العراق: عيد الأضحى "يتسلل" رغم المآسي

21 يوليو 2021
لا بدّ من الفرح بالعيد (أحمد الربيعي/ فرانس برس)
+ الخط -

 

مظاهر احتفالات بسيطة ذات طابع عائلي ترافق عيد الأضحى في العراق هذه السنة. الأوضاع الاقتصادية والخدماتية والأمنية والصحية مزرية جداً، لكن لا بدّ من مواكبة العيد، ولو بالحدّ الأدنى.

يحاول العراقيون أن يحتفلوا بالعيد رغم حال بلادهم الغارقة في الأزمات والمشكلات التي لا حصر لها، بدءاً بتردي خدمات الكهرباء والمياه وانخفاض قيمة العملة وغلاء الأسعار، مروراً بارتفاع نسبة البطالة واندلاع سلسلة حرائق خلّفت عشرات الضحايا، وانتهاءً بتداعيات الموجة الثالثة من فيروس كورونا الجديد الذي رفعت عدد الإصابات والوفيات.

خلال فترة إجازة العيد التي حددها مجلس الوزراء من الأحد 18 يوليو/ تموز الجاري إلى السبت 24 منه، اتخذت السلطات مجموعة إجراءات احترازية لمحاولة الحدّ من انتشار الوباء، تضمنت فرض حظر جزئي للتجول وإغلاق المرافق العامة، في وقت تواصل وزارة النفط تزويد أصحاب المولدات المحلية بوقود مدعوم من أجل توفير كهرباء للمنازل التي تشهد ساعات انقطاع تتجاوز الـ 18 يومياً في مدن عدة. رغم ذلك، يواصل العراقيون الحفاظ على العادات والتقاليد المتبعة في استعدادات عيدي الفطر والأضحى، وطقوسهما المختلفة. وشهدت ساحات بيع الأغنام والمواشي في بغداد ومدن عدة إقبالاً واسعاً، بينما أطلقت منظمات شبابية مبادرات لمساعدة الفقراء بعناوين مختلفة، مثل "عيدكم علينا" و"نعيّد سوياً"، و"اصنعوا فرحة الأيتام في العيد" وغيرها، والتي حرصت كلها على توزيع مبالغ مالية تراوحت قيمتها بين 25 و40 ألف دينار (بين 17 و26 دولارا)، وسلل غذائية وأكياس لحم وملابس للأطفال. وركزّت هذه المبادرات خصوصاً على مدن الشمال والغرب التي لا تزال تعاني من دمار هائل بسبب المعارك التي شنّت لطرد مسلحي تنظيم "داعش".

قضايا وناس
التحديثات الحية

تقول الباحثة الاجتماعية شيماء علي (40 عاماً)، وهي من سكان محافظة ديالى شمال شرقي بغداد لـ "العربي الجديد": "يختلف العيد كثيراً عن السابق بسبب جائحة كورونا وحظر التجول والانفجارات والأحداث أمنية التي جعلت عائلات كثيرة تفقد أشخاصاً عزيزين، وحتّم ارتداءهم ثوب الحزن الأسود، في حين لا يستطيع باقي العراقيين إلا أن يتضامنوا مع إخوانهم المتألمين. من هنا أصبح العيد مجرّد أيام تمضي، من دون أي مظاهر فرح بقدومه والتمتع ببهجة أيامه. لكن لا بدّ من الاستعداد لاستقبال العيد عبر ترتيب البيت وتنظيفه وتجهيز حديقته، وشراء ملابس جديدة خصوصاً للأطفال، وتحضير الحلويات، وتخزين الأطعمة مثل أنواع "الكبب" و"التبسي" و"الدولمة"، وحفظها في ثلاجات استعداداً لاستقبال الضيوف.

من جهتها، تتحدث بشرى الطائي (49 عاماً)، وهي معلمة من سكان مدينة الناصرية (جنوب) لـ "العربي الجديد" عن أن سكان مدينتها نسوا فرحة العيد "لأنهم ينتقلون من حزن إلى آخر أكبر حجماً وأعظم أثراً. فالأمهات ما زلن ينعين أبناءهن من أبطال ثورة أكتوبر/ تشرين الأول 2019 الذين تظاهروا للمطالبة بوطن على قدر الآمال والتطلعات، قبل أن يمتزج الحزن في 12 يوليو/ تموز الجاري بدخان حرق أجساد مرضى في مستشفى الناصرية، ما أطفأ فرحة عائلاتهم التي ترقبت عودتهم بحلول العيد، وهو ما لم يحصل. لكن رغم ذلك يبقى العيد مناسبة لتبادل مقولة كل عام وأنتم بخير، وعيد أضحى مبارك".

الصورة
حركة مقبولة في الأسواق (زيد العبيدي/ فرانس برس)
حركة مقبولة في الأسواق (زيد العبيدي/ فرانس برس)

يشير أبو فالح، (53 عاماً) الذي يعمل جزاراً في حيّ بمدينة بعقوبة شرق بغداد إلى إنه "رغم تردي الوضع الاقتصادي لعائلات كثيرة بسبب جائحة كورونا، أقبل الناس على شراء الأضاحي، علماً أن سعر الغنم تراوح بين 350 و500 ألف دينار (بين 240 و 342 دولار)، والبقر بين مليوني دينار و2.8 مليون دينار (بين 1370 و1918 دولار). واختلفت الأسعار بحسب حجم الأضاحي ووقت شرائها ومكانه، كما أضيفت إليها قيمة الذبح التي لا تقل عن مائة ألف دينار(نحو 68 دولار)".

ويخبر علي سلطان (50 عاماً)، العامل في فرن من سكان بغداد، "العربي الجديد" أنه "يحرص في العيد على نحر الأضاحي من أجل إحياء الشعائر، وكي يتعلم أطفالي ويعتادوا على فعل ذلك حين يكبرون. وقد اشتريت كبشاً بـ 450 ألف دينار (نحو 308 دولارات)، علماً أن نحر الأضاحي يحصل غالباً على نية رحيل أعزاء، وتجمع عائلات كثيرة مبلغ الأضاحي قبل شهور. وبين الاستعدادات الأخرى للعيد تجهيز حلويات أو معجنات مثل الكليجة التي تقدم في يوم عرفة أو قبله بأيام، وتعتبر من أهم طقوس العيد في العراق".

قضايا وناس
التحديثات الحية

ويقول الموظف المتقاعد محمد يوسف (69 عاماً) لـ "العربي الجديد": "يختلف العيد في العراق عن السابق، وقد لا يستحق أن نسميه عيد أضحى، لأن لا شيء يدل على ذلك غير الاسم وتعطيل الدوام خلال أسبوع العيد، علماً أن الحكومة لم تدعم المواطنين حتى بكوب إضافي من الأرز، بل زادت معاناتهم بالتلويح بفرض حظر تجول، في حين لم تعالج الوضعين الأمني والخدماتي السيئين جداً، خصوصاً على صعيد انقطاع الكهرباء في ظل حرّ شديد الذي لا يمكن تحمله". يضيف: "زوجتي وابنتي أخذتا أحفادي الى صالون الحلاقة، وغيّرتا بعض الفرش، وأعدّتا حلويات منها الكليجة بالتمر، وزوجتي تحديداً خاطت ملابس لأحفادي، رغم أنهم لن يذهبوا بعيداً خلال العيد بسبب الخوف من كورونا والاختلاط. أما أنا فقد اكتفيت بتحضير سجادتي وكمامتي لأداء صلاة العيد برفقة أبنائي، وجلبت هدايا لأحفادي".