الحكومة العراقية تتراجع عن مقترح مشروع "تحديد النسل" وتتحدث عن إجراءات "تنظيم الأسرة"

31 ديسمبر 2021
لم تعد الأسرة العراقية قادرة على إعالة ثلاثة أطفال (إسماعيل عدنان/Getty)
+ الخط -

تراجعت وزارة التخطيط العراقية في بغداد عن تصريحات سابقة للوزير خالد بتال في سبتمبر/أيلول الماضي، تحدّث فيها عن التحرّك لإعداد برنامج لتحديد الولادات في العراق، ضمن جملة من المقترحات التي طرحتها الحكومة لاستيعاب الزيادة السكانية الكبيرة في البلاد، والتي تجاوزت حتى يونيو/حزيران الماضي، حسب آخر تقديرات، عتبة 41 مليون نسمة.

واليوم الجمعة، قال المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح نقلته وكالة الأنباء العراقية الرسمية (واع)، إنّ "العراق الآن غير مهياً لإصدار قانون يحدّد الإنجاب، بسبب القيم الاجتماعية التي تحكم الشارع العراقي".

وأضاف الهنداوي أنّ هناك توجّهات لدى الحكومة حالياً بشأن "تنظيم الأسرة وليس تحديد الإنجاب أو النسل"، وأضاف أنّه "يُقصد من تنظيم الأسرة التباعد بين الولادات وتقليل الإنجاب، لضمان حياة كريمة للأطفال وضمان صحة المرأة".

ومطلع أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، توقّعت وزارة التخطيط في بغداد أن يصل عدد سكّان البلاد في العام 2030 إلى 50 مليون نسمة، في ظلّ التقديرات السنوية للسكّان الذين يزدادون بمعدل 850 ألفاً إلى مليون نسمة في السنة الواحدة، بنسبة نمو سنوية بالغة 2.6 في المائة، مع احتمالية أن يرتفع العدد إلى 80 مليون نسمة بحلول العام 2050.

ويكمن تحدي ارتفاع عدد السكّان في العراق في تراكم الأزمات المتعلقة بالخدمات والسكن والصحة، حيث ما زالت البلاد تعتمد على بنى تحتية مصمّمة لعشرين مليون نسمة، وهو عدد سكّان العراق في حقبة التسعينيات وإلى غاية سنة الغزو الأميركي عام 2003، حيث لم تشهد بلاد الرافدين أي مشاريع حقيقية للخدمات المتعلقة بالتعليم والصحة والإسكان والطرق والجسور.

وتقدّر حاجة البلاد حالياً إلى 5 ملايين وحدة سكنية لمعالجة أزمة السكن الخانقة في العراق، وسط حديث عن حاجة ملحّة لنحو 10 آلاف مدرسة، عدا عن 900 مستشفى وأكثر من ألفي مركز صحي، لتتمكن من استيعاب حاجة المواطنين للخدمات الرئيسية.

بينما تقف عقبة الكهرباء، التي تشهد ارتفاعاً متزايداً على الطلب بشكل شهري، دون قدرة الحكومات المتعاقبة على حلّ أزمة الطاقة أو أزمة شحّ المياه الصالحة للشرب.

وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قال وزير التخطيط العراقي خالد البتال، في مؤتمر صحافي، إنّ بلاده تتّجه إلى إعداد برنامج تنظيم الأسرة عبر تحديد الولادات في العراق، ضمن خطة معالجة أزمة السكن المتفاقمة في البلاد.

وأوضح البتال أنّ "زيادة النسبة السكانية بالبلاد من أكبر المشاكل التي يعاني منها العراق". وأشار إلى أنّ "اللجنة العليا للسكّان تتّجه لوضع برنامج خاص بقانون الموازنة للعام 2022 لتنظيم الولادات في المجتمع".

وأقرّ في الوقت ذاته بأنّ "البعض يتحسّس من تقليل الولادات وتحديد النسل، وسنعالج ذلك بالفترة المقبلة"، في إشارة منه إلى اعتراضات سابقة لرجال دين على خطة تحديد النسل.

وإثر ذلك، تبنّت لجنة المرأة والأسرة في البرلمان العراقي السابق مقترحاً للمنح المالية مقابل تحديد النسل، معتبرة أنه يهدف إلى التحفيز على تنظيم الأسرة.

وقالت عضو اللجنة انتصار الجبوري إنّ "الكثير من البحوث والدراسات والنقاشات أشارت إلى إمكانية حصول انفجار سكاني خلال السنوات المقبلة في العراق، يقابله ضعف إدارة الإمكانات المالية والثروات، ما ينعكس بشكل سلبي على واقع المجتمع بزيادة حالات الفقر، مقابل زيادة في أعداد الأسر التي تعيش تحت هذا المستوى".

وحمّلت الجبوري المؤسسات والدوائر المعنية التي تهتم بالمواضيع الاقتصادية مسؤولية "وضع حدّ لموضوع الزيادة السكانية غير الطبيعية".

وأوضحت أنّ "بعض الجهات تمنع وضع الحلول، وهي تُدخلها في جانب ديني وشرعي، وتؤكد عدم جوازها".

وأشارت انتصار الجبوري إلى أنّ "العراق جزء من هذا العالم الذي يدعو دائماً إلى تنظيم الأسرة، والأسر باتت في الوقت الحالي غير قادرة على إعالة ثلاثة أطفال، في حين أنه لو كان لديها طفل واحد أو اثنان لكان يمكن أن ينعكس ذلك على واقع التربية والصحة والخدمات، وغيرها مما يحتاجه المواطن".

ودعت إلى أن "تكون هناك منح مالية تشجيعية لتحفيز الأسر على التنظيم، من خلال وضع سياسات حكومية محكمة لذلك".

المساهمون