الفلسطيني نبيل غانم... أحدث شهداء لقمة العيش

22 يونيو 2022
الشهيد الفلسطيني نبيل غانم (فيسبوك)
+ الخط -

تحت ضغط عائلته، قرر الفلسطيني نبيل غانم (53 سنة) أن يكون أول من أمس الأحد آخر يوم عمل له في الداخل المحتل عام 1948، بعد أكثر من ثلاثين عاماً قضاها في العمل، لكن لم يكن أحد يتوقع أن يكون هذا اليوم هو الأخير في حياته، إذ قتله جنود الاحتلال الإسرائيلي خلال محاولته اجتياز إحدى فتحات الجدار العازل، ثم تم احتجاز جثمانه.
كان غانم يقطن في بلدة "صرة"، إلى الغرب من مدينة نابلس، ووصل إلى جدار الفصل العنصري المقام على أراضي مدينة قلقيلية، على أمل أن يمر من فتحة فيه إلى مدينة جلجوليا في الداخل الفلسطيني، حيث يعمل في مجال المقاولات.
يقول نجله معتصم غانم لـ"العربي الجديد": "كنت معه، ومعنا عدد من العمال. لم نستطع المرور نظراً لوجود قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مكثف، وفي الساعة السابعة والنصف صباحاً قررت العودة، وطلبت منه مرافقتي، لكنه أصر على المرور، وبعد نحو ساعتين اتصلت على هاتفه فلم يجب، فاتصلت على هاتف أحد العمال الذين كانوا معه، فأبلغني أن جنود الاحتلال اعتقلوا أبي. الاحتلال يعتقل عشرات العمال يومياً، خاصة الذين يدخلون عبر (الفتحات)، نظراً لعدم امتلاكهم تصاريح مرور، وغالباً يتم إطلاق سراحهم لاحقاً".
لم يكن معتصم يملك طريقة للاطمئنان على والده، فأبلغ عائلته بأن الاحتلال قد اعتقله، لتبدأ العائلة اتصالاتها لمعرفة مصيره، قبل أن تبدأ وسائل الإعلام بتناقل نبأ وجود شهيد بين العمال الفلسطينيين قرب مدينة قلقيلية.
يتابع معتصم: "لم نتوقع أن يكون أبي هو الشهيد، ولم نصدق الخبر حتى نشرته وزارة الصحة الفلسطينية، وبدأ الجيران والأقارب يتوافدون على منزلنا. ليتني أصررت على أن يعود معي. لماذا قتلوه؟ ماذا فعل رجل خمسيني لا يحمل سوى زوادة الطعام حتى يطلق عليه الرصاص؟".
والشهيد نبيل غانم أب لأربعة أبناء وبنتيْن، أصغرهم عمره 10 سنوات، وهو أسير مُحرر من سجون الاحتلال قضى خلف القضبان 5 سنوات خلال فترات مختلفة.
ويشير نجله الأكبر معتز غانم إلى أن "الاحتلال يرفض حتى الآن تسليم الجثمان، ولا يوجد أي توضيح لما جرى، ولا لأسباب احتجاز جثمانه. أبي كان أسيراً في سجون الاحتلال، لذلك فهو محروم من الحصول على تصريح عمل في الداخل المحتل، لكنه أسوة بالآلاف من أبناء شعبنا يسعى وراء لقمة عيشه، ويسلك أي طريق لذلك".

ويواصل معتز: "طلبنا منه مراراً وتكراراً عدم الذهاب إلى هناك، لكنه كان يرفض لأن تكاليف الحياة ومتطلبات العائلة كثيرة، وقد اقتنع في نهاية الأسبوع الماضي بوجهة نظرنا، وقرر ترك العمل في الداخل، على أن يكون الأحد هو يومه الأخير. الاحتلال حرمه من حضور تخرجي من الثانوية العامة في عام 2009، باعتقاله، ثم حرمه من حضور تخرجي من جامعة مغربية، بسبب منعه من السفر، واليوم يحرمه فرحة زواجي الذي كان ينتظره".

بدوره، عبّر الأمين العام للاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين، شاهر سعد، عن الغضب من جريمة اغتيال العامل نبيل غانم، مؤكداً أن حكومة وجنود الاحتلال مستمرون في اتخاذ إجراءات همجية مشددة بحق العمال الفلسطينيين الذين يبحثون عن لقمة عيشهم الصعبة.
وقال سعد لـ"العربي الجديد": "عدد شهداء لقمة العيش منذ بداية عام 2022 بلغ 38 شهيداً، إما نتيجة إصابات العمل بسبب غياب الرقابة على الصحة والسلامة المهنية، أو نتيجة الاغتيالات على الحواجز والفتحات التي يمر منها العمال. حكومة الاحتلال تتعمد استمرار التضييق على العمال الفلسطينيين، ويومياً هناك ملاحقات واعتقالات وإصابات، أو شهداء".

المساهمون