سمحت السلطات المصرية بزيارتين إضافيتين في السجون خلال الفترة الممتدة من يوم أمس السبت وحتى الأربعاء 27 إبريل/ نيسان الجاري، بمناسبة عيدي تحرير سيناء والقيامة إلى جانب الزيارة الأساسية، مع استثناء الفئة المحرومة من الزيارات منذ سنوات طويلة، والتي تواجه مخالفات لمواد الدستور والقانون والشرائع الإنسانية، واللوائح التي تنظم الزيارات في السجون.
وتمنع الزيارات بالكامل منذ سنوات لعدد كبير من السجناء السياسيين، غالبيتهم من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، ما يخالف القوانين الدولية.
ويفترض أن تحدد اللوائح التي تنظم الزيارات الطبيعية والاستثنائية والخاصة لكل سجين أو محبوس احتياطياً، والعقوبات التي يتعرضون لها، وتلك لمن يرتكبون مخالفات تستحق حرمانهم من الزيارات لفترة محددة. وتنص المادة رقم 42 من قانون تنظيم السجون المصري على "إمكان منع الزيارة في شكل مطلق أو بحسب الظروف في أوقات معينة لأسباب صحية أو أمنية". وهكذا يُسمح للممنوعين من الزيارات بالتحدث قليلاً فقط خلال جلسات المحاكمة، في ظل وجود الإعلام، ما يخالف أدنى القواعد النموذجية لمعاملة السجناء المعروفة باسم "قواعد نيلسون مانديلا" (الرئيس الجنوب أفريقي الراحل)، في شأن الزيارات والمراسلات، ويطلق يد إدارات السجون في اتخاذ قرارات منع الزيارات أو تقييدها بشروط من دون توضيح الحالات التي يجوز فيها منع وغلق السجون في وجه الزوار.
وفيما لا يشير القانون بدقة إلى ظروف منع الزيارات، والأسباب الصحية والأمنية للقرارات، يسهّل ذلك اتخاذ إدارات السجون إجراءات تعسفية لتطبيق هذه الإجراءات في أي وقت تشاء من دون تقديم أسباب منطقية ومعقولة، في حين تعتمد المراسلات بالكامل على الخطابات وهي وسيلة بدائية قديمة جداً لم تعد تستخدم بين أفراد المجتمع بحسب تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" التي تصف مواد قانون السجون المصرية بأنه "فضفاض، باعتباره لم يعدّل منذ عام 1956، ويعطي مسؤولي وزارة الداخلية سلطة مطلقة لمنع الزيارات في أي وقت، ومن دون أسباب".
وتطول قائمة الممنوعين من الزيارات في السجون، وتضم عدداً كبيراً من النساء بينهم سمية ماهر أحمد خزيمة التي ألقي القبض عليها في 17 أكتوبر/ تشرين الأول 2017، ولم يسمح لها بأي زيارة منذ ذلك التاريخ، وكذلك المحامية الحقوقية هدى عبد المنعم التي اعتقلت في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، وحرمت منذ ذلك الحين من رؤية أولادها وأسرتها.
ووراء القضبان أيضاً، عائشة خيرت الشاطر، ابنة القيادي في جماعة الإخوان المسلمين خيرت الشاطر، التي أودعت السجن في الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني 2018، مع حرمانها من رؤية أطفالها، وهدى عبد الحميد، والدة المعتقل السياسي عبد الرحمن الشويخ، المعتقلة منذ 27 إبريل/ نيسان 2021، مع حرمانها من الزيارات وتلقي العلاج المناسب.
وجمّدت وزارة الداخلية كل الزيارات لسجن العقرب الذي يعرف باسم"غونتانامو مصر"، نسبة إلى السجن الأميركي الشهير السابق في كوبا. ويخضع سجن العقرب لحراسة شديدة، ويقع ضمن مجمّع سجون طرة جنوب القاهرة التي تبعد مسافة كيلومترين من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية جنوبي القاهرة، ويحاط بسور بارتفاع سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، مع تشييد مكاتب الضباط خلف الحواجز والقضبان الحديدية.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن إجمالي عدد سجناء العقرب من السياسيين يضم بين 1000 إلى 1200 معتقل وآخرين متهمين في قضايا جنائية. وتوضح منظمة "هيومن رايتس ووتش" أن "حظر الزيارات بدأ بعد فترة من تعيين الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الداخلية الحالي مجدي عبد الغفار في مارس/ آذار 2015". وتشير إلى أنّ "الأهالي يجمعون على أن ظروف سجن العقرب تدهورت كثيراً بعد تعيين عبد الغفار، خصوصاً أن حظر الزيارات منع الأهالي من جلب الطعام والدواء والملابس التي تعتبر غير متوفرة بالكامل داخل السجن، أو بكميات هزيلة فقط وبحالة سيئة، في إطار سياسة التجويع".
كما يمنع الحظر بعض الأهالي من زيارة أقاربهم المحتجزين الذين ينتظرون تنفيذ أحكام الإعدام التي نفذت في حق بعضهم من دون إخطار الأهالي، ما يخالف القانون المصري.
ويكشف تصنيف لمواضيع الشكاوى التي قدمها سجناء سابقون ومحامون نيابة عن موكليهم أن "إدارة السجن لا تلتزم بالمواد القانونية للقوائم بالكامل في ما يتعلق بالرعاية الصحية والتريض والزيارات والأوضاع العامة داخل مقار الاحتجاز، وتطبيق الإجراءات العقابية تعسفياً".
واعتبرت الشكاوى من الإهمال الطبي داخل السجن الأعلى لدى المحامين بنسبة 91 في المائة والسجناء (90 في المائة)، ثم من سوء المعاملة داخل السجن، وتردي أوضاع الاحتجاز، ومنع الزيارات أو التضييق عليها، ومنع التريض. وشدد 54.5 في المائة من المحامين على أن شكواهم هدفت إلى وقف انتهاكات أو مخالفات في حق موكليهم شملت أيضاً المنع من الخضوع لامتحانات وسوء التغذية وتكدس الزنزانات وارتفاع درجة حرارة داخل آليات النقل.
واللافت أنّ أكثر من 75 في المائة من شكاوى السجناء السابقين شملت أفراداً في إدارات السجون، وفي مقدمهم ضد ضباط المباحث بنسبة 25 في المائة. كما أكد 60 في المائة من السجناء السابقين أن رئيس مباحث السجن يتلقى الشكاوى بنفسه.