"العربي الجديد" يوثق شهادات روس يعرضون زواجاً وهمياً مقابل المال
"العربي الجديد" يوثق شهادات روس يعرضون زواجاً وهمياً مقابل المال: ما دوافعهم وكيف تلاحقهم السلطات؟
انتشرت الزيجات الوهمية أخيراً في روسيا، من خلال إعلانات لمواطنين روس يعرضون مثل هذه الخدمات على مواقع تواصل روسية مثل "VK". محتوى الإعلانات يكون كالآتي: "فتاة عمرها 34 سنة، على استعداد للدخول في زواج وهمي. لديّ جنسية الاتحاد الروسي، وأنا في منطقة كالوغا (مدينة روسية)"، وإعلان آخر من قبيل: "أقترح ترتيب زواج وهمي مقابل أجر، أنا رجل عمري 29 سنة، مواطن من الاتحاد الروسي، لم يتزوج قَطّ، إذا كان هذا يهمّ، على استعداد لأي أغراض مقابل المال".
تنتشر مثل هذه الإعلانات بكثرة على وسائل التواصل، مواطنون روس على استعداد للزواج بأجانب فقط من أجل الحصول على الأموال.
"العربي الجديد" اقترب أكثر من هؤلاء المواطنين، وتحدث معهم لمعرفة الأسباب الحقيقية التي دفعتهم إلى مثل هذه التجارة غير القانونية.
فيكتوريا: أريد 100 ألف روبل روسي لأكون زوجة لمدة عام
فيكتوريا، وهو اسم مستعار لمواطنة روسية، تبلغ من العمر 34 عاماً، تعرض نفسها للزواج الوهمي للحصول على المال. تقول لـ"العربي الجديد": "أنشر إعلانات على وسائل التواصل مثل VK، وأعرض نفسي للزواج الوهمي، حتى الآن أنا لست متزوجة، تحدث معي شخصان من أوزبكستان وطاجيكستان، ولكن لم أنفّذ أي خطوة، لأننا لم نتوصل إلى اتفاق على المقابل المالي. أنا أريد 100 ألف روبل روسي لأكون زوجة لمدة عام واحد، لكنّ المتصلين اعترضا على هذا المبلغ، وما زلت أبحث حتى الآن عن أشخاص آخرين".
وتوضح فيكتوريا، قائلة: "لديّ عمل، ولكن الظروف الاقتصادية الحالية سيئة، وراتبي لا يكفي للعيش بنحو جيد، كنت على علاقة سابقة مع صديق وأنجبت منه طفلاً يبلغ من العمر ثلاث سنوات، ولم يعترف به بشكل قانوني ليتهرب من دفع النفقة، والطفل يحتاج إلى مصاريف، الدولة تدفع بعض المساعدات للطفل شهرياً، ولكنها لا تكفي، لذلك أنا أبحث عن أي وسيلة نستطيع العيش بها أنا وابني".
وتتابع فيكتوريا حديثها: "أعلم أن مثل هذه التجارة غير قانونية تماماً، وإذا اكتُشِفَت سيكون هناك عقوبات إدارية وطرد الزوج الوهمي من البلاد، ولكن أنا مضطرة إلى فعل ذلك. نحن نعيش في قرية وسط ظروف سيئة، ولست أنا وحدي من الفتيات الروسيات اللواتي يعملن في هذا المجال، فصديقتي هي من عرفتني إلى هذا المجال، وهي تعيش الآن بشكل جيد. تزوجت شخصاً عربياً منذ عامين زواجاً وهمياً، وحصل على الأوراق، وهي ما زالت تحصل على المال منه حتى الآن، وتعيش حياة أفضل مما كانت عليه في السابق".
أندريه: وظيفة سهلة للحصول على المال
بدوره، يقول أندريه، وهو اسم مستعار لمواطن روسي، يبلغ من العمر 29 سنة، لـ"العربي الجديد": "أعيش في مدينة يكاترينبورغ، وأعمل في هذا المجال منذ سنة ونصف تقريباً، وتزوجت في وقت سابق فتاة من أوزبكستان. أعطتني المال، وحصلت على الإقامة المؤقتة لمدة ثلاثة أعوام بسبب زواجنا الوهمي، وبعد أن منحت الإقامة الدائمة انفصلنا في مكتب الزاكس (مكتب تسجيل الزواج في روسيا)".
