الفتى الفلسطيني سلطان خطاطبة... حلاق بلدة بيت فوريك شهيد العيد

17 يونيو 2024
الفتى الشهيد سلطان خطاطبة (العربي الجديد)
+ الخط -
اظهر الملخص
- في ليلة عيد الأضحى، تحولت فرحة عائلة خطاطبة بنجاح ابنهم سلطان في افتتاح صالون حلاقة إلى حزن بعد قتله من قبل الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحام بيت فوريك، مما يعكس الواقع المؤلم للبلدة التي تعاني من اقتحامات مستمرة ومواجهات.
- بيت فوريك تواجه تحديات متعددة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، منها الحواجز العسكرية التي تحول دون حرية تنقل السكان وتحاصر البلدة، إضافة إلى الاستيلاء على الأراضي وتوسيع المستوطنات.
- النقص الحاد في المياه والتلوث بسبب منع حفر آبار ارتوازية، والاستيلاء على أراضي خربة طانا، يضيفان إلى معاناة سكان بيت فوريك، مما يدفع العديد من العائلات إلى مغادرة منازلهم قسرًا.

لم يصدّق عبد الرحمن خطاطبة (45 عاماً) نفسه وغمرته الفرحة عندما أنهى نجله الأكبر سلطان (16 عاماً) دورة في قص الشعر (كوافير)، وسارع إلى افتتاح صالون حلاقة له في الحارة الشرقية من بلدة بيت فوريك شرقي مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، لكن الاحتلال الإسرائيلي أبى أن تكتمل هذه الفرحة، وقتل الطفل في ليلة عيد الأضحى، عندما اقتحم البلدة فجأة وأطلق الرصاص على المواطنين والشبان والفتيان الصغار الذين تصدوا له بصدور عارية ورشقوه بالحجارة.

يقول علاء حنني، الناشط في صفحة "بيت فوريك أولاً" على "فيسبوك" لـ"العربي الجديد": "لم يكن الشهيد سلطان فتى عادياً، بل شاباً طموحاً ومثابراً، وأدار رغم صغر سنه صالون حلاقة كان اشتراه له والده بعدما أنجز دورة الكوافير قبل فترة وجيزة، وأصبح محله قبلة للصغار والكبار معاً بسبب أسلوبه المحبب في التواصل مع الناس بتواضع وتأدب شديدين".

يضيف: "لأن عقله أكبر من سنه كما يقولون، وإدراكاً منه للأوضاع التي يمر بها أبناء بلدته، أعلن قبل أيام قليلة فقط مبادرة لتخفيض سعر الحلاقة للكبار والصغار، ما لاقى استحساناً وتقديراً. وكان والده عبد الرحمن من أشد المتحمسين لإنجاح المبادرة التي باتت حديث الشارع".

وقال والد الشهيد لـ"العربي الجديد": "قبل أن تقتحم قوات الاحتلال الإسرائيلي البلدة بوقت قصير ذهبت إلى الصالون وأخذت معي ماءً بارداً وعصيراً، وجلست عند ابني فترة قليلة كونه كان مشغولاً بالزبائن. وما كدت أن أغادر حتى علمت عبر صفحات البلدة أن جيش الاحتلال اقتحمها، فاتصلت فوراً بابني لكنه لم يجب، وهذا لم يحصل سابقاً، فتوجهت من جديد إلى صالون الحلاقة فكان مغلقاً فقلت في عقلي خلص الصبي راح، ولا أدري لماذا قلت هذا الكلام، ولم يخطئ حدسي".


تابع الأب لدى وقوفه بين جموع المواطنين الذين التفوا حوله لمواساته: "قتلوا الحلم، وليتهم قتلوني ألف مرة وما أصاب سلطان أي أذى". ويشير إلى أن ابنه كان يحب الشهداء، ويذهب دائماً إلى مقبرة البلدة للجلوس إلى جانب قبورهم، و"عندما لا تجد سلطان في البيت أو في الصالون، فلا شك أنه يكون جالساً إلى جانب قبور أحد شهداء البلدة خاصة من أبناء جيله، إذ كان يذهب كثيراً إلى هناك، ويقرأ الفاتحة على أرواحهم ويدعو لهم. وهو اليوم يرقد إلى جانبهم. كان وطنياً يعشق ملاحقة الاحتلال والتصدي له، ويرفض الاستسلام والخنوع".

تتعرض بيت فوريك التي يسكنها نحو 25 ألف فلسطيني لاقتحامات دائمة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، ما يؤدي إلى اندلاع مواجهات مع الشبان الذين يتصدون لها. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي استشهد خمسة شبان في البلدة. 

وتتمثل المعاناة الكبرى للأهالي في وجود الحاجز العسكري الإسرائيلي عند مدخل البلدة، حيث يتحكم جنود الاحتلال وفق أمزجتهم في حركة المرور، ويقضي الفلسطينيون غالباً ساعات شاقة وطويلة من الانتظار يومياً قبل أن يسمح لهم بالمغادرة أو العودة إلى منازلهم.

وفعلياً تحوّلت بيت فوريك إلى سجن كبير، إذ تحدّها من الشرق مستوطنة مخورا، ومن الجنوب مستوطنة إيتمار، ومن الغرب الحاجز العسكري السيئ الصيت والسمعة الذي يفصلها عن نابلس. ويحوّل ذلك تنقلات السكان إلى جحيم، خصوصاً ان طرقات الالتفاف مخصصة لمركبات المستوطنين وجيش الاحتلال فقط.

ورغم أن بيت فوريك تقع على أكبر مخزون مائي للحوض الشرقي في فلسطين، تعاني نقصاً حادّاً في المياه والتلوّث بسبب منع الاحتلال حفر آبار ارتوازية بعمق يزيد عن 300 متر. وهو استولى أخيراً على مساحات شاسعة من أراضي خربة طانا التي تقع شرقي البلدة ما دفع عشرات العائلات التي كانت تقيم هناك وتعمل في رعي المواشي وإنتاج الحليب والأجبان إلى مغادرتها قسراً. ويندرج ذلك ضمن مخطط إسرائيلي واضح لتسليم الخربة، بعد تفريغها، لقمةً سائغة للمستوطنين من أجل إنشاء بؤر فيها.

المساهمون