- استضافة وزارة الثقافة العراقية لفنانين وتقديم هدايا مرسومة بالذكاء الاصطناعي أثارت جدلاً واستياء عاماً، مما دفع الوزارة لحذف المحتوى المتعلق من مواقعها الإلكترونية ووسائل التواصل.
- فنانون وأكاديميون عراقيون عبروا عن رفضهم لسلوكيات وزارة الثقافة، مؤكدين على أهمية دور المثقفين في تصحيح المسارات، بينما دافعت الوزارة عن قراراتها مشيرة إلى استعدادها للحوار والاستماع للانتقادات.
أظهرت وثائق نشرتها وسائل إعلام عراقية أنّ 306 مواطنين مصريين دخلوا إلى العراق بحجّة مشاركتهم في مهرجان شعري، الأمر الذي أثار الشكوك بشأن عدد كبير من الدعوات ودفع هيئة النزاهة العراقية إلى فتح تحقيق. ونقل موقع "إيشان" المحلي الوثائق المسرّبة من وزارة الثقافة والسياحة والآثار في العراق، التي تحمل توقيع الوزير أحمد فكّاك البدراني، وهي تتضمّن طلبات تأشيرات دخول (فيزا) لـ306 مصريين "سوف يسهمون بتطوير القطاع السياحي"، وفقاً لعدد من الوثائق، في حين تشير وثائق أخرى إلى مشاركتهم في مهرجان للشعر الشعبي العراقي، في إطار دورة حملت اسم الشاعر الراحل كريم العراقي.
وعلى الرغم من أنّ المهرجان المذكور نُظّم في بغداد، فإنّ وزارة الثقافة في العراق عاودت مخاطبة مديرية شؤون الإقامة في ما يتعلّق بإقامتهم في منطقة الدجيل التابعة لمحافظة صلاح الدين وسط البلاد. وقد دفع هذا الإجراء هيئة النزاهة العراقية الحكومية إلى فتح تحقيق مع الوزير البدراني. وقد تزامنت هذه الواقعة مع الجدال الذي أثارته وزارة الثقافة عقب استضافة عدد من الفنانين في مكتب الوزير، من بينهم نقيب الفنانين العراقيين جبار جودي، في حين قدّم الوزير هدايا هي لوحات مرسومة بخاصية الذكاء الاصطناعي. وقد تسبّب ذلك في موجة استياء في العراق ودفع الوزارة إلى حذف الصور والبيان ذات الصلة من موقعها الإلكتروني، وكذلك من صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي.
في هذا الإطار، قال الفنان التشكيلي والأكاديمي العراقي ناصر سماري لـ"العربي الجديد" إنّ "السكوت عمّا يصدر عن وزارة الثقافة مرفوض. نحن من الوسط الثقافي، ومن واجبنا الاعتراض على أفعال مماثلة". وأوضح أنّ "صوت المثقف في العراق يمثّل رصاصة تجاه أيّ سلوك غير صحيح. وعلى الرغم من أنّنا لسنا في العاصمة العراقية، فنحن نعوّل على تغيير يأتي به المثقّفون في بغداد الذين تصيب مواقفهم الأخطاء بطريقة أكثر سرعة وأشدّ وقعاً".
من جهته، رأى الصحافي العراقي علي وجيه أنّ وزارة الثقافة تعيش في الوقت الراهن "أسوأ مراحلها"، عازياً السبب إلى أنّ "وزيرها الحالي ليس جزءاً من الوسط الثقافي". وأشار بحديث لـ"العربي الجديد"، إلى مشكلات في القرارات الأخيرة الصادرة عن وزارة الثقافة في العراق، وآخرها تعيين مواطنة عراقية "مديرةً لدائرة الفنون التشكيلية، في حين أنّ لا علاقة لها بهذا الاختصاص".
وقد اتّصل "العربي الجديد" بالمتحدّث باسم وزارة الثقافة في العراق أحمد العلياوي، للحصول على تعليق، فقال إنّ "دخول المواطنين المصريين يأتي جزءاً من اتفاقيات معقودة مع الجهات السياحية، وقد أتى ذلك بحسب الأصول المعمول بها وبالتنسيق مع وزارتَي الداخلية والخارجية. وقد حُدّدت تأشيرات دخولهم وأماكن سكنهم ومدّة إقامتهم في البلاد، وهذا جزء من التنمية السياحية وفقاً للاتفاقيات".
وفي ما يتعلّق بالموظفة التي تُعَدّ موضع تساؤلات، قال العلياوي: "تكليف إحدى الموظفات في الوزارة لتولّي دائرة الفنون التشكيلية جاء وفقاً لمعايير محدّدة من قبل الوزارة، وسوف تخضع إلى تقييم في المستقبل". وأضاف أنّ "الوزارة تتعامل مع الوسط الثقافي والفني والنُخب والأكاديميين، وثمّة انتقادات بنّاءة، ونحن نستمع إليها كلها ونعتني بما يصوّب العمل. لكنّ ثمّة انتقادات لا تخلو من الشخصنة ومن عدم الدراية بجهود الوزارة"، مشدّداً: "نحن على استعداد للاستماع التام وللحوار والنقاش عبر اللقاءات التي لم تنقطع في الأساس، والوزارة هي ميدان لإنضاج العمل والتصحيح".