لليوم السادس على التوالي، تواصل السلطات الأمنية العراقية حملة لمكافحة المخدرات، تشمل معظم المحافظات في البلاد، لا سيّما المحافظات الجنوبية، التي تُعَدّ مركزاً وممراً خطرَين لها.
وبينما تمكّنت القوات العراقية من الإطاحة بعدد من المتورّطين بالاتّجار في المخدرات، دعا مراقبون إلى استمرار الحملة وتشديد الرقابة على المعابر الحدودية مع إيران لمنع دخولها.
وفي خلال السنوات الأخيرة، صار العراق من بين البلدان التي تنتشر فيها المخدرات بشكل واسع، وسط تأكيدات بأنّه تحوّل إلى ممرّ لها من إيران إلى الدول الأخرى.
وقد نفّذت السلطات الأمنية العراقية، خلال السنوات الماضية، حملات لمكافحة المخدرات، إلا أنّها وُصفت بـ"الضعيفة" و"غير الجديّة"، ولم ينتج عنها أيّ تضييق أو تحجيم لانتشار المخدرات في البلد.
يُذكر أنّ القانون العراقي قبل الاحتلال الأميركي للبلاد كان يعاقب بالإعدام شنقاً مروّجي المخدرات، لكنّ الإعدام أُلغي بعد الاحتلال وفُرضت عقوبات تصل إلى السجن لمدّة 20 عاماً.
أمّا الحملة التي تُنفَّذ حالياً، فيُعِدّها مسؤولون معنيّون من "أوسع الحملات وأفضلها" لجهة النتائج.
ويوم الأحد الماضي، أعلنت المديرية العامة لمكافحة المخدرات والمؤثّرات العقلية "القبض على ثمانية متّهمين في مناطق مختلفة من البلاد"، موضحة في بيان أنّ "قسم مكافحة المخدرات تمكّن من القبض على سبعة متّهمين في بابل ومتّهم آخر في نينوى، وتمّ ضبط مواد مخدرة متنوعة من الكريستال المخدرة وحبوب، فضلاً عن أدوات التعاطي بحوزة المعتقلين".
بدورها، أعلنت وكالة شؤون الشرطة التابعة لوزارة الداخلية اعتقال عدد من المتورّطين بالتّجار بالمخدرات وتعاطيها في ثلاث محافظات، وأفادت، في بيان، بأنّه "تمّ القبض على ثلاثة متورّطين بالمخدرات في البصرة، فيما ألقى قسم مكافحة مخدرات كركوك القبض على شخص واحد، ومثله في محافظة ميسان"، مبيّنة أنّ "المعتقلين يتاجرون بالمخدرات، كما أنّهم يتعاطونها".
وفي خلال الأيام السابقة، اعتقلت القوات الأمنية عدداً من المتاجرين بالمخدرات ومروّجيها.
وقال مسؤول أمني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "الحملة أسفرت عن الإطاحة بعدد من المتورّطين"، مفيداً بأنّ "ثلاثة أشخاص اعتُقلوا في محافظة البصرة، وسبعة في محافظة صلاح الدين، وكلهم متّهمون بالاتّجار".
وأشار المسؤول الأمني، الذي تحفّظ عن ذكر هويته، إلى أنّ "كميات من المخدرات ضُبطت بحوزتهم، وقد أحيلوا إلى التحقيق"، مضيفاً أنّه "في خلال اليومين الماضيين، اعتُقل أربعة أشخاص في محافظة بابل، وثلاثة في محافظة ذي قار، وشخص واحد في محافظة واسط".
وتابع أنّ "عمليات الاعتقال تمّت بالتعاون مع مديرية مكافحة المخدرات في تلك المحافظات، وبعد الحصول على معلومات استخبارية عن تحركات الأشخاص المعنيين وتحديد أماكنهم".
وأوضح المسؤول الأمني نفسه أنّ "الحملة تشمل عموم المحافظات، عدا محافظات الإقليم، وهي تُعَدّ من أوسع الحملات، وتركّز على المحافظات التي تكثر فيها المخدرات وتُعَدّ معابر لها، وهي المحافظات الجنوبية"، معرباً عن أمله بأنّ "تسفر الحملة عن نتائج إيجابية فتحدّ من دخول المخدرات والاتّجار بها وتعاطيها".
ولا تقتصر الحملة على الجانب الأمني فقط، إذ أوضحت وزارة الداخلية العراقية أنّ استراتيجيتها تشمل جانباً آخر يركّز على نشر الوعي المجتمعي حول مخاطر المخدرات وآثارها السلبية.
وفي تصريح سابق للمتحدث باسم وزارة الداخلية، اللواء خالد المحنا، قال إنّ "الداخلية دعمت المديريات الضبطية، كالمديرية العامة لمكافحة المخدرات، وتمّ ذلك عبر تدعيمها بالمجهود البشري والكوادر والمحققين وكذلك الدعم اللوجستي رغم الضائقة المالية، وكذلك تكليف قوات النخبة في وزارة الداخلية والاستخبارات بالتعاون وتوحيد الجهود للوصول إلى كبار مروّجي المواد المخدرة وضبطها".
وأوضح المحنا لوكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع) أنّ "الوزارة تعمل أيضاً بتكليف المديريات المعنية بالتوعية المجتمعية، كالشرطة المجتمعية ودوائر العلاقات والإعلام، بضرورة أن تكون هناك توعية بمخاطر المخدرات النفسية والجنائية، وإذا ما تمكنت من وضع العوائل والمواطن في صورة هذا الخطر وتبعاته فسيكون للأسر دور إضافي في التوعية"، مشيراً إلى أنّ "المخدرات من الملفات الخطيرة، وتعتبرها وزارة الداخلية أحد التهديدات الأساسية التي تواجه المجتمع العراقي".
في سياق متصل، يشدّد باحثون على ضرورة استمرار الحملة لتحجيم مخاطر المخدرات المنتشرة في البلد.
وأكد الباحث في الشأن المجتمعي غسان الفراجي، لـ"العربي الجديد"، أنّه "لا بدّ من مواصلة الحملة، فالمخدرات صارت من المخاطر الكبيرة في المجتمع التي تحتاج إلى قوّة ردع لإنهائها. وأظنّ أن هذه الحملة جيدة، خصوصاً أنّها شملت كذلك محوراً للتوعية المجتمعية".
وشدد الفراجي على "ضرورة وضع إجراءات لضبط الحدود مع إيران، إذ هي مصدر تلك المخدرات التي تدخل العراق"، مشيراً إلى أنّ "المخدرات لا تقلّ خطراً عن الإرهاب، ما يحتّم على الجهات المسؤولة عدم التهاون في معاقبة المتّجرين بها وإخضاعهم إلى القانون".