أشعل استمرار السلطات الفرنسية في رفض منح مواطنين مغاربة تأشيرات دخول إلى أراضيها على الرغم من توفّر كلّ الشروط المطلوبة لديهم، مجدّداً، غضب المنظمات الحقوقية في المغرب.
ورأت "المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد" (غير حكومية) قرار فرنسا "خارج القوانين الدولية والاتفاقية الدولية، من بينها حرية تنقّل الأشخاص". وأفادت المنظمة في بيان لها، اليوم الأربعاء، بأنّ "القرارات المعادية للمغاربة في ما يتعلق بإصدار التأشيرات لا تحترم فلسفة الديمقراطية، وسط غياب احترام حرية تنقّل الأشخاص"، كذلك فإنّها "تُعَدّ في حدّ ذاتها وبالإجماع إجراءات ضدهم (المغاربة)، ولا تخدم مصالحهم في ما يتعلق بطابعها التمييزي الذي يتّضح من خلال الرفض المنهجي لإصدار هذه الوثيقة لجميع الفئات الاجتماعية والمهنية من دون أيّ مبرر ودافع منطقيَّين ومقنعَين".
وفي هذا الإطار، قال الأمين العام للمنظمة المغربية لحقوق الإنسان ومحاربة الفساد نبيل وزاغ لـ"العربي الجديد" إنّ منظمته "تلقّت في الأيام الماضية عشرات الشكاوى والاتصالات من مواطنين مغاربة تقدّموا بطلبات للحصول على تأشيرة لدى السفارة الفرنسية في المغرب أو المصالح التابعة لها، وفقاً لما ينصّ عليه القانون، لكنّهم حُرموا من حقّهم هذا".
وحمّل وزاغ "الاتحاد الأوروبي مسؤولية هذا الوضع"، مشيراً إلى أنّ "التحجّج بإنقاذ الدول الأعضاء في الاتحاد هو موقف يتعارض مع وضعه ومبادئه الأساسية". ونبّه المسؤول الحقوقي إلى "تداعيات هذه القضية التي تهمّ كلّ شرائح الشعب المغربي"، مطالباً بـ"تقديم تفسيرات وحجج قانونية معقولة تبرّر هذا الموقف الذي لا يعتمد على أيّ أساس" بالنسبة إليه.
وكان قرار الدول الأوروبية، في الأشهر الماضية، تقليص عدد التأشيرات الممنوحة للمغاربة، قد أثار غضباً. وتُرجم ذلك بوقفة احتجاجية أمام مقرّ بعثة الاتحاد الأوروبي في الرباط، في بداية شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022، للتنديد بحرمان السفارة الفرنسية خصوصاً عشرات آلاف المغاربة من التأشيرة من دون مبرّر قانوني ومع خلفية سياسية تمييزية، بحسب منظمي الوقفة. وأتت تلك الوقفة تحت شعار: "حقوق الإنسان لا تقبل المساومة يا ماكرون"، في إشارة إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وانتقل الغضب الشعبي الذي تقوده منظمات حقوقية في المغرب، مع استمرار رفض السلطات الأوروبية، خصوصاً الفرنسية، منح عدد من المغاربة تأشيرات دخول إلى أراضيها، إلى مرحلة جديدة، وذلك بعد أن تقدّمت المنظمات بشكوى أمام اللجنة الأممية المعنية بالحقوق المدنية والسياسية.
وفي الأسابيع الماضية، بدا لافتاً اتّساع دائرة رفض منح تأشيرات لفئات، لتشمل وزراء ومسؤولين سابقين وأطباء ومهندسين كانوا ينوون المشاركة في لقاءات علمية تحتضنها فرنسا، إلى جانب فنانين ورجال أعمال وطلاب ومواطنين اعتادوا زيارة فرنسا منذ سنوات طويلة والحصول على تأشيرات طويلة الأمد.
وكانت الحكومة الفرنسية قد قرّرت في سبتمبر/ أيلول من عام 2021 "تشديد شروط منح تأشيرة الدخول" للمتقدّمين من دول المغرب العربي الثلاث؛ تونس والجزائر والمغرب. وخفّضت العدد السنوي المسموح به بنسبة 30% للتونسيين و50% للجزائريين والمغربيين. لكن بعد مرور نحو عام على تلك الإجراءات، خُفّفت القيود المفروضة عن التونسيين والجزائريين، في حين ازدادت حدّة بالنسبة إلى المغاربة، الأمر الذي أثار غضباً متصاعداً في البلاد، وصل إلى حدّ المطالبة بمقاطعة المنتوجات الفرنسية ومعاقبة باريس.
تجدر الإشارة إلى أنّ إجمالي عدد المغاربة الذين تقدّموا بطلب الحصول على تأشيرة الاتحاد الأوروبي "شنغن" بلغ في العام الماضي 157 ألفاً و100 شخص، في حين رُفض 39 ألفاً و520 طلباً، وهو ما يمثّل إجمالي 27.6%، الأمر الذي يعني أنّ معدّل الرفض أعلى بكثير مقارنة بمتوسط معدّل الرفض العالمي لطلبات تأشيرة "شنغن".
وقد كشف تقرير صادر عن الهيئة العامة للأجانب في فرنسا أنّ القنصليات الفرنسية في المغرب أصدرت 69.408 تأشيرات فقط في عام 2021 مقارنة بـ342.262 تأشيرة في عام 2019، و98 ألف تأشيرة في عام 2020 على الرغم من تقييد السفر الدولي على خلفية أزمة كورونا الوبائية.