أفادت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق بأنّ الأشخاص الذين "يمتهنون التسوّل"، يحصلون بنسبة كبيرة منهم على رواتب وإعانات من قبل الوزارة، في حين أشارت إلى ترحيل عدد كبير من المتسوّلين الذين يحملون جنسيات عربية وآسيوية في الأسابيع الماضية.
ويُعَدّ التسوّل في بغداد والمحافظات الأخرى مقلقاً بالنسبة للأجهزة الأمنية، في ظلّ ارتفاع أعداد المتسوّلين من أعمار مختلفة ومن كلا الجنسَين، ومن جنسيات مختلفة، فيما تواصلت عمليات اعتقال عشرات منهم في فترات سابقة.
وقال المتحدّث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في العراق نجم العقابي في تصريحات صحافية، اليوم الأربعاء، إنّ التسوّل بات مصدر دخل عائلات عديدة، تتّخذ منه مهنة يشترك فيها جميع أفرادها، الأمر الذي دفع الوزارة "بغية الحدّ منها إلى شمولها بالإعانات الاجتماعية". أضاف أنّه على الرغم من شمول نسبة كبيرة من تلك العائلات وتوقيعها تعهّدات خطية بعدم العودة إلى الشارع، فإنّ أفرادها ما زالوا يمتهنون التسوّل بصورة علنية.
وتابع العقابي أنّ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ألّفت لجنة مع وزارة الداخلية من أجل القضاء على ذلك. وبيّن أنّ أعداداً كبيرة من المتسوّلين، من جنسيات سورية وباكستانية وهندية، تدخل إلى البلاد في مواسم الزيارات الدينية أو للسياحة، ثمّ تمتهن التسوّل، الأمر الذي دعا دائرة الإقامة في وزارة الداخلية إلى ترحيل كثيرين في الأسابيع الماضية.
ولفت العقابي إلى أنّ وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شرعت بشمول كبار السنّ والأيتام والمشرّدين برواتب وبإعانات الحماية الاجتماعية لضمان عيش كريم لهم، إذ إنّهم "الأكثر هشاشة في المجتمع".
في سياق متصل، ذكر المتحدّث باسم وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أنّ "أكثر من 45 ألف يتيم تقدّموا عبر النافذة الإلكترونية للشمول في بغداد والمحافظات".
وفي وقت سابق من شهر فبراير/ شباط الجاري، أخرجت السلطات الأمنية في العراق أكثر من 20 متسوّلاً ومتسولة من غير العراقيين من شوارع العاصمة بغداد، في حملة نفّذتها بعد ورود معلومات حدّدت أماكنهم، في حين أفاد مسؤولون أمنيون بأنّ حملات ملاحقة المتسوّلين من جنسيات غير عراقية تُنفَّذ في معظم محافظات البلاد.
وعلى الرغم من تنفيذ السلطات الأمنية في العراق حملات ملاحقة واعتقالات مستمرة طاولت عشرات المتسوّلين المنتشرين في شوارع العاصمة بغداد وعند تقاطعاتها وفي المدن الأخرى، فإنّ الظاهرة آخذة في الاتّساع في عموم البلاد.
في الإطار نفسه، أفاد مسؤول عراقي "العربي الجديد"، متحفّظاً على ذكر هويته، بـ"عدم توفّر أرقام عن أعداد المتسوّلين من غير العراقيين في شوارع البلاد، إلا أنّهم في تزايد مستمرّ"، مشيراً إلى أنّهم "يصلون إلى العراق عن طريق التهريب، أو مع أفواج الزوّار، ومعظمهم من جنسيات آسيوية".
أضاف المسؤول العراقي أنّ "مجموعات منظّمة من العراقيين تستقطب هؤلاء المتسوّلين، بل إنّها تتواصل معهم وهم في الخارج، ثمّ يوزَّعون في منازل متفرّقة عند وصولهم إلى العراق ونشرهم في المحافظات"، لافتاً إلى أنّ "من بين هؤلاء من هم من الأشخاص ذوي الإعاقة، وهذه الحالة خطرة إذ إنّها لا تشمل التسوّل فقط بل الاتّجار بالبشر كذلك".
وكانت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قد أفادت في وقت سابق بأنّها "رصدت حالات تسوّل وتشرّد لأحداث (دون السنّ القانونية)"، مؤكدة أنّها تنسّق مع الجهات الأمنية وتحديداً وزارة الداخلية من أجل إيداعهم (الذين تتراوح أعمارهم ما بين 12 و17 عاماً) دور المشرّدين التابعة للوزارة، لغرض إعادة تأهيلهم وتدريبهم للحصول على عمل في حال الإفراج عنهم".
من جهتها، أفادت وزارة الداخلية في العراق بأنّها "مستمرّة في حملاتها الأمنية للقضاء على التسوّل"، ولا سيّما أنّ ثمّة متسوّلين "يمارسون وسائل غير مشروعة تصل إلى حد ابتزاز المواطنين".
وقد أشارت الوزارة، في بيان أصدرته في وقت سابق، إلى أنّ "التسوّل يرتبط بعوامل كثيرة"، مضيفةً أنّ ثمّة متسوّلين "يعيشون تحت خط الفقر، فيضطرون إلى الخروج إلى الشارع للتسوّل من أجل سدّ حاجاتهم الضرورية، ولهذا يجب على وزارة العمل والشؤون الاجتماعية شمول أكبر عدد من الفئات الفقيرة التي تعيش تحت خط الفقر لكي يتسنّى لوزارة الداخلية والأجهزة التنفيذية القيام بواجباتها تجاه ضبط المتسوّلين والمشرّدين".
وتعليقاً على هذا الموضوع، لفتت الحقوقية العراقية رواء الموسوي لـ"العربي الجديد" إلى أنّ "المتسوّلين باتوا يشكّلون حالة منظّمة تحتاج إلى تفكيك. وهم في الأصل ليسوا متسوّلين من أجل الحاجة، إنّما صار الأمر تجارة واضحة ذا مكاسب كبيرة".
أضافت الموسوي أنّ "الإجراء الوزاري الجديد جيّد، لكن لا بدّ من أن ترافقه إجراءات تمنع دخول المتسوّلين الأجانب إلى العراق، ناهيك عن مواصلة تحجيم الظاهرة محلياً ومراقبة المتسوّلات من البلدان القريبة التي عصفت بها الحرب"، مشدّدةً "بصراحة نرى أنّ الحكومة الحالية اهتمت بهذا الملف وعالجته".
تجدر الإشارة إلى أنّ الحكومات العراقية المتعاقبة واجهت انتقادات حادة بسبب تقصيرها في متابعة ملفّ التسوّل، الأمر الذي دفع الحكومة الحالية إلى تنفيذ حملات اعتقال والقيام بتحقيقات مع المتسوّلين.