يحتاج مئات المرضى بشدّة إلى مساعدته، غير أنّه لم يعد يملك ما يقدّمه لهم. إنّه الجراح الفلسطيني البريطاني غسان أبو ستة، الذي قال لفريقه إنّ الوقت قد حان لمغادرة آخر مستشفى ما زال يعمل في مدينة غزة، وهو المستشفى المعمداني أو الأهلي العربي الذي تهتزّ جدرانه من جرّاء قصف الدبابات الإسرائيلية، ولم تعد تتوفّر فيه أيّ أدوية تخدير للعمليات الجراحية.
بعد يوم من مغادرته المستشفى وتوجّهه سيراً على الأقدام إلى مخيّم النصيرات للاجئين الفلسطينيين في وسط قطاع غزة، قال أبو ستّة لوكالة رويترز، اليوم الجمعة، إنّ "الأمر كان كابوساً حقيقياً. أن تترك 500 مصاب وأنت تعلم أنّه لم يعد بوسعك أن تفعل شيئاً من أجلهم، هذا أكثر أمر مفجع كان عليّ القيام به على الإطلاق".
وكتب في منشور على منصّة "إكس": "لم أعد قادراً على إجراء عمليات في المستشفى الأهلي. المستشفى صار الآن فعلياً مركزاً للإسعافات الأولية. في المستشفى الآن مئات المصابين الذين لا يستطيعون الخضوع إلى جراحات. سوف يموتون بسبب إصاباتهم".
No longer able to provide surgeries at Ahli Hosp. The hospital is now effectively a first aid station. Hundreds of wounded now at hospital with no access to surgery. They will die from their wounds
— Ghassan Abu Sitta (@GhassanAbuSitt1) November 16, 2023
وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أمر الفلسطينيين في الجزء الشمالي من قطاع غزة، الذي يضمّ مدينة غزة، بإخلاء المنطقة والتوجّه جنوباً. كذلك أمرت المستشفيات وكلّ المؤسسات في الشمال. وقد توقّفت المستشفيات في الشمال عن العمل بمعظمها، إمّا من جرّاء نفاد الوقود وإمّا بسبب استهدافها عسكرياً.
يُذكر أنّ مستشفيات غزة بدأت تعاني من قلّة الإمدادات منذ الأيام الأولى من الحرب التي شنّتها القوات الإسرائيلية على القطاع في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وأشار أبو ستة إلى أنّه، أوّل من أمس الأربعاء، "امتلأ المستشفى الأهلي كله بالمصابين وعملنا طول الليل. وبحلول الساعات الأولى (من أمس الخميس) أدركنا أنّ أدوية التخدير قد نفدت لدينا، فاضطررنا إلى وقف غرفة العمليات".
Despite the unbearable pain and suffering, the heart wrenching grief and the sea of blood, tears , of severed limbs and broken bodies. I believe that we are closer today to victory than we have been since the process of Nakba began 75 years ago.
— Ghassan Abu Sitta (@GhassanAbuSitt1) November 12, 2023
Hasta La Victoria Siempre
وكان أبو ستّة، خلال الأسابيع الأخيرة، يحاول تقديم كلّ ما في وسعه لعلاج المصابين في مجمّع الشفاء الطبي، وكذلك في المستشفى الأهلي. وعندما حوصر الأوّل، لازم الثاني إلى حين رأى نفسه عاجزاً عن المساعدة.
في مسيرته من المستشفى الأهلي إلى مخيّم النصيرات التي استغرقت خمس ساعات، قال أبو ستة إنّه رأى "مشاهد دمار" و"جثثاً ملقاة في الشوارع".
وبيّن أبو ستة أنّ مرضى يحتاجون العلاج ظلوا في المستشفى الأهلي، إذ لم يتمكّن مستشفى آخر في شمال غزة من التكفّل بهم. وأكّد أنّ "لا مستشفى في شمال غزة يعمل بالكامل الآن".
وأقرّ أبو ستة بأنّه سوف يأخذ قسطاً من الراحة في الوقت الراهن. وقال: "كنّا نجري عمليات جراحية من دون توقّف في الأسبوع الماضي" منذ حصار مجمّع الشفاء الطبي، "وقد اتّخذت قراراً بأنّني في حاجة إلى النوم حتى يتبيّن ما الذي أريد القيام به لاحقاً".
(رويترز، العربي الجديد)