الطلاب الأفغان يعودون إلى الجامعات وسط قيود منها الفصل بين الجنسين والزيّ الإسلامي

26 فبراير 2022
قليلات هنّ الطالبات اللواتي عدنَ إلى جامعاتهنّ (أحمد ساهل أرمان/ فرانس برس)
+ الخط -

 

أعادت الجامعات الرئيسية في أفغانستان فتح أبوابها، اليوم السبت، بعد ستة أشهر على عودة حركة طالبان إلى الحكم، لكنّ عدداً قليلاً جداً من الطالبات عدنَ إلى الصفوف الدراسية التي باتت الآن تفصل بين الجنسَين مع فرض الزيّ الإسلامي.

وكانت معظم ثانويات البنات وكلّ الجامعات الرسمية قد أغلقت أبوابها بعد استيلاء "طالبان" في 15 أغسطس/ آب 2021، الأمر الذي أثار مخاوف من حرمان النساء من التعليم، على غرار ما حصل إبان فترة الحكم الأولى للحركة ما بين هام 1996 وعام 2001. لكنّ مسؤولين في حركة طالبان أكّدوا في أكثر من مناسبة أنّه سوف يُسمَح للفتيات والنساء بارتياد المؤسسات التعليمية هذه المرّة، إنّما في قاعات دراسية تفصل بين الجنسَين وطبقاً لمنهج دراسي إسلامي.

واستأنفت مؤسسات تعليمية رسمية في جنوبي البلاد الدراسة في يناير/ كانون الثاني الماضي، لكنّ "جامعة كابول" التي تُعَدّ الأعرق والأكبر في أفغانستان مع نحو 25 ألف طالب (العام الماضي)، لم تعد فتح أبوابها إلا اليوم السبت في 26 فبراير/ شباط 2022، في غياب أيّ مراسم وبحضور عدد قليل من الطلاب.

جامعة كابول

ورفض حراس الجامعة من عناصر "طالبان" السماح للصحافيين بدخول الحرم الجامعي الشاسع، وطُردت وسائل إعلام كانت تنتظر بالقرب من المدخل. لكنّ وكالة "فرانس برس" تمكّنت من التحدّث إلى بعض الطالبات بعيداً عن المداخل الثلاثة للحرم الجامعي. وتعبّر الطالبات الأفغانيات عن مشاعر متضاربة بعد يومهنّ الأوّل في الجامعة.

تقول بصيرة التي تتابع دراستها في اللغة الإنكليزية التي فضّلت عدم الكشف عن كامل هويتها: "أنا سعيدة لإعادة فتح الجامعة... نريد أن نواصل دراستنا". لكنّ بصيرة تشير إلى "بعض الصعوبات"، من بينها "توبيخ حراس طالبان الطلاب الذي يحضرون هواتفهم المحمولة إلى الجامعة". تضيف: "لم يحسنوا التصرّف معنا... كانوا وقحين".

وتخبر طالبة أخرى في اللغة الإنكليزية تُدعى مريم "فرانس برس" أنّ "سبع طالبات فقط حضرنَ الحصة الدراسية"، لافتة إلى أنّ "عددنا في السابق كان 56 طالباً، ما بين ذكور وإناث". كذلك تحكي مريم عن "نقص في عدد الأساتذة المحاضرين"، مرجّحة أن يكون ذلك مرتبطاً بـ"مغادرة بعض هؤلاء البلاد".

بدورها تمكّنت وكالة "أسوشييتد برس" من سؤال طالبات عن عودتهمّ إلى مقاعد الدراسة بعد انقطاع طال. فتقول بهيجة أمان طالبة أنثروبولوجيا في السنة الأكاديمية الثالثة: "لم تُجر أيّ تغييرات على المنهج الدراسي. الأساتذة هم أنفسهم في فصولي". تضيف: "أنا سعيدة لأنّهم سمحوا لنا أخيراً بالعودة إلى الجامعة".

