الطرد الظالم سيطاول اللاجئين الأفغان النظاميين في باكستان

26 نوفمبر 2023
تسجيل اللاجئين الأفغان العائدين من باكستان (وكيل كوشار/فرانس برس)
+ الخط -

في وقت ترتفع وتيرة القلق في أوساط العائدين من باكستان الذين يواجهون حالياً برودة فصل الشتاء، قررت الحكومة الباكستانية ترحيل اللاجئين النظاميين أيضاً، ما يزيد الأعباء على حكومة حركة "طالبان"، التي تملك إمكانات هشّة لكنها تحاول بمساعدة بعض التجار والأثرياء أن توفر الخدمات اللازمة للاجئين.
وقال نائب رئيس الوزراء في حكومة "طالبان" الملا عبد الغني برادر، لصحافيين في ولاية قندهار المحاذية للحدود مع باكستان، في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري: "لا يمكن وصف ما تفعله باكستان تجاه اللاجئين الأفغان إلا بأنه همجي وغير مقبول لدولة تحترم القوانين والأعراف الدولية السائدة. ونحن نرفع القضية على المنابر الدولية والمحلية المختلفة، في وقت ننفذ ما نستطيع للتعامل مع الأوضاع الميدانية السائدة، وسننشئ مخيمات جديدة للتعامل مع عودة مزيد من اللاجئين من باكستان، وأيضاً من إيران. نحاول أن نوفر استعدادات كافية في ظل الوسائل والإمكانات المتاحة لدينا، ونواصل العمل ليلاً نهاراً وبلا كلل أو ملل لاستقبال إخواننا العائدين الذين تعرضوا لأشد أنواع الظلم بعدما أخرجوا بطريقة سيئة وغير مناسبة من باكستان، وواجهوا مخاطر الطقس البارد".
وأشار إلى أن حكومة حركة "طالبان" لا تحاول وحدها تقديم ما يلزم، بل كل الشعب الأفغاني، لا سيما التجار والأثرياء، وتبذل جهوداً كبيرة لاستقبال العائدين من باكستان، ما يشكل ظاهرة مشجعة.
وكان نائب الناطق باسم حركة "طالبان" وعضو اللجنة الثقافية في حكومة الحركة بلال كريمي قد قال، لـ"العربي الجديد"، إن "الحكومة عطّلت بأمر من زعيم الحركة معظم المشاريع والأعمال غير الضرورية، وبدأت كل مؤسسات الدولة في تقديم خدمات للعائدين الذين يحصلون فور عبورهم الحدود على كل ما يحتاجون إليه من غذاء ومياه وغيره، ويجرى تسجيلهم في مراكز خاصة بسرعة من أجل تجنيبهم المزيد من التعب الذي تعرضوا له على الطريق، ثم ينقلون إلى مراكز معينة تمهيداً للعيش في المخيمات أو الذهاب إلى مناطقهم بعد توفير مواصلات ومساعدات مالية لهم".
وبغض النظر عما يجري داخل أفغانستان، يثير قرار باكستان ترحيل اللاجئين الأفغان النظاميين أيضاً الرعب والخوف والقلق في صفوف جميع الأفغان، علماً أن 400 ألف من اللاجئين الأفغان غير النظاميين عادوا إلى بلدهم حتى الآن، في حين  يقدّر عددهم بـ1.7 مليون، أما عدد اللاجئين النظاميين فيناهز عددهم 1.5 مليون، وهم كانوا مطمئنين إلى أن باكستان لن تخرجهم لأنهم يملكون أوراقاً نظامية وبطاقات من مفوضية اللاجئين، ما جعلهم يعتقدون بأن باكستان لا تستطيع أن تخرجهم طالما يعارض المجتمع الدولي ذلك.

مخاطر البرد القارس ستطال أيضاً اللاجئين الشرعيين العائدين من باكستان (حسين علي/ الأناضول)
البرد القارس يطاول اللاجئين العائدين من باكستان (حسين علي/الأناضول)

ويقول اللاجئ الأفغاني مسافر خان الذي يعيش منذ 40 عاماً في باكستان لـ"العربي الجديد": "كان عمري عشرة أعوام أو أقل حين جئت إلى باكستان التي أعيش فيها منذ ذلك الحين. جميع أولادي ولدوا ودرسوا في باكستان، ولديهم أعمال جيدة، إذ يعمل أحدهم في شركة ويملك آخر مشروعاً تجارياً، وبناتي درسن في باكستان التي نحب مواصلة العيش فيها. والحقيقة أننا لم نتوقع في أي لحظة أن تتخذ باكستان قرار إخراج الأفغان الذين يملكون أوراقاً ويعيشون في أراضيها بطريقة نظامية وقانونية. وحين دخلنا باكستان، كانت الحكومة توزع أوراق شناختي باس التي تعرّف باللاجئين، كما حصلنا على بطاقات لاجئين من مفوضية الأمم المتحدة، وحين أعلنت الحكومة الباكستانية أنها تعتزم إخراج اللاجئين النظاميين أصبنا بخيبة كبيرة".
يضيف: "ندعو كل المؤسسات الدولية المعنية باللاجئين إلى الضغط على باكستان كي تعيد النظر في قرار ترحيل جميع الأفغان، لأن أولادنا عاشوا حياتهم في باكستان وهم لا يريدون الخروج منها. وإذا لم تقبل سلطاتها ذلك، فيمكن أن تعطينا مهلة أطول ولا تكرر معنا ما فعلته مع اللاجئين الذين لا يملكون بطاقات لاجئين، وتسميهم بغير النظاميين".

ويقول مبارك شاه، أحد وجهاء اللاجئين الأفغان الذي يعيش حالياً في منطقة بورد بمدينة بشاور الباكستانية، لـ"العربي الجديد": "يشعر اللاجئون الأفغان النظاميون بخيبة من إعلان مسؤولين في الحكومة الباكستانية، منهم وزير الداخلية سرفراز بكتي ووزير الإعلام في حكومة إقليم بلوشستان جان محمد أجكزاي، أن الحكومة الباكستانية ستخرجهم من البلاد أيضاً، خاصة أن القرار يأتي في توقيت حساس للغاية، ونحن نرى ما يحصل للأفغان الذين لا يملكون بطاقات، ونخشى أن يتكرر ذلك معنا، كما أن البرد قارس في أفغانستان حالياً، ما يعني أن عودتنا في هذه الظروف الصعبة ستزيد معاناتنا. وبالنظر إلى طريقة تعامل باكستان مع اللاجئين الأفغان خلال الأسابيع والأشهر الماضية، نعلم أن سلطاتها لا تستمع إلى أحد بتأثير علاقاتها المتوترة مع حكومة طالبان، ويزيد هذا الأمر قلقنا".

المساهمون