قال الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، اليوم الثلاثاء، إنّ استمرار وجود مخيمات النازحين في البلاد "أمر غير مقبول"، مؤكداً على ضرورة تعزيز الجهود لإنهاء ملف النزوح وضمان عودة جميع النازحين إلى منازلهم ومناطقهم.
وجاء ذلك ضمن اللقاء الذي جمع رشيد ونائب الممثل الخاص للأمم المتحدة في العراق ومنسق الشؤون الإنسانية غلام محمد إسحق، والوفد المرافق له، بحضور وزيرة الهجرة إيفان فائق جابرو، وفقاً لما ذكر المكتب الإعلامي لرئيس الجمهورية في بيان.
ووفقاً للمصدر نفسه، فإن "اللقاء بحث ملف النازحين في البلاد، وضرورة تعزيز الجهود على كافة الصعد من أجل إنهاء ملف النزوح وضمان عودة جميع النازحين إلى منازلهم ومناطقهم"، فيما شدد عبد اللطيف، وفقاً للبيان، على "عدم التهاون في هذا الملف الإنساني الحيوي والعمل الجاد بين المنظمات الدولية المعنية والجهات الحكومية في هذا الخصوص".
وأكد على أهمية "إكمال البناء والإعمار في مدينة سنجار وتوفير الخدمات"، مشيرا إلى "استعداد رئاسة الجمهورية لدعم هذه الجهود والتنسيق مع المنظمات الدولية لغرض إعادة النازحين الذين يعيشون أوضاعا مأساوية"، معرباً عن "أمله في إكمال البنى التحتية في المدينة لأهميتها في إنهاء ملف النازحين".
وتابع: "نشعر بالألم لوجود أعداد من النازحين في البلاد وسط ظروف صعبة"، داعياً إلى "ضرورة تسريع عملية إعادة النازحين وحسم المسائل التي تمنع ذلك، مع ضمان عودة آمنة ومستقرة وحياة كريمة في مناطقهم".
من جهته، أكد وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي أن الحكومة حريصة على إنهاء ملف النازحين وإعادتهم لمناطقهم خلال ستة أشهر.
وذكر الأسدي، في بيان، أن "جملة من المشاكل تعيق هذا الملف، منها مشاكل أمنية لكون بعض المناطق غير آمنة تنشط فيها بعض العصابات الإرهابية، فضلاً عن وجود مخلفات حربية، ومشاكل أخرى اجتماعية واقتصادية".
وفي وقت سابق، وصفت وزارة الهجرة والمهجرين العراقية مهمة إنهاء المشاكل التي تمنع إعادة النازحين إلى مناطقهم الأصلية بالصعبة، رغم مرور 8 سنوات على نزوحهم القسري عقب اجتياح تنظيم "داعش" عددا من المحافظات خلال صيف 2015، وإغلاق جميع مخيمات النازحين في المحافظات، باستثناء تلك التي أقيمت في إقليم كردستان.
ووفقا لتصريح سابق لوكيل وزارة الهجرة كريم النوري، فإنّ "أكثر من 4 ملايين ونصف مليون عراقي نزحوا بعد اجتياح (داعش) عددا من المحافظات العراقية خلال صيف 2014، وسكنوا في 170 مخيماً"، مبينا أنه "نتيجة لإجراءات الحكومة بمعالجة أوضاع النازحين، عاد معظمهم لمناطق سكنهم، ولم يبق سوى 28 مخيماً تقطنها 37 ألف عائلة حاليا".
وأكد أن "منظمة الهجرة الدولية ومنظمات أخرى حول العالم شهدت على نجاح العراق في ملف إعادة النازحين، ونأمل بأن يشهد العام المقبل إنهاء الملف بشكل كامل عبر إعادة الجميع لمناطق سكنهم"، مشيرا إلى أن "الأسباب التي منعت عودة ما تبقى من النازحين تتضمن عدم إعمار منازلهم المهدمة، إضافة إلى أسباب سياسية وأمنية وأخرى عشائرية، وأن جميع الموجودين في المخيمات تم التدقيق فيهم أمنيا".
من جانبه، قال النائب المستقل في البرلمان العراقي باسم خشّان إن "ملف النزوح يخضع لاعتبارات وقرارات ورغبات سياسية، وهذه الرغبات تتحكم بالملف بشكلٍ كامل، رغم أن هناك بعض المعوقات التي تساهم فعلاً بمنع النازحين من العودة إلى ديارهم الأصلية، إلا أن هذه الأخيرة يمكن التغلب عليها"، معتبراً في حديثٍ مع "العربي الجديد"، أن "معظم مدن البلاد المحررة جاهزة لاستقبال النازحين، شرط توفير المعونات لهم من أجل إعادة بناء منازلهم وإحياء الحياة التجارية والاقتصادية فيها، وأن تنسحب بعض القوى المسلحة منها".
بدوره، رأى الناشط السياسي عمر فاروق أن "التعليقات الأخيرة لرئيس الجمهورية بخصوص النازحين لا قيمة لها"، مبيناً لـ"العربي الجديد"، أن "الحكومة الحالية لم تتخذ أي إجراءات حقيقية لمعالجة هذا الملف، وكان من المفترض برئيس الجمهورية توجيه مخالفة قانونية ودستورية للحكومة لكونها مقصرة في عملها تجاه ملف النزوح".
وما زال أكثر من 400 ألف عراقي ممنوعون من العودة إلى مدنهم بقرار من الفصائل المسلحة التي تستولي عليها، وأبرزها مدينة جرف الصخر (شمال بابل)، التي تسيطر عليها مليشيات عدة، أبرزها "كتائب حزب الله" و"النجباء" و"عصائب أهل الحق" و"جند الإمام"، منذ نهاية عام 2014، إلى جانب بلدات أخرى، أهمها العوجة ويثرب وعزيز بلد وقرى الطوز وقرى مكحول في محافظة صلاح الدين، والعويسات وذراع دجلة وجزء من منطقة الثرثار ومجمع الفوسفات في محافظة الأنبار، وقرى المقدادية وحوض العظيم، شمال شرق محافظة ديالى، إلى جانب قرى ومناطق عديدة في محافظة نينوى تقع على مقربة من الحدود مع سورية، أبرزها ربيعة وقرى سنجار العربية.