سيتمكن 120 تونسياً من العبور إلى مدريد بعد سنتين من الاحتجاز في مركز للإيواء بالجيب الإسباني مليلية، شمال شرق المغرب، وعبّر المهاجرون غير القانونيين عن فرحتهم بالرقص والغناء، مؤكدين أن القضية أكبر من مليلية، وأنها أول انتصار لتونس في ملف الهجرة السرية.
وقال رئيس جمعية "الأرض للجميع"، عماد السلطاني، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "تونس نجحت في فرض القانون، ومليلية ستكون درساً في الصمود والنضال من أجل قضية إنسانية عادلة وافتكاك الحقوق"، مبيناً أنه "رغم قرارات الترحيل القسري الجماعي، إلا أن الجمعية سعت بشتى الوسائل والطرق إلى المطالبة بتطبيق القانون، وأُرسِل عديد الشكاوي إلى دول الاتحاد الأوروبي لإجبار إسبانيا على تطبيق القانون".
وأضاف أن وزير الداخلية الإسباني، فرناندو غراندي مارلاسكا، غالط الرأي العام في إطار حملته الانتخابية، وصرّح بأن تونس موافقة على ترحيل أبنائها، لافتاً إلى كشف عدة مغالطات، وإلى أن هناك نواباً من إسبانيا ومنظمات حقوقية ساندوا التونسيين في هذا الملف.
وحاولت السلطات الإسبانية في وقت سابق التعامل مع المهاجرين التونسيين كورقة ضغط لإجبار الحكومة التونسية على توقيع اتفاقية بشأن الهجرة السرية، على غرار الاتفاقيات الموقعة مع المغرب والجزائر وبلدان أفريقية أخرى، إلا أنها لم تتمكن من ترحيلهم بسبب غياب سند قانوني، لعدم وجود اتفاقية مع تونس.
وأوضح السلطاني أنه سمح لـ 120 تونسياً بالعبور، وسيصلون في وقت لاحق اليوم الخميس إلى مدريد، متمنياً أن يكون ذلك في ظروف جيدة.
وتوقع أن يُسمَح لبقية التونسيين العالقين، وعددهم تقريباً نحو 500 بالعبور أيضاً على دفعات، فيما سبق ترحيل 200 آخرين إلى تونس.
وأشار إلى أن الخطوة التي حصلت اليوم تُعَدّ مكسباً كبيراً لتونس لكي تستميت في الدفاع عن أبنائها والتفاوض بندية ودون استسلام مع دول الاتحاد الأوروبي.
واعتبر السلطاني أن "الملف يتجاوز قضية مليلية، بل هو رسالة للعالم لاحترام حقوق المهاجرين في التنقل وكسر الرفض المستمر للتونسيين الذين كانوا يستثنون من العبور وللحكومة لكي لا تخذل أبناءها باتفاقات جائرة، كما حصل في إيطاليا".
وزعم أنه لا يدافع عن مهاجرين سريين، بل عن مشروع، قائلاً إنه "يحق لأي تونسي أن يسافر إلى أي بلد أوروبي دون أن يضطر إلى البقاء في الطوابير لنيل تأشيرة، وتكون أحياناً بإذلال كبير، فشعار 2021 هو المساواة بين الشعوب". كذلك أشار إلى أن عائلات المهاجرين كانوا في المستوى أيضاً وسعت الجمعية إلى تأطير أغلب تحركاتهم لإيصال أصواتهم.
وبيّن أن هذا لا يعني عدم حصول مآسٍ في ملف المحتجزين بمليلية، فهناك من فقد حياته أخيراً، وهو شاب من المحتجزين ذهب ليصطاد ليقتات، فمات هناك، وهناك من عاش أزمات نفسية حادة بسبب صعوبة الوضع.
وكشف أن جمعية "الأرض للجميع"، التي يترأسها، ستقوم بخطوة رمزية بالتوجه اليوم الخميس إلى سفارة إسبانيا بتونس، وسيحمل المشاركون الورود للتأكيد أن الشعب التونسي يردّ على هذه الخطوة بالعرفان والامتنان، على حد تعبيره.
وقال وليد خزامي، مهاجر تونسي في مليلية، في تصريح لـ"العربي الجديد" إن الفرحة كبيرة، فهم لا يصدقون ما يحصل بعد مضي سنتين، خاصة أنهم كانوا يتوقعون ترحيلهم في أي لحظة، مضيفاً أنه وُضع 120 مهاجراً في الحجر الصحي للعبور الخميس إلى مدريد، ويأملون أن يشملهم القرار أيضاً.