ربطت بين الشابين الفلسطينيين عز الدين حمامرة (22 عاماً) وأمجد خليلية (21 عاماً) علاقة صداقة قوية، انتهت باستشهادهما معاً يوم 14 يناير/ كانون الثاني، بعد اغتيالهما من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب اشتباك مع مقاومين جنوبي جنين، شمالي الضفة، ليُسطّرا حكاية صمود ومقاومة للاحتلال حتى الشهادة.
حكاية قال عنها والداهما لـ"العربي الجديد" إنها "بدأت منذ سنوات الطفولة، إذ درسا في صف مدرسي واحد، وكانا يقضيان مع بعضهما وقتاً أكثر من عائلتيهما، ووحّدهما حب المقاومة والتعلق بالوطن إلى أن شاء الله أن يرتقيا شهيدين في اليوم نفسه".
وتؤكد مصادر لـ"العربي الجديد" أن الشهيد خليلية، الذي وصفته "مجموعات جبع" بمسؤول وحدة الهندسة؛ كان يعد العبوات محلية الصنع، فيما كشفت "سرايا القدس- كتيبة جنين" التابعة لحركة الجهاد الإسلامي، خلال مؤتمر صحافي سابق؛ أنّ الشهيدين اللذين استشهدا برصاص الاحتلال بعد ملاحقتهما إلى قرية الفندقومية جنوبي جنين، عقب اشتباك معهما قرب مدخل بلدتهما جبع، جنوبي جنين؛ كانت لهما عدة مواجهات مع قوات الاحتلال في معسكر دوتان (جنوب غربي جنين)، وكانا يتوجهان إلى مخيم جنين خلال اقتحامه.
عمل حمامرة في بيع الخضار بمحل يملكه في مسقط رأسه جبع، وكذلك على مركبة للتوزيع. ويقول والده، باسل حمامرة، إنّ ابنه كان محباً لوطنه، مدافعاً عن كرامته، وعن المسجد الأقصى، ويتابع: "هذه الطريق هو من اختارها، ومنذ أن كان بعمر الخامسة عشرة كان يتحدث عن الوطن والنضال والقدس، تأثر باثنين من أعمامه اللذين اعتقل أحدهما 25 عاماً، والآخر 6 سنوات".
ويضيف: "تأثر عز الدين وصديقه أمجد بالشهيدين كامل علاونة الذي استشهد في 3 يوليو/ تموز الماضي، ورفيق غنام الذي استشهد في 6 يوليو، فضلاً عن الشهيد أمجد الفاخوري، أحد أبرز قادة كتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح، وقد استشهد ابني وهو يرتدي قلادة تحمل صورته من شدة تأثره به".
اعتقل عز الدين حمامرة في سجون الاحتلال قرابة 14 شهراً، وأفرج عنه قبل ثلاثة أشهر فقط، وكان نشاطه النضالي قبل الاعتقال يتسم بالسرية، لكنه بعد أن خرج بعشرة أيام فقط، حمل البندقية، وأصبحت مقاومته علنية.
يؤكد والده أنه اختار طريقه، ووضع المحبس (خاتم خطوبة) على فوهة بندقيته، وكان دائماً يمازح والدته بالقول إنّ خطيبته هي "البارودة".
انتمى عز الدين، كما يروي والده لـ"العربي الجديد"، إلى حركة فتح، و"اعتقل وخرج بعدها، لكن للأسف، تنظيم حركة فتح لم تكن لديه القدرة على دعمه بما يلزمه، فعمل مع إخوته في حركة الجهاد الإسلامي"، وتابع بالقول: "فتح والجهاد وحماس كلهم إخوة".
أما أمجد خليلية، فكان كما يقول والده عدنان يعمل في الأراضي المحتلة عام 1948 في قطاع البناء، لكنه ترك العمل قبل عام، والتحق بعمل آخر في مجال الحديد بالضفة الغربية، ويصفه والده بالخلوق والمتدين، ويشير إلى أنه أصغر أبنائه السبعة.
ويتابع والده: "كان أخاً لعز الدين ومثله، أحب المقاومة والوطن وعبّر عن ذلك منذ كان في سن الثالثة عشرة، وتأثر بشقيقه الذي اعتقل في سجون الاحتلال، وكذلك بصديقه المقرب الشهيد كامل علاونة".
رفض كل من عز الدين وأمجد تسليم نفسيهما، فكما يروي حمامرة، اتصل ضابط مخابرات الاحتلال بابنه، قبل عشرين يوماً، مهدداً إياه بالقتل، وبأنه لم يعد يريد منه أن يسلّم نفسه؛ لأنّ ملفه أصبح لدى وحدات "الدوفدوفان" ("المستعربون" هي وحدة قوات خاصة من وحدات النخبة الإسرائيلية)، في إشارة إلى قرار تصفيته، لكن ذلك بحسب حمامرة لم يثنِ ابنه عن مواجهة قوات الاحتلال، حين يسمع عن تحركات أمنية قرب بلدته.
أما عدنان خليلية الذي قابل ابنه آخر مرة قبل ثلاثة أيام من استشهاده، فيقول إن لا أحد يحب أن يفقد ابنه، لكنها طريقه التي اختارها، فقد رفض بشكل قاطع أن يسلم نفسه، رغم مطاردته منذ أربعة أشهر، واقتحام قوات الاحتلال منزل ذويه عدة مرات، والاتصالات المتكررة من مخابرات الاحتلال.
أمجد وعز الدين شهيدان مقاومان في مجموعات جبع، التي ظهر اسمها في بيان نشرته كتيبة جنين في سبتمبر/ أيلول من العام الماضي، كواحدة من المجموعات العسكرية المقاومة المتنامية في الضفة الغربية، والتي يسعى الاحتلال لإنهائها.