تحوّلت تدريجاً إلى تجمعات لمطاعم ومقاهٍ، رغم أنها كانت أنشئت عام 1949 باسم نادي سباق الخيل، وضمت الكثير من الأشجار المعمرة، وبحيرة مخصصة للمراكب الصغيرة، ومشتلاً لتشجير الحديقة، وأماكن للمشي وشلالات.
ولا تتوقف عمليات قطع الأشجار وإزالة المساحات الخضراء في مناطق القاهرة من أجل إنشاء كراجات ومحطات وقود وأكشاك للوجبات السريعة ومقاهٍ بحجة تطوير الأماكن، ما يفقد العاصمة المصرية طابعها المميز مع مرور الوقت، أما السلطات فتزعم أن "الأشجار تستهلك كميات كبيرة من المياه، في وقت دخلت مصر مرحلة شحّ في المياه تحتم منح أولوية لاستغلال المساحات في تنفيذ مشاريع استثمارية تدر دخلاً على أجهزة الدولة".
وفي 3 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انضم الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية عمرو موسى إلى وقفة احتجاج نظمت في ضاحية الزمالك بقلب القاهرة لمطالبة الأجهزة التنفيذية بوقف أعمال إزالة الأشجار المطلة على ضفاف النيل، وردم أجزاء منه تمهيداً لإقامة مشروع كراج سيارات في شارع سراي الجزيرة بطول 300 متر.
وشارك في الوقفة عدد من الشخصيات العامة التي تقطن في الزمالك، بينها وزير الخارجية السابق نبيل فهمي، ووزير التجارة والصناعة والسياحة السابق منير فخري عبد النور، ونائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير التعاون الدولي السابق زياد بهاء الدين. ونددت هذه الشخصيات بشروع محافظة القاهرة في تنفيذ مشروع الكراج من دون العودة إلى السكان، وتجاهل مراعاة المظهر الحضاري لحي الزمالك الراقي.