وفي نقلها للمشهد صباحاً، أفادت "أسوشييتد برس" أنّ عشرات الطالبات، جميعهنّ محجّبات، تجمّعنَ أمام بوابة الجامعة. كنّ متلهّفات لاستئناف فصولهنّ الدراسية التي توقّفت فجأة في أعقاب استيلاء "طالبان" على السلطة. وبالنسبة إلى الطلاب بمعظمهم، لا يعرفون ما يمكن توقّعه، لكنّهم يعبّرون عن مفاجأتهم عندما اكتشفوا أنّه في إمكانهم استئناف الدورات الدراسية العادية والتقدّم في مجالات الدراسة التي اختاروها.

من جهة أخرى، أُلغيت الدراسة في قسم الموسيقى للذكور والإناث على حدّ سواء، علماً أنّه الفرع الأدبي الوحيد المُلغى، بحسب ما أفاد به الطلاب العائدون "أسوشييتد برس" التي حاولت الاتصال بمسؤولين في "طالبان" للتعليق على هذا الموضوع من دون الحصول على أيّ ردّ.

وبينما لم تصدر أيّ تصريحات عامة عن حكومة "طالبان" في ما يخصّ إعادة فتح "جامعة كابول"، يُذكر أنّ بياناً على صفحة الجامعة الرسمية على موقع "فيسبوك" أعلن في خلال هذا الأسبوع عودة الطلاب إلى الدراسة اليوم السبت، لافتاً إلى أنّ الفصول سوف تلتزم بالقيم الدينية والثقافية.

الصورة
طلاب أفغان في جامعة رسمية في أفغانستان (مرتضى خالقي/ الأناضول)
في إحدى الجامعات الأفغانية الرسمية (مرتضى خالقي/ الأناضول)

لا طلاب في بانشير

وفي حين تشابهت المشاهد في مختلف جامعات أفغانستان، لم يعد أيّ طالب إلى "جامعة بانشير" الواقعة في قلب المقاومة لحكم "طالبان" شمال شرقي البلاد. ويقول البروفسور نور الرحمن أفضالي لـ"فرانس برس": "لا أعلم إذا سوف يحضرون غداً أو بعد غد". يُذكر أنّ بانشير كانت الولاية الأخيرة التي سقطت في أيدي "طالبان".

من جهته، يشير جابر جبران رئيس أحد أقسام الجامعة لـ"فرانس برس" إلى أنّ "القاعات الدراسية دُمّرت في القتال، ولم تُرمّم بعد". يضيف أنّ "طالبان فرضت في وقت سابق على الطالبات ارتداء عباءة سوداء وحجاب، من دون أن تشدّد على وجوب الالتزام بالنقاب أو البرقع الذي كان إلزامياً في فترة حكمها السابقة".

في سياق متّصل، لا تخفي سهيلة رستمي التي تتابع دراستها في علوم الأحياء في "جامعة باميان" الواقعة في الولاية التي تحمل الاسم نفسه وسط البلاد، أنّها لم تضع حجاباً من قبل و"الأمر جديد بالنسبة إليّ". تضيف لـ"فرانس برس": "كنت أرتدي الجينز وملابس عادية أخرى. سوف يكون صعباً عليّ الالتزام بالحجاب".

وفي ولاية هرات غربي أفغانستان، يشكون الطلاب في مدينة "سيلك رود" (طريق الحرير) التاريخية القريبة من الحدود الإيرانية والتي كانت ذات مرّة من أهمّ المراكز الثقافية في العالم الإسلامي، من نقص الأساتذة. وتقول طالبة الفنون باريسا نروان لـ"فرانس برس": "عدد من أساتذتنا غادروا البلاد، لكنّنا مسرورون لأنّ الجامعة أعادت فتحت أبوابها".

وكان عشرات آلاف الأفغان قد فرّوا من بلادهم مع عودة "طالبان" إلى الحكم، علماً أنّ كثيرين منهم أساتذة ومحاضرون انتقدوا صراحة الحركة الإسلامية المتشددة. وتقول الطالبة حسينة لـ"فرانس برس" من كابول، إنّ "الحياة الجامعية للنساء اختلفت جداً عمّا كانت من قبل. وتلفت إلى أنّه "طُلب منّا عدم الخروج من قاعات الدارسة"، مضيفة أنّ "الكافتيريا أُزيلت (...) ولا يُسمح لنا بالخروج إلى باحة الجامعة".

(فرانس برس، أسوشييتد برس)

المساهمون