العقاب اسم مؤنث في اللغة العربية، حيث يقال "هذه العقاب". وهي طيور جارحة تصطاد فريستها لنفسها فتقتلها وتأكلها، على عكس النسر الذي يبحث عن الجيف أو الأجسام الميتة والمتعفنة ليتغذى عليها. ومن الجدير ذكره أن العقبان نادراً ما تأكل حيوانات ميتة، ولكن تتناول لحوماً طازجة في حال لم تعثر على فريسة تلتهمها، فقد نراها في بعض الأحيان النادرة جداً تحاول أكل ما يرميه الجزارون في النفايات بالقرب من القرى.
إن عدد أنواع العقبان في العالم هو 68 نوعاً، منها 11 نوعاً في أوروبا، بينما يصل عددها إلى 13 نوعاً في الشرق الأوسط. أما في لبنان فعددها وصل إلى 11 نوعاً، وهي من الأصغر إلى الأكبر: عقاب مسيرة، عقاب رقطاء صغرى، عقاب بونيللي، عقاب نسارية، عقاب قصيرة الأصابع، عقاب رقطاء كبرى، عقاب السهوب، عقاب إمبراطورية، عقاب ذهبية، عقاب سوداء، وعقاب بيضاء الذيل. العقبان الثلاثة الأخيرة متخصصة بطعام معين، فبيضاء الذيل تأكل الأسماك، والسوداء مغرمة بأكل حيوان الطبسون المنتشر في سلسلة جبال لبنان الغربية، أما العقاب الذهبية فتصطاد صغار الحيوانات الكبيرة ولا تتورع عن مهاجمة هذه الحيوانات الشرسة كالدب والأسد والنمر والفهد والذئب. فهي لا تهاب حجم الحيوان ولا يهمها نوعه. فيمكنها خطف صغار الأسود بعد أن تناور أهلها، ولقد صورها أحدهم وهي تهاجم الدب من وراء رأسه لتفقأ عينيه لكي يتوقف عن مساعدة وحماية صغاره. وهي تصطاد الأفاعي والتماسيح الصغيرة. ولعل أحب فريسة على قلبه هي الوعول الصغيرة فتخطفها عندما تراها في موقف صعب كأن تراها قد انزلقت عن صخرة فوق شير وبقيت معلقة لا تستطيع العودة إلى مكانها ولا تريد أن تقع في الهاوية، فتأتي العقاب الذهبية إليها وتقبض عليها بمخالبها القوية والطويلة وتطير بها إلى عرينها لتأكلها فيه أو لكي تطعم صغارها منها. ويساعدها نظرها الذي هو أقوى من قوة نظر الإنسان بثماني مرات في تسهيل جلب قوتها، يضاف إلى ذلك أنها تستطيع أن ترى فرائسها من على بعد ثلاثة كيلومترات.
أما العقاب قصيرة الأصابع فهي متخصصة بأكل الأفاعي والثعابين فتراهم يزحفون على الأرض بين الحشائش من مسافة أقلها كيلومتر واحد حسبما تبين لنا في محمية أرز الشوف (جبل لبنان). هناك شاهدناها في خلال رحلة تدريبية على مراقبة الطيور وهي على ارتفاع 500 متر تطير بسرعة الرياح المواجهة لها فتبقى في مكانها ثابتة تراقب الأرض، وبعد أن عثرت على أفعى نزلت إليها على مسافة نحو ألف متر لتلتقط الأفعى وتطير بها. وبهذا تمكنا من قياس المسافة التي تحدثنا عنها. وفي أميركا الشمالية تعيش العقاب الذهبية أيضاً ولها نفس صفات تلك الموجودة في العالم القديم، ولكنها تتشارك السماء مع نوع غير موجود في العالم القديم وهو نوع العقاب الصلعاء، مع أنها غير صلعاء إنما ريش رأسها ورقبتها لونهما أبيض. ولقد اتخذت الولايات المتحدة هذه العقاب شعاراً وطنياً لها وهو شعار مبين على جوازات السفر الأميركية والشعارات والرموز الحكومية. وتقوم هذه العقاب الصلعاء، التي تتقارب مع الذهبية بالحجم، بما تقوم به هذه الأخيرة من حيث القوة والشراسة وانتقاء الطرائد.
وفي أميركا الوسطى والجنوبية، خاصة البرازيل، تنتشر العقاب هاربي المتخصصة بصيد القرود في المناطق الاستوائية، خاصة القرد كابوتشين الذي سمي كذلك لأن فروة رأسه لها شكل قبعة الرهبان الكبوشيين حسب المراجع العلمية.
إن العقبان عموماً قادرة على قتل أي طائر قد يعترضها، كالغربان التي تهاجمها أثناء مرورها في مناطق تفريخ هذه الأخيرة، ولكنها، أي العقبان لا تعيرها اهتماماً وتكمل طريقها. أما إذا مرت بالقرب من مكان تفريخ الصقر الشاهين، فمن الطبيعي أن لا يتعرض لها هذا الصقر، إلا إذا شعر بأن فراخه في خطر شديد، وعندها يهاجم الصقر العقاب من الخلف، بينما العقاب مطمئنة إلى أنه ليس هنالك من سيجرؤ على مواجهتها، ويضربها بلمح البصر بمخلبه الخلفي على رأسها ويرديها ميتة. ولكن إن أخطأها مرة فإنه قد لا يفلت في المرة الثانية من مخالبها.
(اختصاصي في علم الطيور البريّة)