شهدت مدينة العريش بمحافظة شمال سيناء، شرقي مصر، حادثة تحرّش نادرة تعرّضت لها امرأة مصرية من قبل مستقلّي سيارة يغطي زجاجها "الفاميه"، ما يحول دون رؤية من في داخلها. وهذا ما دفع مواطنين إلى تسجيل شكاوى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، يدعون فيها الأجهزة الأمنية للتحرك في اتجاه ملاحقة السيارات ذات الزجاج الداكن لمنع تكرار مشهد التحرّش. فالمحافظة تُعَدّ خالية من ذلك نتيجة تقاليد أهلها وعاداتهم، بالإضافة إلى الاستنفار الأمني والعسكري الدائم في مناطق واسعة منها، عدا عن حالة الالتزام التي تسيطر على غالبية العوائل التي يشكّل البدو جزءاً كبيراً منها.
وفي تفاصيل ما حدث، يخبر أحد سكان حي المساعيد في العريش "العربي الجديد" أنّ "الحي فزع على صراخ سيدة تعرضت لمحاولة تحرّش من قبل بعض الشبان الذين كانوا يستقلون سيارة يغطي زجاجها الفاميه، وهي تسير في أحد شوارع الحي، من دون أن يتمكن أحد من رؤيتهم ثمّ لاذوا بالفرار فور انتباه المواطنين إلى محاولة التحرّش. وهذا ما نشر حالة من القلق في أوساط المواطنين لا سيما النساء منهم. هنّ رحن يشعرن بخطورة التحرّك بمفردهن أو في أوقات معينة، في ظل إمكانية تعرضهن للتحرّش أو السرقة أو الخطف من قبل أشخاص يقودون هذا النوع من السيارات التي عادت للتحرّك في شمال سيناء بعد اختفائها عدة سنوات". يضيف أنّ "الأجهزة الأمنية تتحمل مسؤولية ما جرى، بصفتها المسؤولة عن حماية المواطنين، خصوصاً في مناطق حساسة كالعريش التي تُعَدّ عاصمة للمحافظة وما تمثله من ثقل حكومي وأمني في نظر الجميع".
ويشير المواطن نفسه إلى أنّ "سكان العريش كانوا قد شعروا بالأمان في خلال الفترة الأخيرة بعد سنوات من المعاناة نتيجة الانفلات الأمني الذي ساد منذ عام 2015 وحتى عام 2018، إلا أنّ هذه الأفعال وغيرها تُنبئ بهشاشة الوضع الأمني العام في المحافظة وإمكانية عودة الأمور إلى سابق عهدها، لا سيما أنّ الشكاوى التي ترسل إلى الأجهزة الأمنية لا تؤخذ على محمل الجد والحواجز الأمنية المنتشرة في داخل المدينة بدأت في التراخي ولا تقوم بعملها على أكمل وجه". ويدعو "الجهات المسؤولة في المحافظة إلى إيلاء الأمر أهمية والقيام بحملات أمنية عاجلة لملاحقة السيارات التي تحمل لوحات معدنية وكذلك التي تحجب الرؤية من خلال الفاميه بالإضافة إلى تلك التي تتجاوز السرعة المسموح بها في داخل المدينة، وغيرها من الأفعال التي بدأ المواطنون يلاحظونها في الأشهر الأخيرة".
من جهته، يقول صاحب محل إكسسوارات سيارات في العريش لـ"العربي الجديد" إنّ "الإجراءات الأمنية المتعلقة بمتابعة تركيب الفاميه انخفضت بشكل ملموس في خلال الفترة الأخيرة، نتيجة تحسّن الوضع الأمني العام في المحافظة، خصوصاً في مدينة العريش، بعد غياب نشاط تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم داعش الإرهابي عن المدينة. فالتنظيم الإرهابي يستخدم سيارات ذات زجاج مغطّى بالفاميه، وبناءً على ذلك كانت قوات الأمن تمنع المواطنين من تركيبه وتلاحق كل من يخالف القرارات وتحظر العمل به في محال الإكسسوارات وقطع غيار السيارات والزجاج". يضيف أنّه "بعد الهدوء غابت المتابعة الأمنية لهذا الملف وباتت سيارات الفاميه تتجول في مدينة العريش كما كانت الحال سابقاً، ما يمثّل تهديداً حقيقياً للمواطنين من إمكانية التعرض لاعتداءات مختلفة الأشكال من قبل ركاب هذه السيارات. يُذكر أنّ تركيبه يتبعه نزع اللوحة المعدنية التي تحمل رقم السيارة والتي توضع في مؤخرتها".
ويبدي صاحب المحل ذاته استغرابه من "تعامل الأجهزة الأمنية مع هذا الملف، من خلال السماح بإدخال الفاميه إلى العريش ومدن شمال سيناء، في حين يمنع كثيراً من قطع غيار السيارات والإكسسوارات الضرورية من قبيل البطاريات والكاوتشوك، بحجة الحرص على عدم وصولها إلى أيدي العناصر الإرهابية في المحافظة، متجاهلة معاناة آلاف المواطنين أصحاب السيارات الذين هم في حاجة ماسة إلى هذه المواد بشكل عاجل ليستمروا في استخدام سياراتهم". ويلفت إلى "فشل كل المناشدات والمطالبات بتحقيق شيء ما على مدار السنوات الماضية، منذ فرض الحصار الشامل على المحافظة من قبل قوات الجيش المصري قبل سنوات عدة، إبان العملية العسكرية الشاملة التي انطلقت في فبراير/ شباط 2018 واستهدفت القضاء على تنظيم ولاية سيناء الإرهابي في المحافظة".