تصف مسؤولة الإعلام في المكتب الإقليمي للاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مي الصايغ الوضع في قطاع غزة بـ"الكارثي" على المستويات كافة. وتقول في حديثها لـ"العربي الجديد": "ما من مكان آمن للناس في غزة وهم على أبواب مجاعة بسبب الشحّ في المواد الغذائية التي تدخل، كما أن الوضع الصحي صعب جدّاً نتيجة خروج عددٍ كبيرٍ من المستشفيات عن الخدمة". كما تتوقف عند أزمة المياه وخطورتها في ظل إمكانية زيادة الأمراض المنقولة عبر المياه. تقول الصايغ إن "القطاع الصحي يعاني بسبب انعدام الوقود. بالتالي، فإن المنشآت الطبية غير قادرة على العمل من دون توفر هذه المادة، كما أن بعض المستشفيات تضررت من جراء القصف، من دون أن ننسى أيضاً أن المستشفيات باتت بمثابة ملاجئ للناس والنازحين".
ومن التحديات التي يواجهها القطاع الصحي في غزة، توضح الصايغ أن "العمل يجرى بوسائل بدائية. للأسف، نرى كيف أن العمليات الجراحية والطبية تجرى في أروقة المستشفيات وحتى من دون مخدر. الطاقم مستنزف من دون أن ننسى أن بينهم الذين فقدوا عائلاتهم وأحباءهم إلا أنهم مستمرّون رغم الصعوبات. نحن بدورنا خسرنا 4 من زملائنا في الهلال الأحمر الفلسطيني، كما سقط جرحى نتيجة تعرّض سيارات الإسعاف للقصف". كذلك، توضح أن التواصل يجرى بوسائل بدائية في ظل عدم القدرة على التواصل مع المراكز والأطقم الطبية، منها أجهزة الاتصال اللاسلكي VHF، وأحياناً الاعتماد على النظر والسمع، ليتمكنوا من رصد القصف وإرسال سيارات الإسعاف إلى المواقع، وخصوصاً أن الرقم المركزي لسيارات الإسعاف 101 كان خارج الخدمة ولا قدرة على التواصل معه في ظل انقطاع الاتصالات الأرضية والهواتف الخلوية والإنترنت. ووزعت سيارات الإسعاف بما يساعد على تغطية كل المنطقة. وأحياناً، يصار إلى الاستعانة بالجرحى للتبليغ عن أماكن وجود مصابين آخرين لإسعافهم، كما تقول الصايغ. وتشير إلى أن "تواصلنا يجرى من خلال الهلال الأحمر الفلسطيني، الذي وزع الفرق على الأرض، ويقدّم كل الدعم للجرحى والمصابين منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي".
تضيف الصايغ أن "وضع المياه كارثي أيضاً. لا محطة لتحلية المياه، والناس يلجؤون إلى شرب مياه مالحة أحياناً أو ملوثة بمياه الصرف الصحي". كما تتحدث عن انتشار النفايات وتراكمها إلى جانب أماكن السكن، الأمر الذي يؤدي إلى تفشي الأمراض، منها الجدري الذي بدأ ينتشر في غزة. يشار إلى أن الجدري هو عدوى فيروسية خطيرة ومميتة في أغلب الأحوال، ينتقل من شخص لآخر، ويمكن أن يسبب تندّبا دائما ويسبب تشوهاً في بعض الأحيان.
من جهة أخرى، تلفت الصايغ إلى أن "هناك عراقيل عدّة تواجه وصول المساعدات الإنسانية، منها البطء في وصولها وقلّتها. تدخل في اليوم 20 شاحنة، بينما كان عدد الشاحنات الذي يدخل قبل السابع من أكتوبر ما بين 100 و400 شاحنة في اليوم. بالتالي، ما يصل راهناً يعدّ بمثابة نقطة في محيط الاحتياجات الإنسانية الهائلة في غزة".
وعلى الرغم من أن وتيرة المساعدات تزداد، بيد أنه يجب دخول 100 شاحنة في اليوم على الأقل، بحسب الصايغ، لتلبية الحاجات الإنسانية الهائلة، علماً أن هناك تحدّياً بوصول هذه المساعدات إلى شمال غزة، إذ تصل بمجملها إلى جنوب القطاع.
وتلفت إلى أنه دخل، الثلاثاء الماضي، نحو 26 شاحنة محمّلة بالمساعدات الإنسانية، ما يرفع العدد إلى نحو 144 شاحنة، ولكن لا يزال الوقود غير موجود ضمن سلّة الأولويات التي تشمل المياه والمواد الغذائية والأدوية".
وتشدد الصايغ، في حديثها مع "العربي الجديد"، على أن "الوضع في غزة لم يعد يحتمل والمجتمع الدولي مطالب بممارسة كل الجهود الدبلوماسية من أجل وقف التصعيد في القطاع وإدخال المزيد من المساعدات، على أن يكون الوقود في عدادها لأن انقطاعه ينعكس على المستويات والقطاعات كافة".
وكان مجلس إدارة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر، الذي يضم قادة الجمعيات الوطنية من جميع أنحاء العالم، قد أعرب عن صدمته وقلقه إزاء "الاحتياجات الإنسانية المتزايدة والخسائر المتفاقمة في الأرواح". وتعمل فرق الهلال الأحمر الفلسطيني على مدار الساعة في ظروف صعبة وخطيرة للغاية لتقديم المساعدات الحيوية، بما في ذلك خدمات الإسعاف والخدمات الصحية.