يستخدم معظم الشبان والرجال في مدينة القامشلي بمحافظة الحسكة السورية، الدراجة النارية كوسيلة تنقل، لكنهم يتعرضون لحملات ملاحقة من قوى الأمن التابعة لـ"الإدارة الذاتية".
يعمل السوري مهند العلي في محطة وقود بالقامشلي، وطبيعة عمله تتطلب الحضور في ساعات متأخرة من الليل أو في الصباح الباكر، ونظراً لعدم وجود سيارات أجرة أو حافلات نقل داخلي في هذه الأوقات، فوسيلة التنقل المتاحة هي الدراجة النارية، لكن قوى الأمن الداخلي "الأسايش" تقوم بحملات ضد تلك الدراجات، مما يتسبب في خسائر مالية، وإشكاليات مع صاحب العمل.
ويقول فنر محمود، لـ"العربي الجديد": "أعمل بائعاً للفواكه والخضروات، وطبيعة عملي تقتضي الذهاب إلى السوق في الساعة الخامسة فجراً، ولا يمكنني فعل ذلك من دون دراجتي النارية، وكثيرا ما يتم توقيفي من قبل (الأسايش) بحجة منع الدراجات النارية، كون بعض المراهقين والشباب يستخدمونها في السرقة، أو في إزعاج المارة، فضلا عن استخدام بعض الخلايا الإرهابية لها في عمليات، عبر ترك الدراجات المفخخة في الأماكن العامة، مما يخلف أضراراً مادية وبشرية".
هناك فئات وشرائح اجتماعية متنوعة تستخدم الدراجات النارية لغايات مختلفة، وكثير من الناس، وخاصة الشباب أصحاب الدخل المحدود أو المتوسط، كما أن أفراد الطبقة الميسورة والمرفهة يعتبرون ركوب الدراجة النارية هواية رياضية، ولديهم شغف بالترحال لمسافات طويلة نسبياً بها، وبعضهم يستخدمها للقيام بنزهات صباحية أو مسائية قصيرة، إذ يقصدون المقاهي أو المطاعم القائمة خارج المدينة، أو على ضفة نهر أو بحيرة.
وتستخدم فئات عدة الدراجات النارية في قضاء الكثير من حاجياتها، مثل الذهاب إلى العمل، أو التسوق، أو صيد الطيور والأسماك، وعادة ما تصادف هؤلاء في ساعات الصباح الأولى، وفي ساعات الذروة.
وللدراجة استخدامات أخرى، فمن المشاهد المألوفة أن تجد رجلاً يقود دراجته بينما أحد أطفاله أمامه، واثنان آخران من عائلته خلفه ليصل بهم إلى المدارس، أو السوق، أو تجد عائلة مكونة من 5 أشخاص يستقلون دراجة للذهاب في زيارة عائلية، أو نزهة مسائية.
ولا يخلو الأمر في الأسواق من رؤية سائق يحمل قرابة حمولة عربة نقل صغيرة فوق دراجته، من المواد الغذائية أو الأقمشة، أو علب كرتونية ينقلها من متجر إلى آخر، كما أن هناك فئة من الأشخاص امتهنت نقل الركاب بواسطة الدراجات النارية، فتجدهم يعملون ضمن النقل الداخلي، وأحيانا ينقلون الركاب إلى الأرياف، وهم ينقلون شخصاً أو شخصين في المرة، بمقابل مادي أقل من كلفة سيارة الأجرة، وخلال فترة زمنية أقل، وهذا ما يستقطب الناس، وخاصة الذين لا يملكون الوقت الكافي للانتظار.
وفي الآونة الأخيرة، يلاحظ زيادة عدد الفتيات والنساء اللواتي يستخدمن الدراجات النارية، وخاصة ذات الحجم الصغير. من هؤلاء الصيدلانية زاريا حسن، والتي تقول لـ"العربي الجديد": "كنت أستخدم الدراجة الهوائية عادة في ذهابي إلى العمل، وأثناء فترة العمل، كنت أضطر لقضاء بعض الأشغال بها، لكن الدراجة الهوائية متعبة، وخاصة في فصل الصيف، بينما السيارة يصعب استخدامها في ظل الزحام الشديد، لذلك فضلت استخدام الدراجة النارية كونها لا تحتاج إلى بذل جهد، وخاصة في المسافات الطويلة. من الجيد وجود دراجات نارية صغيرة الحجم تناسبنا كنساء، ويمكننا استخدامها بسهولة داخل مدينة القامشلي، وقرأت عبر الإنترنت عن أنواع من الدراجات تعمل ببطاريات تشحن بالكهرباء، لكني أظن أن وجودها غير مناسب نظرا لعدم توفر الكهرباء".
في المقابل، يقول جاسم الفقيه لـ"العربي الجديد"، إن "هناك الكثير من المساوئ التي تخلفها الدراجات النارية في داخل المدينة. أصطحب عائلتي إلى الساحات القريبة من مداخل المدينة للترفيه عنهم، إلا أن راكبي الدرجات النارية من المراهقين والشباب يثيرون الفوضى، وبعضهم يحملون السلاح، ويتحرشون بالموجودين، وبعضهم لصوص يسرقون حقائب السيدات، وأحيانا يصطدمون بسيارات العائلات، ويثيرون الرعب في قلوب الأطفال من خلال السرعة الزائدة، والأصوات العالية، والمشاجرات فيما بينهم، أو مع العائلات الموجودة في تلك الساحات التي تعتبر متنفساً لمتوسطي ومحدودي الدخل".
وتشهد مدينة القامشلي الكثير من الحوادث التي تتسبب فيها الدراجات النارية نظرا للسرعة الزائدة، وعدم وجود مسارات خاصة بها، فضلاً عن الطرق الرديئة والوعرة، وعدم اهتمام السائقين بإجراءات الحماية والأمان، مثل ارتداء الخوذة، أو التقيد بالإشارات المرورية.
وفي 23 أغسطس/ آب الماضي، لقي محمد قافور وأحمد عمر من سكان القامشلي، مصرعهما على الطريق الواصل بين المدينة وعامودا، نتيجة اصطدام دراجتهما النارية بشاحنة.