استمع إلى الملخص
- توسعت خدمات المنظمة لتشمل إزالة مخلفات الحرب، إصلاح الطرق، إنشاء مراكز صحية، وتوثيق الأدلة لدعم العدالة، كما توسعت بعد زلزال 2023 لتشمل مشاريع بناء وإعادة تأهيل البنية التحتية.
- تدير "الخوذ البيضاء" حالياً 65 مركزاً للبحث والإنقاذ و39 مركزاً لصحة النساء، وتواصل تطوير قدراتها لتحقيق العدالة في شمال غربي سوريا.
تُواصل منظمة الدفاع المدني السوري "الخوذ البيضاء"، عملها الإنساني بعد مرور 10 سنوات على تأسيسها، وتسهم المؤسسة في عمليات إنقاذ الأرواح ومساعدة المدنيين المتضررين من النظام السوري وحلفائه، إضافة إلى التحرك في الكوارث الطبيعية وغيرها، إذ تحوّلت إلى رمز للعمل الإنساني في مناطق شمال غربي سورية، برغم كل الصعوبات والتحديات.
أحمد يازجي عضو مجلس إدارة الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء)، قال، في حديث لـ"العربي الجديد"، إنّ "مؤسسة الدفاع المدني السوري نشأت بناءً على الحاجة إليها بعد انطلاق الانتفاضة السورية وقمع النظام لها (2011)، واستخدامه سياسة العقاب الجماعي بحق السكان والمجتمعات المناوئة التي كانت تطالب بالحرية والعدالة". وأضاف "استخدم النظام القصف ووسائل العقاب الجماعي مثل الحصار وقطع الخدمات عن هذه المناطق، ومن هنا ظهرت الحاجة إلى وجود جهة تساعد هذه المجتمعات في كل حي ومدينة، وبدأت تتشكل فرق تطوعية تسعى إلى مساعدة الناس عند وقوع القصف، مثل إسعافهم إلى المستشفيات أو محاولة إخراج من هم تحت الأنقاض. وهذا العمل مدفوع بالفطرة الإنسانية، حيث لا يستطيع أي شخص أن يشاهد مثل هذه الأحداث ويبقى واقفاً في مكانه إذا كان قادراً على المساعدة".
فرق الدفاع المدني السوري.. حكاية صمود
وفي البداية، كانت هذه المبادرات مجرد محاولات فردية لمساعدة المجتمعات المحلية، وفق ما كشف يازجي، ولم تكن هناك نية لإنشاء مؤسسة. "لكن مع توسع مطالب الحرية واستمرار الانتفاضة السورية، زادت الحاجة إلى توسيع نطاق العمل التطوعي لمواكبة ارتفاع العنف الذي يمارسه النظام، الذي استخدم أسلحة جديدة مثل القصف المدفعي والصواريخ والغارات الجوية والبراميل المتفجرة"، وفق ما يقول، و"من هنا، بدأ عدد المتطوعين يزداد لتلبية الحاجة إلى الإسعاف والإنقاذ".
وبعد عام 2012، بدأ النظام بفرض الحصار على عدة مناطق مثل الغوطة وحمص ودرعا، وكذلك بعض مدن ريف دمشق ودير الزور وإدلب، بحسب يازجي، مضيفاً "هكذا، بدأت فرق الدفاع المدني تتوسع لتغطي هذه المناطق وتقدم خدمات إضافية. كذلك، مع تزايد استخدام الأسلحة وتراكم مخلفات الحرب، نشأت الحاجة إلى فرق مختصة لإزالة هذه المخلفات. وعندما تضررت الطرق أو حدثت فيضانات بسبب القصف، ظهرت الحاجة إلى فرق تقدم خدمات عامة".
وأردف "مع مرور الوقت، أدركنا أننا بحاجة إلى إنشاء مراكز صحية للنساء، خاصةً في المناطق التي تفتقر إلى مؤسسات طبية تقدم الإسعافات الأولية والرعاية الصحية. كذلك، أصبح لدينا اليوم توثيقات وأدلة تحتاج إلى أرشفة ومشاركة مع الجهات الدولية والحقوقية لدعم مسار العدالة للسوريين".
ولقد تطورت خدمات الدفاع المدني وفقاً للمتطلبات المتزايدة، كما أكد يازجي، مثل سيارات الإسعاف التي تطورت إلى مركبات مخصصة ومجهزة لنقل الأطفال الخدج، إضافةً إلى برنامج البناء وإعادة التأهيل الذي توسع بعد كارثة زلزال فبراير/ شباط 2023، حيث نفذت المنظمة مشاريع طرقية وبناء مدارس ومراكز صحية.
وأوضح "حالياً، لدينا نحو 65 مركزاً لتقديم خدمات بحث وإنقاذ وإطفاء وإسعاف، بالإضافة إلى 39 مركزاً لصحة النساء والأسرة تقدم الإسعافات الأولية والدعم النفسي وخدمات العلاج الطبيعي، بما في ذلك عاملات صحة مجتمعية لدعم هذه الأنشطة. يتم توزيع هذه الخدمات على المراكز بشكل متوازن لتلبية احتياجات سكان شمال غربي سورية وفقاً للتوزيع الجغرافي والكثافة السكانية".
وختم يازجي "مع خبرة عشر سنوات، حرصنا على تطوير قدراتنا بشكل مستمر من خلال بناء فرق طبية مؤهلة ومدربة على إدارة سيارات الإسعاف والخدمات الأخرى. وقد أثبتت هذه الجهود فاعليتها خلال كارثة الزلزال، لكن ما زلنا نرى أن هناك نقصاً في بعض المجالات لتحقيق أفضل خدمة لأهلنا. أما تطلعاتنا المستقبلية فتتمثل في تقديم أفضل خدمة ممكنة للسوريين، والسعي لتحقيق العدالة، لأننا نؤمن بأن لا سلام ولا استقرار في سورية من دون تحقيق العدالة".
ويرى سكان أن متطوعي منظمة الدفاع المدني السوري يعملون وفق دافع إنساني في الأساس، كما أشار المدرس حسين السيد (52 عاماً) المقيم في مدينة إدلب، خلال حديثه لـ"العربي الجديد"، وقال: "خلال السنوات الماضية دأبت عناصر الدفاع المدني على الحضور عند حدوث أي كارثة، ومع زلزال فبراير وبرغم ضعف الإمكانيات قدموا ما يستطيعون وأكثر، نتطلع إلى استمرار عمل هذه المنظمة وازدهارها". وبدورها تقول حميدة الخضر المقيمة في ريف إدلب الشمالي وهي نازحة من منطقة معرة النعمان جنوب إدلب، خلال حديثها لـ"العربي الجديد"، إن المنظمة ساعدتهم خلال التهجير من المنطقة عام 2019، وهي تمد يد العون إلى أعداد كبيرة من الناس.