خلال السنوات الأخيرة، صدرت العديد من الكتب والدراسات التي تناولت كيفيّة العيش بسعادة بين الأزواج، منها النوم في غرف منفصلة. لكن خلال تفشي فيروس كورونا الجديد وفرض معظم الدول حول العالم إجراءات الإغلاق العام، تضاءل مقدار الوقت الذي يقضيه معظم الأزواج بعيدين بعضهم عن بعض بشكل كبير، ما دفع البعض إلى البحث عن ترتيبات للنوم تسمح لهم بقضاء بعض الوقت على انفراد. وبحسب الخبراء، فالليل هو للاسترخاء واستجماع الأفكار والعناية بالذات، ما يفيد طرفي العلاقة.
وتكشف دراسة حديثة أصدرتها جمعية النوم البريطانية أنّ سر الزواج الصحي الطويل يكمن في نوم الزوجين في سريرين منفصلين، وتُبيّن أن نسبة الأزواج من أيرلندا الشمالية الذين يقومون بذلك تزيد عن الضعف بالمقارنة مع آخرين في بريطانيا. وتفيد الدراسة بأن نحو 21 في المائة من الأشخاص في أيرلندا الشمالية ينامون بشكل منفصل بالمقارنة مع المعدل الوطني البالغ 12 في المائة. ويصل العدد إلى 10 في المائة في اسكتلندا، بينما يبلغ 12 في المائة في ويلز.
ويقول خبراء إن النوم المنفصل عن الشريك مسألة شائعة جداً بين الأزواج، ولا تشير بالضرورة إلى تدهور العلاقة بين الشريكين، ويذكرون وجود أسباب مختلفة للقيام بذلك، منها الشخير، أو اضطرابات النوم، مثل الأرق، أو المرض. على سبيل المثال، وفي ذروة أزمة الوباء، نُصح الأزواج في الصين وبريطانيا بالنوم في أسرة منفصلة للحد من تفشي الفيروس.
وتصدّر الأزواج من ميدلاند الشرقية وجنوب شرق إنكلترا اللائحة لناحية اختيار النوم في سرير واحد، إذ اختار 9 في المائة فقط من الأزواج في هذه المناطق النوم بشكل منفصل. وتكشف البيانات أن الإناث يفضلن ولو بنسبة طفيفة مشاركة السرير مع شريكهن أكثر بالمقارنة مع الذكور، وتظهر أن أولئك الذين استمر زواجهم لمدة أطول وبلغوا من العمر ما يزيد عن 65 عاماً هم عادةً أكثر اختياراً للنوم منفصلين.
وتقول ليشا (55 عاماً)، لـ"العربي الجديد": "ينام كل منّا في غرفة منفصلة وحده منذ ما يزيد عن 20 عاماً". تضيف أنه بعد إنجاب طفلتها اضطرت للاستيقاظ خلال الليل والاهتمام بها كونها لا تعمل، بينما يحتاج زوجها إلى الراحة كي يتمكن من الذهاب إلى وظيفته. تتابع: "اعتقدنا أنّها فترة مؤقتة لكنّنا وجدنا أنّنا بالفعل نرتاح أكثر ولا نقلق من إزعاج بعضنا بعضاً، فقرّرنا الاستمرار على هذه الحال والاستمتاع بخصوصيتنا الكاملة خلال الليل".
من جهتها، تقول كارين (47 عاماً)، إنّها طلبت من زوجها النوم في غرفة منفصلة كونها حسّاسة للغاية، ويمكن أن تستيقظ في حال قيامه بأي حركة. تتابع أن زوجها تقبل الأمر بأريحية حتى أنّه رفض لاحقاً العودة للنوم في السرير ذاته ولو لليلة واحدة عندما طلبت منه ذلك. لكنّها لا تنكر أنّها تشكك أحياناً في حبه لها، وخصوصاً عندما تواجه مشاكل في الحياة، وتشعر بأنّها تريده أن ينام بالقرب منها كي تستعيد ثقتها بحبه لها، وتُعلّق: "لا أعتقد أنه يمكن تعميم هذه الدراسة عن النوم على الجميع لتأمين سرّ الزواج السعيد. المشاعر الإنسانية والعلاقات أكثر تعقيداً من أن تُحلّ عبر النوم في سريرين منفصلين". واللافت أنّ الدراسة تبرز رغبة الشباب الذين تراوح أعمارهم ما بين 18 و24 عاماً بالنوم في أسرة مختلفة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ الولايات المتحدة كانت قد سبقت المملكة المتحدة في هذا الخصوص. وكشفت دراسة، نشرت الشهر الماضي، أن 25 في المائة من الأزواج في أميركا ينامون بشكل منفصل في محاولة للحصول على ليلة مريحة.
في هذا السياق، تقول نائبة الرئيس التنفيذي لجمعية النوم الخيرية ليزا أرتيس إنه من "المهم حقاً" أن يختار الأزواج الترتيب الذي يناسب احتياجاتهم على أفضل وجه. وتعدّ ساعات النوم التي نحصل عليها هامّة، وإن كانت الجودة تلعب دوراً أساسياً أيضاً. وتشمل دورة النوم أربع مراحل منفصلة، ولكل مرحلة دورها في تأمين راحة العقل والجسم والاستيقاظ بنشاط. ويُساعد فهم دورة النوم أيضاً في شرح كيف يمكن أن تؤثر بعض اضطرابات النوم، مثل الأرق وانقطاع النفس الانسدادي النومي (الشكل الأكثر شيوعاً من اضطرابات النفس المرتبطة بالنوم)، على نوم الشخص وصحته. والمراحل من 1 إلى 3، أي نوم حركة العين غير السريعة (NREM)، تعرف أيضاً باسم النوم الهادئ. أمّا المرحلة الرابعة، فهي نوم حركة العين السريعة (REM)، وتعرف أيضاً بالنوم النشط أو النوم المتناقض. ولكل مرحلة وظيفة ودور فريد في الحفاظ على الأداء المعرفي العام للعقل. وتتكرر دورة النوم مرات عدة في الليلة الواحدة مع زيادة مدة وعمق النوم في كل مرحلة متتالية من مرحلة حركة العين السريعة.
ويقول الخبراء إنّ عدم الحصول على قسط كافٍ من النوم يسبب مشاكل صحية مع مرور الوقت، بما في ذلك عدم القدرة على التعلم والتركيز أو اتخاذ قرارات عقلانية وحل المشاكل، بالإضافة إلى ضعف الذاكرة والعجز عن السيطرة على المشاعر.
وتجدر الإشارة إلى أنّ مراحل النوم كانت مقسّمة إلى خمس، لكن تم تغيير ذلك من قبل الأكاديمية الأميركية لطب النوم (AASM) في عام 2007.