العراق: أرقام مقلقة لحالات الانتحار في ذي قار ودعوات لإيجاد حلول

03 يناير 2023
يسجل العراق عموماً أرقاماً مرتفعة لحالات الانتحار وسط الأزمات (أسعد نيازي/فرانس برس)
+ الخط -

أثارت أرقام حديثة لحالات الانتحار التي سجلتها محافظة ذي قار، جنوبي العراق، والتي تجاوزت 100 حالة خلال العام 2022، قلقاً لدى الأوساط المعنية بحقوق الإنسان، وسط دعوات لإيجاد الحلول وإنشاء مصحات لمعالجة الأمراض النفسية.

وتعدّ المشاكل الاقتصادية والاجتماعية المختلفة، وعلى رأسها الفقر والبطالة وانعدام الأمل بوجود تغيير إيجابي، مع استمرار الأزمات السياسية في البلاد، أبرز عوامل استمرار تسجيل العراق عموماً أرقاماً مرتفعة لحالات الانتحار بشكل متواصل، وفقاً لمراقبين ومختصين.

وقال رئيس منظمة "الإخاء" المعنية بحقوق الإنسان بالمحافظة علي عبد الحسن الناشي إنّ منظمته "رصدت 102 حالة انتحار خلال العام الماضي 2022"، مبيناً، في تصريحات للصحافيين، اليوم الثلاثاء، أنّ "مخاطر ظاهرة الانتحار أخذت تتفاقم، وأنّ عدد ضحاياها يتصاعد بشكل مضطرد عاماً بعد آخر".

حالات الانتحار المسجلة تقابلها أعداد مضاعفة من محاولات الانتحار الفاشلة التي تخشى العوائل الكشف عنها لاعتبارات اجتماعية أو قانونية

وأشار إلى أنه في "عام 2016 على سبيل المثال سجلنا 48 حالة انتحار، فيما ارتفعت خلال العام التالي إلى 53 حالة، ثم انخفضت في عام 2018 لتسجل 51 حالة انتحار، وعام 2019 سجلت 55 حالة، ثم قفزت خلال عام 2020 لتصل إلى 80 حالة وارتفعت في عام 2021 لتبلغ 85 حالة".

وأوضح أنّ "أعداد النساء المنتحرات تفوق قليلاً أعداد الرجال"، مؤكداً "ارتفاع حالات الانتحار إلى 102 حالة عام 2022، وهو رقم ينذر بالقلق، إذ إنّ حالات الانتحار المسجلة تقابلها أعداد مضاعفة من محاولات الانتحار الفاشلة التي تخشى العوائل الكشف عنها لاعتبارات اجتماعية أو قانونية".

ولفت إلى أنّ "العوامل والأمراض النفسية واحدة من أبرز أسباب ارتفاع معدلات الانتحار التي تتمثل بالبطالة والفقر والتفكك الأسري وتعاطي المخدرات، والاستخدام السيئ لمواقع التواصل الاجتماعي، فضلاً عن غياب الرقابة الأسرية"، مؤكداً "تسجيل المنظمة أيضاً ارتفاعاً في حالات الإصابة بالأمراض النفسية بين أوساط الشباب".

وأشار إلى "ضعف أو غياب ثقافة العلاج النفسي في المجتمع، والعزوف عن مراجعة أطباء الأمراض النفسية أو المراكز المتخصصة في هذا المجال"، داعياً إلى "استحداث مصحات نفسية متطورة في مستشفيات المحافظة حتى تساعد الشباب الذين يعانون من مشاكل نفسية على العلاج وتحول دون إقدامهم على الانتحار".

وكانت محافظة ذي قار قد شكلت خلية أزمة الانتحار عام 2016 يترأسها محافظ ذي قار، وتضم في عضويتها ممثلين عن دوائر الصحة والشباب والرياضة ومديرية الشرطة وجامعة ذي قار، ومفوضية حقوق الإنسان والعمل والشؤون الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني.

من جهته، أكد الأستاذ المتخصص في الشأن المجتمعي بجامعة بغداد علي العزاوي أنّ أسباب حالات الانتحار "مشخصة في جميع محافظات البلاد، لكننا نحتاج إلى معالجات لها"، وقال لـ"العربي الجديد"، إنّ "أغلب الأسباب مرتبطة بالوضع الذي يعيشه البلد، من تفشي البطالة، وعدم إيجاد حلول للخريجين الجامعيين، وإهمال شريحة الشباب، وما لذلك من ضعف اقتصادي، وتراجع أمني، كلها أسباب انعكست على الحالة النفسية للشباب، وهي تدفع باتجاه الانتحار".

وأوضح أنّ "المشكلة تحتاج إلى حلول، وأن الحلول الرئيسية بيد الحكومة، فضلاً عن حملات التثقيف المهمة"، مشيراً إلى "أهمية أن تكون هناك برامج وندوات تثقيفية تشارك بها منظمات مدنية ومؤسسات أكاديمية وجهات حكومية".

وسجّل العراق زيادة كبيرة في حالات الانتحار التي تنتشر بين شريحة الشباب خصوصاً، وبينما عزا مختصون ذلك إلى انعكاسات الوضع غير المستقر في البلد، دعوا إلى وضع الحلول لهذه الظاهرة التي تفتك بالمجتمع.

المساهمون