السوريون يخشون المجاعة

13 نوفمبر 2021
الفاكهة تحولت إلى حلم بالنسبة لعائلات كثيرة (دليل سليمان/ فرانس برس)
+ الخط -

يبدو أنّ السوريين مقبلون على كارثة إنسانية جديدة في ظل تهديد أمنهم الغذائي، في الوقت الذي تضيق فيه الخيارات أمامهم من دون أن يكون في الأفق أي أمل بأن تتغير أحوالهم. وتقول سلوى حمد (43 عاماً)، وهي ربة أسرة مؤلفة من 3 أطفال وزوج يعمل في إحدى المؤسسات الحكومية، لـ "العربي الجديد": "السؤال الذي دائماً ما يكون حاضراً في ذهني وفي الأحاديث التي تدور بيني وبين أخواتي أو جاراتي هو: ماذا سنطهو؟ وغالباً ما تكون الإجابة عنه غاية في الصعوبة. لا أتحدث عن عائلتي فقط، بل عن الغالبية الساحقة من الجيران والأقارب الذين لم يعد بمقدورهم تناول اللحوم على أنواعها أو الفاكهة والكثير من أنواع الخضار، بالإضافة إلى البيض والحليب، وحتى اللبن والزيتون، علماً أنهما كانا في يوم من الأيام طعام المعدمين". 
تضيف حمد: "اليوم، تمرّ علينا أيام يكون فطورنا فيه عبارة عن خبز والقليل من المياه والسكر، أو نجمع فتات الخبز ونضع فوقه الشاي، فيما يقتصر الغداء على القليل من الأرز أو البرغل المسلوق، ونأكله مع الخبز حتى نشعر بالشبع".

من جهتها، تقول مؤمنه عبدالله (36 عاماً)، وهي عاملة في ورشة خياطة وأم لطفلين وزوجها مفقود منذ 8 سنوات، لـ "العربي الجديد": "هذه الأيام، يشغل تفكيري البحث عن وجبات طعام لا تحتاج لاستخدام غاز الطهي، بعدما تجاوز سعر القارورة 10 آلاف ليرة سورية (نحو ثلاثة دولارات)، علماً أن راتبي لا يتجاوز الـ 100 ألف ليرة سورية (نحو 28 دولاراً)". تضيف: "أطفالي محرومون من تناول الدجاج، ولن أحلم بإطعامهم لحم الغنم أو السمك. منذ ثلاثة أشهر، وهم يطلبون مني شراء الموز، إلا أن التزاماتي أكبر من دخلي". 
ليس لدى عبدالله أي أمل في أن تتحسن أحوالها الاقتصادية. وفي الوقت الحالي، تعتمد على سلة غذائية تحصل عليها شهرياً من إحدى الجمعيات الخيرية، وتشكل المصدر الرئيسي لوجبات عائلتها طوال الشهر. وتشعر بخوف كبير كلّما سمعت عن احتمال توقف توزيع المساعدات، إذ ليست لديها أية بدائل تلجأ إليها. 
ولا تختلف معاناة السوريين من جراء فقدانهم الأمن الغذائي مع اختلاف القوى المسيطرة بحكم الواقع. ففي مناطق شمال غربي سورية، نشر فريق "منسقو الاستجابة في سورية" نتائج استبيان أجري أخيراً في مناطق شمال غربي سورية الخاضعة لسيطرة الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، تحت عنوان "السوريون يتوقعون مجاعة وشيكة"، وخلص إلى أن 47 في المائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم كانوا موافقين بشدة على توقع مجاعة وشيكة في المنطقة.  

أكل الخبز حتى الشبع (محمد سعيد/ الأناضول)
90 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر (محمد سعيد/ الأناضول)

وبحسب الاستبيان، لا يبدو أن الأهالي على ثقة بدور المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات المحلية والدولية في الحد من مجاعة محتملة، وقد بلغت نسبتهم 45 في المائة في مقابل 45 في المائة يرون العكس. وقال 10 في المائة من المستطلعة آراؤهم إنهم لا يعرفون ما إن كانت تحد من المجاعة أم لا. 
وكشف تقرير لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة أن ملايين السوريين يواجهون خطر المجاعة، وقد حذر المدير التنفيذي للبرنامج ديفيد بيسلي، من أن "مستوى انعدام الأمن الغذائي في سورية بلغ أعلى مستوى منذ بدء الصراع" عام 2011. وأشار إلى أن "هناك نحو 12.4 مليون شخص في سورية لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم الغذائية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

وكان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ لدى الأمم المتحدة مارتن غريفيث، قد أعلن الشهر الماضي أن 90 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر ويضطر الكثير منهم لاتخاذ خيارات صعبة لتغطية نفقاتهم اليومية. أضاف أن السوريين "على وشك مواجهة شتاء قارس آخر، ومع بدء درجات الحرارة في الانخفاض، سيؤدي هطول الأمطار والبرد والشتاء إلى تفاقم المصاعب والمخاطر"، لافتاً إلى أن "نحو مليوني شخص، معظمهم من النساء والأطفال، يعيشون في مخيمات هشة أو في الوديان التي تغمرها المياه، أو على سفوح التلال الصخرية المعرضة للعوامل الجوية".

المساهمون