أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، مساء أمس الخميس، تقريراً خاصاً بالاتّجار بالبشر تضمّن لائحة أدرجت فيها 17 دولة فشلت في تحقيق المعايير المطلوبة في محاربة ذلك. وشملت اللائحة دولاً مثل الصين وإيران وتركيا وكوريا الشمالية وروسيا وفنزويلا، بالإضافة إلى سورية.
وجاء في التقرير أنّ حكومة النظام السوري "لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار بالبشر ولا تبذل جهوداً كبيرة لذلك"، مشيراً إلى "سياسة حكومية أو نمط لتوظيف أو تجنيد الأطفال، ولم تحاسب الحكومة أيّ متّجرين بالبشر بما في ذلك المسؤولون الحكوميون المتواطئون، ولم تحدّد أو تحمي أياً من ضحايا الاتّجار".
ولفت التقرير إلى أنّ حكومة النظام لم تدرّب موظفيها الدبلوماسيين على مكافحة الاتّجار بالبشر، واتّهمها بالمساهمة بشكل مباشر في تعريض السوريين إلى الاتّجار، وبأنّها "استمرت في ارتكاب جرائم الاتّجار بالبشر بشكل روتيني".
وأوضح خصوصاً أنّ حكومة النظام والمليشيات الموالية لها عملت على تجنيد الأطفال قسراً واستخدامهم كجنود، "ما يؤدّي إلى تعرّض الأطفال إلى العنف الشديد والانتقام من قبل قوات المعارضة"، بالإضافة إلى مواصلة النظام "اعتقال واحتجاز وإساءة معاملة ضحايا الاتّجار بالبشر، بمن فيهم الجنود الأطفال، ومعاقبتهم على الأفعال غير القانونية التي أجبرهم المتاجرون على ارتكابها".
وشدّد التقرير على ضرورة "تجريم كلّ أشكال الاتّجار بالبشر، ووقف التجنيد القسري واستخدام الجنود الأطفال من قبل القوات الحكومية والمليشيات الموالية للحكومة، والتعرّف بشكل استباقي إلى ضحايا كلّ أشكال الاتّجار وتزويدهم بخدمات الحماية المناسبة، بما في ذلك الرعاية طويلة الأجل للأطفال الجنود المسرّحين، وضمان عدم معاقبة ضحايا الاتّجار بالبشر على الجرائم التي أجبرهم المتاجرون على ارتكابها مثل تجنيد الأطفال، والتحقيق مع مرتكبي الاتّجار بالجنس والعمالة والتجنيد غير القانوني واستخدام الجنود الأطفال بمن فيهم المسؤولون المتواطئون ومقاضاتهم وإدانتهم".
وأفاد التقرير بأنّ قوات النظام تقوم "بشكل روتيني باعتقال الأطفال وتعذيبهم وإعدامهم واغتصابهم بزعم ارتباطهم بالجماعات المسلحة، ولم تبذل أيّ جهد لتقديم أيّ خدمات حماية لهؤلاء الأطفال". وتابع أنّه في خلال الفترة المشمولة بالتقرير، صدرت تقارير متفرّقة عن قيام الحكومة باحتجاز النساء والأطفال في كلّ أنحاء سورية للاشتباه في روابط عائلية مع مقاتلي تنظيم داعش الأجانب، مشيراً إلى أنّ ثمّة أفراداً قد يكونون ضحايا اتّجار مجهولي الهوية.
وشدّد التقرير على أنّ الأطفال السوريين معرّضون إلى الزواج المبكر القسري، بما في ذلك من أعضاء الجماعات الإرهابية، مثل تنظيم داعش، ما قد يؤدّي إلى العبودية الجنسية والعمل القسري، في حين ما زال الأطفال النازحون معرّضين إلى العمل القسري، لا سيّما من خلال حلقات التسوّل المنظمة.
وأكمل التقرير أنّ تجنيد الأطفال واستخدامهم في القتال في سورية أمر شائع من قبل الجماعات المسلحة، والقوات الحكومية السورية، والمليشيات الموالية للنظام، والجهات المسلحة غير الموالية، بما في ذلك الجماعات التابعة للجيش السوري الحر والقوات الكردية وتنظيم داعش والمنظمات الجهادية. فيُجنَّد الفتيان والفتيات كجنود أطفال أو كمخبرين أو للعمل في أعمال السخرة، ويُعرَّضون إلى الانتقام والعقاب. وشرح التقرير أنّ جماعات مسلحة تقاتل إلى جانب الحكومة السورية، مثل حزب الله والمليشيات الموالية المعروفة باسم "قوات الدفاع الوطني" أو "الشبيحة"، تجنّد قسراً أطفالاً لا تتجاوز أعمارهم ستّة أعوام.
كذلك وردت تقارير عن قيام جماعات مسلحة، بما في ذلك لواء سمرقند التابع لـ"الجيش الوطني السوري" باختطاف أو تجنيد أطفال لاستخدامهم في أعمال عسكرية في خارج سورية، لا سيّما في ليبيا. أمّا تنظيم داعش، وعلى الرغم من هزيمته العسكرية، فهو يواصل تجنيد الأطفال في الأعمال العدائية وتلقينهم في المدارس ومخيمات النازحين، الأمر الذي يعرّض الأطفال إلى الخطر ويمنعهم من الحصول على التعليم. من جهتها، ما زالت وحدات حماية الشعب الكردية مستمرة في تجنيد وتدريب واستخدام الفتيان والفتيات حتى سنّ 12 عاماً. ومنذ عام 2017، أفاد مراقبون دوليون بتجنيد أطفالاً من مخيمات النزوح في شمال شرقي سورية. كذلك أفادت منظمات غير حكومية بأنّ ثمّة مليشيات تابعة للحشد الشعبي في العراق جنّدت أطفالاً من العراق للقتال في سورية.
وأشارت مصادر موثوقة إلى أنّ الحرس الثوري الإيراني وقوّة مقاومة الباسيج الإيرانية والمليشيات المدعومة من الحرس الثوري جنّدوا واستخدموا الأطفال والبالغين الأفغان والمهاجرين الأفغان واللاجئين من الرجال والأطفال الذين يعيشون في إيران.
كذلك لفت تقرير الخارجية الأميركية إلى أنّ اللاجئين السوريين معرّضون بشدّة للاتّجار بالجنس والعمل القسري في البلدان المجاورة، لا سيّما الأردن ولبنان والعراق وتركيا، وقد أفادت منظمات دولية بتسجيل عدد كبير من حالات زواج الأطفال والزواج المبكر للفتيات السوريات بين اللاجئين، الأمر الذي يزيد تعرّضهم إلى الاتّجار.