"القاتل الصامت" في المغرب: عدّاد ضحايا سخانات المياه لا يتوقف

31 يناير 2024
سخانات المياه قد تزهق الأرواح في غياب شروط السلامة (فيسبوك)
+ الخط -

أعاد مصرع أربعة أشخاص في ظرف 24 ساعة، من جراء حوادث مرتبطة بالاستعمال غير الآمن لسخانات الماء، إلى الواجهة خطر ما يوصف بـ"القاتل الصامت" في المغرب.

وشهد عدد من مناطق المغرب خلال الآونة الأخيرة حوادث مفجعة ومآسي بطلها سخان الماء، كان من أبرزها مصرع 3 طالبات ليلة أمس الثلاثاء، إثر تسرب غاز البوتان من سخان ماء، بمنزلهن بحي ميكستا بمدينة مرتيل (شمال المغرب).

وقبل ذلك بساعات قليلة لقيت سيدة مصرعها أول من أمس الاثنين بمدينة طنجة (شمال) نتيجة تعرضها لحادث اختناق بسبب تسرب غاز البوتان، فيما جرى نقل زوجها وابنها في حالة حرجة إلى قسم الطوارئ بمستشفى محمد الخامس بالمدينة ذاتها.

وكانت مدينة وجدة (شرق البلاد) قد اهتزت، في 23 يناير/ كانون الثاني الحالي، على وقع مصرع شابة عشرينية، بعد تعرضها لاختناق بغاز سخان المياه.

وبينما فتحت المصالح الأمنية تحقيقا عاجلا في مصرع الضحايا لمعرفة ملابسات تلك الحوادث المؤلمة، اعتبر رئيس "الجامعة الوطنية لحماية المستهلك" (غير حكومية) بوعزة الخراطي، تلك الحوادث معضلة تحصد أرواح المغاربة في ظل الفشل إلى حد الساعة في ضبطها.

ويرجع الخراطي، في حديث مع "العربي الجديد"، فواجع "القاتل الصامت" في المغرب إلى أسباب عدة منها بدرجة أولى عدم توفر تهوية كافية لمنع تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون داخل المنازل، وعدم توجيه الغاز المحترق نحو الخارج عبر قنوات ملائمة، موضحا أن بعض المهندسين المعماريين لا يأخذون مسألة التهوية بعين الاعتبار، عبر وضعهم سخان الماء داخل المطبخ أو الحمام، في وقت تقتضي السلامة وضعه خارج المنزل أو في الشرفة حيث توجد تهوية كافية لمنع تسرب غاز  أكسيد الكربون داخل المنزل.

وفضلا عن عدم التنصيص على إلزامية وضع سخان الماء في مكان مفتوح خارج الشقق في التصاميم الهندسية، تبقى مسؤولية مصالح الوقاية المدنية قائمة في ما يخص التأكد من توفر سلامة جميع الأماكن والآليات التي تؤثر سلبا على سلامة المواطنين، وفق الخراطي.

وتبقى من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى حوادث مفجعة، بحسب المتحدث ذاته، عدم التزام الكثير من المواطنين باقتناء أجهزة تحمل علامة "م C" أي مطابق للمعايير، إذ لا تزال السوق المغربية تعرف تجارة السخانات المستوردة من طرف المغتربين المغاربة في مختلف بلدان العالم، علاوة على رواج تجارة الأجهزة المستعملة والمهربة.

ويلفت إلى أنه فضلا عن مسؤولية المستهلك عن اقتناء أجهزة مهددة لسلامته، يقع على مهنيّ الرصاص (السباك) جانب من المسؤولية عن تلك الحوادث خاصة أنه يلعب دورا مهما في التوجيه لاقتناء الجهاز، وكذلك المسؤولية في السلامة.

ويطلق على أحادي أكسيد الكربون اسم "القاتل الصامت"، وهو غاز ليس له لون ولا رائحة ولا طعم ويتصاعد عند حرق البنزين، أو الخشب، أو البروبان، أو الفحم أو غيرها من الوقود.

وبحسب "المركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية" (حكومي)، فإن حالات الوفاة والتسممات والإصابات التي تقع بسبب غاز أول أكسيد الكربون الناجم عن أجهزة السخانات التي تعمل بغاز البوتان، تكثر في فترة البرد، مرجعا أسبابها إلى قلة التهوية بالمنازل، حيث يتم إغلاق الأبواب والنوافذ لتدفئة الحمام، أو استخدام معدات معيبة أو مثبتة بشكل غير صحيح.

ووفق التقرير السنوي للمركز المغربي لمحاربة التسمم واليقظة الدوائية، الصادر بداية الشهر الحالي، جاءت التسممات بواسطة الغاز في المرتبة الرابعة، خلال عام 2022 بـ 373 حالة (8.8 في المائة)، ويعد غاز أول أكسيد الكربون هو الغاز المتسبب بنسبة أكبر في حالات التسمم هذه بواقع 335 حالة (90.54 في المائة)، تليه 16 حالة من التسمم بالبيوتان (4.77 في المائة).

وكانت المناطق الأكثر تأثرا هي طنجة، تطوان، الحسيمة بـ 161 حالة (43.51 في المائة)، تليها منطقة بني ملال، خنيفرة بـ 82 حالة (22.16 في المائة)، والمنطقة الشرقية بـ 41 حالة (11.08 في المائة).

ومن بين هذه التسممات، حدثت 198 حالة في المنزل (53.51 في المائة) مع تفوق في البيئة الحضرية (70.54 في المائة). وسجلت خمس حالات وفاة، مما يمثل معدل وفاة يبلغ 0.01 في المائة وكانت جميعها بسبب أول أكسيد الكربون.

 

 

المساهمون