منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، بادرت جمعية الإرشاد والإصلاح، وهي أقدم جمعيات العمل الخيري في الجزائر، إلى اطلاق حملة جمع تبرعات لصالح فلسطين، وخصصت الجمعية حساباً لتلقي المعونات المالية، التي سيجري في وقت لاحق صرفها لشراء المعدات والأدوية والمواد التموينية الضرورية من الحاجيات الأساسية للفلسطينيين، وتوصيلها عبر طرق مختلفة، كما جرت عليه في العمليات الإغاثية السابقة.
وقال المتحدث باسم الجمعية محمد قاضي لـ"العربي الجديد": "أطلقنا حملة الدعم والنصرة، وهذه الحملة تمر عبر مراحل المساعدات العاجلة، ومنها الأدوية والغذاء والأفرشة والأغطية للعائلات، وفي المرحلة الثانية سنعمل على إسناد وتمويل عمليات فتح الطرقات مع شركائنا في غزة، وهي مؤسسات إنسانية تعمل في المجال الإنساني، على غرار الهيئة الدولية للإعمار في فلسطين التي هي شريك للجزائر لإنشاء البنى التحتية، وفي المرحلة الثالثة تتم المساعدة في الإعمار من خلال ترميم وإعادة بناء المنازل والمساجد والمدارس، وكفالة الأيتام وأسر الأسرى والشهداء".
ويشير قاضي إلى أن 250 من الهيئات الإغاثية الجزائرية والجمعيات العاملة لدعم فلسطين، إضافة إلى الشخصيات والنشطاء المستقلين والإعلاميين، كانوا قد اجتمعوا في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، لإعلان إنشاء "مؤسسة الجزائر لإعمار فلسطين"، مهمتها تنسيق العمل الإغاثي وتقديم الدعم بأشكال مختلفة، وإبراز القضية الفلسطينية في أبعادها كافة.
وأطلقت جمعية "البركة"، وهي واحدة من أبرز الهيئات الإغاثية في البلاد، حملة "الوعد المفعول"، وأعلنت أن "حملة الوعد المفعول هي لدعم أهلنا في فلسطين" ولدعم قطاع غـزة، وستركز في مرحلتها الأولى على التوفير العاجل للأدوية وسلال الغذاء وتوزيع مساعدات نقدية لعائلات الشهداء، وتوفير سيارات إسعاف وجرافات وغيرها من المعدات المدنية التي تحتاج اليها أطقم الدفاع المدني. وأعلنت جمعية "البركة" التي تملك مكتباً في غزة أن الأخير يقوم في الوقت الحالي بإيواء العائلات الفلسطينية التي تهدمت منازلها، بتمويل من الجمعية، وتوزيع معونات كانت في مخازن المنظمة في غزة.
وباتت هذه الجمعيات الإغاثية الجزائرية تملك خبرة لا بأس بها في مجال العمل الإغاثي الموجه إلى فلسطين، حيث سبق لها خلال العقدين الماضيين القيام بعشرات حملات الدعم والإسناد المادي لسكان غزة والمناطق الفلسطينية، ونفذت سلسلة من عمليات الإغاثة في مختلف المناسبات، بما فيها رعاية الأيتام و المناسبات الدينية والأعياد والدخول المدرسي في قطاع غزة، وكان يجري التنسيق مع السلطات الجزائرية لاتخاذ الإجراءات اللازمة مع دول مثل مصر وغيرها، لضمان عبور هذه المساعدات ووصولها، إضافة إلى طرق أخرى عبر أطراف دولية.
وفي السياق نفسه، أطلقت لجنة الإغاثة الوطنية لجمعية العلماء المسلمين الجزائريين حملة لتلقي الأموال والمعونات والتبرعات، لمساعدة سكان غزة، بعد الاستهداف الغاشم والعنيف من قبل الاحتلال "الذي لم يستثنِ إجرامه في غزة المدارس، ولا المستشفيات، ولا المساجد، ولا الأحياء السكنية، ولا محطات الكهرباء... متجاوزاً كل الحدود، وكل القوانين الدولية"، واعتبرت الجمعية أن "الواجب يقتضي مساعدة المظلومين في غزة".
ودعت الهيئة في الوقت نفسه، جميع الهيئات الإغاثية العاملة في الجزائر لصالح فلسطين، العمل على تنسيق جهودها، لافتة إلى أنه "أمام الوضع الإنساني الكارثي في قطاع غزة المتفاقم جراء القصف الهمجي لقوات الاحتلال على المدنيين والمستضعفين من الأطفال والنساء والشيوخ، أدعو كل إخواننا الناشطين في الهيئات والجمعيات الإغاثية الجزائرية لتوحيد جهودهم وتنسيق أعمالهم، للخروج بآلية عمل موحدة". كذلك دعت في السياق نفسه الجهات الرسمية في الجزائر إلى العمل على تبني "إطلاق حملة واسعة داخل الجزائر لجمع الدعم المطلوب لتلبية احتياجات المتضررين في كل المجالات، وذلك من أجل استجابة إنسانية عاجلة وفعالة".
وتعمل هذه الهيئات الإغاثية بالتنسيق مع الحكومة الجزائرية التي تسهل جهودها وتوفر لها التغطية الرسمية، ويتوقع أن تلتحق الهيئات الإغاثية الرسمية والحكومية على غرار الهلال الأحمر الجزائري ومؤسسات أخرى، بحملات دعم فلسطين وغزة في وقت لاحق، خصوصاً في ظل مطالبات في البرلمان من قبل النواب خلال مناقشة بيان السياسة العامة (الحصيلة السنوية) بتوفير دعم رسمي لفلسطين وتعزيز الموقف الجزائري على الصعيد الإنساني والسياسي.