ويضيف: " كل شيء كان طبيعياً، إذ حصلتُ على المال، وأخذت الزوجة الوهمية الأوراق، والحكومة لم تكتشف شيئاً، بل تخوِّف المواطنين عبر الإنترنت فقط، ولكن في الواقع من الصعب اكتشاف الزواج الوهمي، يحدث في بعض الحالات، ولكن نادر جداً، من وجهة نظري".
ويوضح قائلاً: "الوضع في روسيا صعب من الناحية الاقتصادية، وفرص الحصول على عمل ضعيفة، وخصوصاً في المدن البعيدة عن موسكو. وفي القرى، نحن نبحث عن أي وظيفة من أجل الحصول على المال والعيش بشكل جيد. هذه وظيفة سهلة، فقط تحتاج إلى هويتك والذهاب إلى مكتب الـ"زاكس". هذا كل شيء، وبعد ذلك تحصل على الأموال من الشخص الأجنبي دون عناء، أعلم أنها وظيفة غير قانونية، ولكن المخاطرة ليست كبيرة، وأنا أفضل مثل هذا العمل في الوضع الحالي السيئ".
الزواج الوهمي باطل
من جهته، يقول أستاذ القانون الدولي بجامعة الصداقة الروسية، أندريه ديمنتييف، لـ"العربي الجديد": "يعتبر الزواج الوهمي باطلاً من تاريخ إبرامه. وفي الوقت نفسه، تُعتبَر جميع المعاملات المترتبة عنه باطلة. وتنص المادتان 322.2 و322.3 من القانون الجنائي للاتحاد الروسي على المسؤولية الجنائية للتسجيل الوهمي، لمواطن أجنبي أو شخص عديم الجنسية، في مكان الإقامة، في منطقة سكنية في الاتحاد الروسي".
ويضيف ديمنتييف: "في بعض الحالات، سيتعين على المواطن دفع غرامات، أو حتى مواجهة متطلبات فردية أكثر جدية من الوكالات الحكومية. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطر وصف أفعال الزواج "الوهمي" بأنها منظمة للهجرة غير النظامية".
ويتابع: "على سبيل المثال، اتُّخذ قرار سابق من قبل إحدى محاكم منطقة أورينبورغ، وبموجبه تعتبر امرأة مسؤولة عن تنظيم الهجرة غير النظامية بسبب زواج وهمي أبرم مقابل مكافأة مالية مع مواطن أجنبي. لذلك، قبل أن يقرر الأجنبي الدخول في زواج وهمي، يجب عليه أن يوازن بجدية بين الإيجابيات والسلبيات، وأن يحاول دائماً البحث عن طريقة قانونية فقط للحصول على الإقامة أو الجنسية الروسية المرغوبة".
يذكر أن وزارة الداخلية الروسية أعدت في وقت سابق مشروع قانون يهدف إلى استبعاد إمكانية تقنين وضع المواطنين الأجانب في الأراضي الروسية من خلال الزواج الوهمي وإثبات الأبوة الوهمية.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة، إيرينا فولك: "قامت وزارة الداخلية الروسية في الوقت الراهن بإعداد مشروع قانون فيدرالي يهدف إلى إصلاح قوانين الهجرة في ما يخص استخدام الزواج الوهمي، وإثبات الأبوة الوهمية، للحصول غير القانوني للمواطنين الأجانب أو الأشخاص عديمي الجنسية على الحق الرسمي في الإقامة في الأراضي الروسية".
وأضافت أنه خلال 11 شهراً من العام الماضي "اتخذت الهيئات الإقليمية لوزارة الداخلية الروسية نحو 400 قرار حول إلغاء وثائق التصريح التي أُصدِرَت سابقاً لمواطنين أجانب للإقامة في الأراضي الروسية، بسبب الاعتراف بالزواج الباطل لهؤلاء الأشخاص من مواطنين روس في المحكمة"، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة "تاس" الروسية.
ويقضي القانون الحالي "حول الجنسية الروسية" بأنه يحق للمواطنين الأجانب أو الأشخاص عديمي الجنسية التقدم بطلب للحصول المبسط على الجنسية الروسية في حال زواجهم بمواطنين روس لمدة 3 سنوات على الأقل، وكذلك دون مراعاة هذه الفترة الزمنية في حالة وجود طفل مشترك في الأسرة.
