يُتوقَّع أن يُقَر في سويسرا، الأحد، مشروع قانون يرمي إلى الوصول للحياد الكربوني بحلول سنة 2050، في بلد يشهد سكانه على الدمار الذي يتسبب فيه التغير المناخي لأنهرهم الجليدية الثمينة.
يعارض "حزب الشعب السويسري" اليميني الراديكالي، أكبر أحزاب البلاد، مشروع القانون هذا الذي يحظى في المقابل بدعم جميع الأحزاب الرئيسية الأخرى والحكومة الفدرالية.
وينص مشروع القانون على خفض استهلاك النفط والغاز الطبيعي تدريجياً من دون حظره. وفي الوقت نفسه، سيتعين على سويسرا إنتاج المزيد من الطاقات المتجددة، مثل الطاقة الكهرومائية والخلايا الكهروضوئية، ودعم المزيد من أنظمة التدفئة المراعية للمناخ، مثل المضخات الحرارية.
وبحسب استطلاعات للرأي، ينظر السكان عموماً إلى هذا القانون بشكل إيجابي، رغم تراجع دعمه في الأسابيع الأخيرة، إذ انخفضت إلى 63% نسبة الآراء المؤيدة في الاستطلاع الأخير الذي أجراه معهد "جي إف إس. برن" (gfs.bern).
وتتأثر سويسرا ونظامها الإيكولوجي الجبلي بشكل خاص بتغير المناخ. وتسجل الأنهر الجليدية السويسرية حالة مأساوية، إذ فقدت 6% من حجم كتلتها الجليدية بين عامي 2021 و2022، مقارنة بثلث هذه النسبة بين عامي 2001 و2022.
وتستورد الدولة الواقعة عند جبال الألب حوالى 75% من الطاقة التي تستخدمها، بما في ذلك النفط والغاز الطبيعي الذي تستهلكه.
وقد ظهرت هشاشة البلاد في هذا المجال بشكل دراماتيكي إثر غزو روسيا لأوكرانيا.
ويهدف "القانون الاتحادي بشأن أهداف حماية المناخ والابتكار وتعزيز أمن الطاقة" إلى تقليل الاعتماد على الطاقة المستوردة من الدول الأجنبية، مع تقليل انبعاثات غازات الدفيئة، من دون حظر هذه المصادر أو فرض ضرائب جديدة.
لا غاز ولا نفط
هذا النص في الواقع مشروع مضاد لمبادرة شعبية، تُعرف باسم "المبادرة من أجل الأنهر الجليدية" كان قد قدّمها ناشطون مناخيون في عام 2019.
بالنسبة للحكومة والبرلمان، تذهب هذه المبادرة إلى أبعد مما يجب، لأنها تحظر استهلاك الوقود الأحفوري مثل الغاز والنفط اعتباراً من عام 2050.
لذلك، وضع البرلمان مشروعه الخاص الذي يهدف إلى تقليل استهلاك الوقود الأحفوري قدر الإمكان من دون حظره.
ويوفر مشروع القانون هذا ما يصل إلى 200 مليون فرنك (حوالى 222 مليون دولار)، كل عام لمدة عشر سنوات لمساعدة الأسر السويسرية على التحول إلى أنظمة التدفئة الصديقة للمناخ. كما أن الصناعات التي تستثمر في التقنيات المبتكرة، بينها مثلاً تلك القادرة على تصفية ثاني أكسيد الكربون من الهواء، ستستفيد أيضاً من الدعم.
ويؤكد "حزب الشعب السويسري" أن مشروع القانون، الذي تصفه بأنه "قانون بشأن هدر الكهرباء"، سيلحظ مع ذلك حظر زيت الوقود والغاز والديزل والبنزين كمصادر للطاقة، الأمر الذي سيعرض أمن الطاقة في البلاد للخطر وسيؤدي إلى ارتفاع فواتير الكهرباء للأسر السويسرية.
ليست هذه هي المرة الأولى التي يعارض فيها "حزب الشعب السويسري" قوانين مناخية. ففي عام 2021، فشل الحزب بفارق ضئيل في مشروع للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
لكن يعتقد المراقبون أنه من غير المرجح أن يكرر الحزب انتصاره بالنظر إلى التقدم الكبير لمعسكر مؤيدي مشروع القانون.
ضرائب على الشركات الكبيرة
السويسريون مدعوون أيضاً إلى التصويت الأحد على تعديل دستوري يهدف إلى تنفيذ مشروع منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومجموعة العشرين بفرض ضرائب لا تقل في المعدل عن 15%، على المجموعات النشطة على الصعيد الدولي.
ويشير أحدث استطلاع للرأي إلى أن 73% من الناخبين السويسريين يؤيدون هذه الخطة الخاصة بفرض حد أدنى من الضرائب، والتي ستطبق على مجموعات الأعمال التي يبلغ حجم مبيعاتها السنوية حوالى 830 مليون دولار على الأقل.
حتى الآن، كانت معظم الكانتونات (الولايات) السويسرية الـ26 تفرض ضرائب منخفضة على الشركات، من أجل الحفاظ على قدرتها التنافسية على الرغم من ارتفاع تكاليف العمالة.
يُقدّر عدد المجموعات السويسرية المتأثرة بشكل مباشر بمشروع إصلاح منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومجموعة العشرين في سويسرا ببضع مئات من قبل إدارة الضرائب الفدرالية التي تشير تقديراتها أيضاً أن الإيرادات من الضريبة الإضافية ستكون بين 1 و2,5 مليار فرنك في السنة الأولى.
ومع ذلك، فقد أدركت الحكومة السويسرية أنه قد تكون هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لمواصلة جذب الشركات متعددة الجنسيات.
(فرانس برس)