الروس والتعارف... الإنترنت وأوهام الخيارات الكثيرة

25 سبتمبر 2021
التعارف ممكن عبر الإنترنت (فلاديمير غيردو/ Getty)
+ الخط -

لم تمر جائحة كورونا من دون أن تعزز الأدوار التي تضطلع بها شبكة الإنترنت والتواصل عن بعد في المجتمع الروسي، وبينها البحث عن شريك العمر، مع تزايد استخدام الروس تطبيقات التعارف، مثل "تيندر" و"بادو" وأخرى لإقامة علاقات، وحتى تكوين عائلات.  
وتكشف إحصاءات حديثة أصدرتها خدمة "وان ستيب داتينغ" للتعارف عبر الإنترنت، تزايد عدد الروس الذين يستخدمون تطبيقات ومواقع التعارف بنسبة 25 في المائة، وتحديداً من 3.8 ملايين في 2020 إلى أكثر من 5 ملايين هذا العام. كما تشير إلى أن أكثر من نصفهم تراوح أعمارهم بين 25 و35 عاماً، وأن 40 في المائة منهم بأعمار بين 18 و24 عاماً، و10 في المائة منهم يتجاوزن 36 عاماً.
وتوضح الإحصاءات أن الاهتمامات التي يذكرها الرجال في بيانات تحديد شخصياتهم تشمل الرياضة والسيارات والسياسة، فيما تنتقي النساء خيارات السفر والطبخ والرياضة. وتشير إلى أن نسبة كبيرة من مستخدمي تطبيقات العلاقات الثنائية مدراء من درجات متوسطة وأصحاب مشاريع صغيرة ورياضيين تراوح مداخيلهم الشهرية بين 50 و100 ألف روبل (700 - 1400 دولار). 
لكن ثمة تحذيرات من مخاطر التعارف عبر الإنترنت، مثل التعرض لعمليات نصب أو احتيال، وتسريب بيانات شخصية، في حين يتمثل أهمها في التوهم بسهولة إيجاد شريك عبر تصفح عشرات بل مئات من صفحات المستخدمين يومياً.  

قضايا وناس
التحديثات الحية

"أوهام" التعارف السهل
وتتحدث عالمة النفس المتخصصة في شؤون الأسرة سفيتلانا بويارينوفا، لـ"العربي الجديد"، عن مجموعة من المخاطر النفسية في عملية البحث عن شريك عبر الإنترنت، لكنها تعترف بأن هذه الوسيلة أصبحت سائدة لإيجاد شريك الحياة لدى فئات عمرية تبدأ من النصف الثاني من العقد الثالث من العمر. 
وتشرح بأن "غالبية الرجال والنساء فوق 30 عاماً يتعرف بعضهم على بعض عبر تطبيقات للتعارف باتت تلعب دور وسطاء زواج. ويلتقي هؤلاء من خلال اهتمامات مشتركة مثل الرياضة والسفر أو أصدقاء مشتركين بينهم. في المقابل، يتجنب الشباب إقامة علاقات في أماكن عملهم، خوفاً من فشلها وتأثيرها على مستقبلهم المهني، بينما تعد الحانات والملاهي الليلية مقصداً للباحثين عن علاقات عابرة". 
ولا تتردد بويارينوفا في التحذير من مجموعة سلبيات تتعلق بالتعارف عبر الإنترنت، و"بينها خلق شعور بتوافر خيارات واسعة للدخول في علاقات، وزيادة التوهم بإمكان إيجاد شخص مناسب بسهولة، لكن ذلك غير صحيح". 

حملات على "يوتيوب"
ومع انتشار ظاهرة التعارف عبر الإنترنت، زاد عدد الشبان الروس الذين يقدمون نصائح عبر قنواتهم الخاصة على "يوتيوب"، ويتحدثون عن النتائج الجيدة للتعارف عبر تطبيقات تحمّل على هواتف خلوية.  
وفي مقطع بعنوان "ماذا فهمت بعد 300 مواعدة عبر تيندر" نشره على قناته المتخصصة في علم نفس العلاقات، يبدي شاب يدعى فلاديمير ريابوف اعتقاده بأن 80 في المائة من نجاح التعارف تعتمد على محتوى استمارة التعارف والصور المرفقة بها، داعياً إلى عدم إطالة وقت المراسلات، بل الإسراع في الاتفاق على مقابلة شخصية.  
ويخاطب ريابوف جمهوره في مقطع الفيديو الذي حقق نحو 130 ألف مشاهدة قائلاً: "لا تستخدم الموقع لبعث رسائل، بل احصل على وسائل للاتصال. وإذا لم تكن الفتاة مستعدة لإعطائك رقم هاتفها، فهي غير جاهزة لمقابلتك". 
ويلفت إلى أن غالبية الفتيات اللواتي تعرف إليهن عبر تطبيقات كن مستعدات لإقامة "علاقات متحررة" رغم أنهن زعمن أصلا أنهن يبحثن عن علاقات جدية والزواج والإنجاب، بينما لا يستبعد إمكان إيجاد فتاة لإقامة علاقة جدية، "لكن بعد إجراء عدد كبير من المقابلات".  
ويحذر ريابوف من أن "موقع تيندر يجرّ مستخدميه، ويخلق أوهاماً بوجود خيارات لامتناهية"، ويستشهد بإحصاءات تكشف أنه في حال سجل شاب أو فتاة نفسه يوماَ على منصة للتعارف فسيعود إليها مجدداً، ويقول إن "تيندر ليس حلاً ناجحاً بالكامل، ولن يساعد الفاشلين في إقامة علاقات في الحياة العادية".

قضايا وناس
التحديثات الحية

مخاطر وجرائم
واللافت أن التعارف عبر الإنترنت في روسيا لم يخلُ من مخاطر مباشرة انتهت بارتكاب جرائم جنائية خلال الفترة الأخيرة، إذ قدمت مواطنة في الـ31 من العمر بلاغاً للشرطة عن تعرضها لسرقة خاتم ذهبي وسماعات لاسلكية، بعدما تعرفت إلى شاب في الـ36 من العمر عبر شبكات التواصل الاجتماعي يسكن في جمهورية بورياتيا الروسية.  
وفي وقت سابق من سبتمبر/ أيلول الجاري، قتلت امرأة بطعنات سكين رجل تعرفت إليه عبر الإنترنت في مدينة سان بطرسبرغ (شمال)، بعدما أصرّ على ممارسة علاقة جنسية معها بأسلوب عنيف.

المساهمون