أعلن مسؤول عراقي في بغداد، اليوم الأربعاء، أنّ بلاده تواصل عمليات تطهير الأراضي والمدن من الألغام والمتفجرات من مخلفات الحروب السابقة والعمليات الإرهابية والعسكرية التي شهدتها البلاد بالعقود الماضية، وتتسبب بشكل مستمر في سقوط ضحايا، آخرها مقتل وإصابة نحو 10 مدنيين في البصرة الشهر الماضي، جرّاء انفجار لغم على أسرة أثناء تواجدها في رحلة تخييم شمالي المحافظة.
وقال ممثل العراق بالاتفاقية الدولية لإزالة الألغام، أحمد عبد الرزاق، في إيجاز قدّمه للصحافيين، إنّ العراق تمكّن منذ بدء عمليات تطهير المناطق ورفع الألغام عام 2004 ولغاية الآن من تطهير 53% من مساحات التلوث بالألغام والمخلفات الحربية.
ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) عن عبد الرزاق قوله، إنّ "مساحات التلوث بالألغام والمخلفات الحربية والعبوات الناسفة المتبقية تقدر بـ 2761 كيلومتراً مربعاً".
كلفة مالية متفاوتة لعمليات رفع الألغام والقذائف والمخلفات الحربية والعبوات الناسفة
مبينا أن "أكثر المناطق تلوثاً هي الجنوبية، لا سيما محافظة البصرة التي تعد أكثر المحافظات تلوثاً بالعراق ثم تأتي بعدها المحافظات المحررة"، في إشارة إلى مدن شمال وغربي العراق.
مؤكدا سعي بلاده إلى الحصول على الدعم والمساعدة من الدول في هذا الإطار، متحدثا عن كلفة مالية متفاوتة لعمليات رفع الألغام والقذائف والمخلفات الحربية والعبوات الناسفة، حسب طبيعة الأرض ووعورتها ونوع الألغام، كذلك يتم تحديد السعر حسب طريقة الإزالة إذا كانت يدوية تكون كلفتها عالية أما الإزالة الميكانيكية فتكون تكلفتها أقل، وهذا يعتمد على طبيعة الأرض وتضاريسها وكثافة التلوث فيها".
لافتا إلى وجود منظمات تعمل في الوقت الحالي في العراق بمجال تطهير المناطق من التلوث بالعبوات والمقذوفات والألغام، من بينها "المنظمة الدنماركية (دي آر سي) ومنظمة مساعدات الشعب النرويجي (الم بي أي) ومنظمة ماك البريطانية، فضلاً عن منظمة الـ(دي سي أي) العون الكنسي الدنماركي وغيرها من المنظمات الدولية التي تعمل بالعراق، إضافة إلى الجهود الوطنية متمثلة بوزارتي الدفاع والداخلية والشركات والمنظمات العاملة بالعراق".
ونهاية آب/ أغسطس الماضي، قالت منظمة اليونيسف إن الألغام والمقذوفات غير المتفجرة تسببت بمقتل 35 طفلا، وتشويه 41 آخرين في العراق منذ مطلع العام الحالي 2021.
وأعربت المنظمة عن انزعاجها إزاء زيادة وفيات وإصابات الأطفال بسبب الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب في العراق في الأشهر الأخيرة، وحثت حكومة العراق ومجتمع المانحين على دعم توسيع نطاق أنشطة التوعية بمخاطر الذخائر المتفجرة وتوفيرها.
الأرقام التي ذكرها المسؤول العراقي والمتعلقة بالمساحة المتبقية الملوثة بالألغام في العراق، اعتبرها الناشط البيئي وعضو منظمة نينوى جمال الحديدي "تخمين غير مبني على أسس علمية".
وأوضح الحديدي في حديث لـ"العربي الجديد"، أن الشريط الحدودي العراقي مع عدة دول مجاورة يغصّ بالألغام ولا تخلو قرية أو منطقة منها، وخاصة مع إيران وسورية وتركيا، غير الألغام والعبوات والمقذوفات غير المتفجرة الموجودة ضواحي المدن وفي المحافظات الشمالية الغربية التي احتلها تنظيم داعش".
معتبرا أن "استمرار غياب الطرق العلمية والحديثة في معالجة الأزمة، يعني استمرار سقوط مزيد من الضحايا".
وهو ما أكده المقدم رامي عبد الرحمن العبادي، من مديرية مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية العراقية ببغداد، معتبرا أنّ كل التقديرات التي تتناول مساحة المناطق الملوثة بالألغام، أو ما تبقى منها ونوعها، مبنية على تخمينات وليس على مسح إشعاعي معتمد.
وأضاف العبادي، لـ"العربي الجديد"، أن الكثير من الألغام يبلغ عنها السكان وتتحرك قوات الأمن لتفكيكها أو تفجيرها بشكل مسيطر عليه، والأخطر هي تلك التي تجرفها الأمطار والسيول من مكان إلى آخر، لذا هناك حالة استنفار متواصلة في مناطق كثيرة بالعراق كل شتاء، خاصة بالبصرة والمثنى وميسان وواسط التي تعتبر الأكبر مساحة بملوثات الألغام والمتفجرات".