السويداء ملجأ للهاربين من الموت.. الحرب على المخدرات تحصد المدنيين

السويداء ملجأ للهاربين من الموت.. الحرب على المخدرات تحصد المدنيين

22 يناير 2024
يواصل الجيش الأردني حملته على تجار المخدرات العابرين للحدود السورية (الجيش الأردني)
+ الخط -

نزحت عشرات العوائل السورية القاطنة في قرى الجنوب السوري نحو السويداء الجنوبية، نتيجة التهديدات والخوف من الموت بعد أيام من استهداف الطيران الأردني مدنيين في بلدة عرمان ضمن حملتها على تجار المخدرات عبر الحدود، وسط غياب تام للنظام السوري.

وبحسب مصادر محلية متقاطعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، فإن حالة النزوح بدأت عقب غارة الطيران الأردني في شهر مايو/أيار الماضي، والتي استهدفت منزل تاجر المخدرات المعروف مرعي الرمثان في قرية الشعاب جنوب شرق المحافظة، حيث قتل وجميع أفراد عائلته المؤلفة من خمسة أطفال ووالدتهم.

وبحسب المصادر، فقد بدأ الأفراد ذوو الصلة بالمخدرات من الترويج إلى التهريب إلى الاستضافة، حيث لوحظ اختفاء عدد من الرؤوس الكبيرة، وسط الحديث عن هروبهم خارج البلاد عقب تأمين عوائلهم داخل المدن.

الهروب من القصف الأردني إلى السويداء

أحد الشبان من ٱل الصفدي القاطن في الجنوب السوري قال لـ"العربي الجديد"، مفضلا عدم الكشف عن اسمه إن الغارة الجوية الأردنية الأخيرة التي راح ضحيتها عشرة مواطنين غالبيتهم من الأطفال والنساء، الخميس الماضي، كانت حاسمة لعدد كبير من العوائل، حيث تبعها تحليق يومي للطيران الحربي الأردني في جنوب السويداء.

وأضاف الشاب أن عدم تداول وسائل الإعلام الرسمية للضربة وعدم صدور أي موقف رسمي يدين الضربات الجوية وانتهاك السيادة الوطنية جعلا العائلات القاطنة في الجنوب تدرك أنها بلا سند، وعليها الهروب من الخطر؛ خاصة أن الضربات الجوية استهدفت مدنيين لا علاقة لهم بالمخدرات.

مصادر مطلعة من المنطقة الحدودية قالت لـ"العربي الجديد"، إنه تم تداول عشرات الأسماء التي تعمل في تجارة المخدرات، ووصلت إلى بعضها رسائل تهديد عبر الجوالات من الجانب الأردني، حيث حصلت السلطات الأردنية على العديد من البيانات بعد القبض على عدد من المهربين في أواخر العام الماضي.

وأشارت المصادر إلى وجود مفاوضات تقودها شخصيات درزية مع الجانب الأردني لإيقاف الغارات الجوية، وملاحقة الرؤوس الكبيرة الضالعة في تهريب المخدرات؛ وليس الصغار، مؤكدة وصول ما يقارب الثلاثين اسما من المطلوبين لدى الجانب الأردني عبر وسطاء إلى القرى والبلدات التي يحاول سكانها تفادي أي قصف وتحييد المدنيين بأي طريقة عن الموت.

من جانبه، قال الناشط المدني منيف رشيد، المنحدر من الجنوب السوري، لـ"العربي الجديد" إن النزوح طاول عدداً كبيراً من جيران المشكوك بأمرهم، حيث باتت مدينة السويداء ملجأ للهاربين من الموت، على الرغم من غلاء الأجور والمعيشة وظروف التعليم. 
رشيد أكد نظرية هروب التجار نحو الخارج، مستذكراً قصص رؤوس العصابات التي سهل لها النظام السوري طرق الهروب نحو لبنان والخليج، مثل راجي فلحوط وسليم حميد.

وعلى الرغم من عدم رد السلطات الأردنية على بيان حركة رجال الكرامة التي طالبت الأردن بلائحة المطلوبين للقبض عليهم وتجنيب المنطقة الحرب والدمار وقتل المدنيين، إلا أن البيان نفسه كان له صدى كبير في كسر حالة الخوف من العصابات وطرح الأسماء والمطالبة بطردهم على أقل تقدير.

ويرى الناشط المدني أيسر أبو لطيف المنحدر من قرية الغارية الواقعة في أقصى الجنوب، أن محاسبة عصابات المخدرات وكشفهم باتا أمراً بالغ الأهمية كأول خطوة لتنظيف المنطقة منهم، لكن الأهم هو القضاء على المنبع وعلى معسكرات التجمع التي يحكى عنها في البادية. مؤكداً أن النظام السوري وأجهزته هي الحامية الحقيقية للعصابات؛ وهو ما يعني أن الحمل الحقيقي على السكان في المنطقة.

(م.ح.) الذي رفض الكشف عن اسمه الحقيقي قال لـ"العربي الجديد" إنه أُرغم على النزوح إلى مدينة السويداء، لأن لديه أبناء صغاراً. وأكد أن خروجه من قريته كان فعل إرغام وليس خيارا، موضحا أنه "في القرية بات الموت مجانياً، ولا تأسف عقب الهروب على شيء؛ لا على أرض تهتم بها لكي تطعم أبناءك، ولا على بيت بذلت لأجل بنائه نصف عمرك، وكل همك أن تهرب بأبنائك الذين خرجت بهم من الدنيا". فضلا عن مدارس الأبناء والمعيشة التي لم تعد تحتمل.

لا أحد يمكن أن يتكهن بما سوف تكون الحال عليه في جنوب السويداء؛ خاصة أن العصابات الكبيرة التابعة للأمن العسكري السوري ما زالت على حالها دون أن تختفي أو تهرب، على الرغم من ترويج أعضائها لذلك، وهو ما يؤكد أن خوف السكان من القصف حقيقي.

المساهمون