الجزائر: حافلات نقل لتلاميذ الأرياف

06 أكتوبر 2023
بات النقل مؤمناً لكثيرين (Getty)
+ الخط -

خلال السنوات الأخيرة، أولت الحكومة الجزائرية اهتماماً بالغاً بخطط توفير النقل المدرسي المجاني للتلاميذ. ومنذ عام 2020، وضعت السلطات السياسية والتنفيذية القضية على رأس الأولويات، وخصصت اعتمادات مالية لتأمين النقل المدرسي للتلاميذ، وخصوصاً تلاميذ المناطق الريفية والتي تسمى مناطق الظل، وهذا العام تم تأمين أكثر من 18 ألف حافلة نقل مدرسي على الرغم من الحاجة إلى المزيد نتيجة تزايد أعداد التلاميذ. 
لم يعد تلاميذ قرية بوحرب في أعالي منطقة مناصر يضطرون إلى السير ستة كيلومترات على الأقدام للوصول إلى المؤسسات التعليمية في بلدة مناصر بمحافظة تيبازة (120 كيلومترا غرب العاصمة الجزائرية). ويؤكد عبد القادر أوقاسي، وهو أحد الأهالي، انفراج أزمة تلاميذ القرية في المرحلتين الإكمالية والثانوية، بعدما وفرت لهم السلطات حافلات نقل مدرسي تقلهم صباحاً ومساءً من وإلى القرية، ما سهّل العملية التعليمية على عكس ما كان عليه الحال خلال السنوات الماضية، حيث كانوا يتنقلون في سيارات نفعية تارة وفي جرارات المزارعين تارة أخرى، متحملين ظروفاً مناخية قاسية. وكانت قد انفرجت أزمة تلاميذ الصف الابتدائي قبل ذلك مع بناء مدرسة في القرية نفسها.
وبعد سنوات من الاستياء والانتقادات التي كانت توجه إلى السلطات بسبب نقص النقل المدرسي ومعاناة التلاميذ في التنقل وخصوصاً في الأرياف، تحسنت الأمور. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، ومع بداية الدخول المدرسي من كل عام، تسارع السلطات إلى استدراك الأخطاء والعمل على تحسين ظروف التلاميذ لضمان نتائج دراسية أفضل. ويوجه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون منذ توليه الحكم في كل مناسبة تعليمات صارمة للمسؤولين لتوفير وسائل النقل لتلاميذ مناطق الظل على وجه الخصوص. 
يقول رئيس بلدية أغبال الجبلية في محافظة تيبازة بلقاسم خالدي، لـ "العربي الجديد"، إن مصالحه وفرت هذا العام 11 حافلة لنقل أكثر من 900 تلميذ في مختلف المراحل التعليمية، على الرغم من أن تلاميذ المرحلة الابتدائية هم المعنيون فقط بتوفير خدمة النقل "لكن في ظل طبيعة المنطقة الجبلية ونقص النقل العام، حصلنا على رخصة لنقل 400 تلميذ في المرحلة الإكمالية و400 في الثانوية". 

ومع بدء العام الدراسي في 19 سبتمبر/ أيلول الماضي، أعلن وزير الداخلية إبراهيم مراد، أن الحكومة وفرت أكثر من 18 ألف حافلة للنقل المدرسي، لضمان وصول التلاميذ إلى المدارس والمؤسسات التعليمية في البلديات البالغ عددها 1541 بلدية، تعمل على أكثر من 12 ألف خط نقل، بينها أكثر من سبعة آلاف حافلة من القطاع الخاص لتغطية احتياجات بعض المناطق في الريف. وتتكفل الدولة بدفع بدل إيجارها. ومنحت الحكومة مبلغ ستة مليارات دينار جزائري (حوالي 40 مليون دولار) من صندوق التضامن لدعم البلديات الفقيرة والمحدودة الدخل، لتغطية أي نقص في مجال النقل المدرسي. وساعدت شركات حكومية في اقتناء حافلات لصالح بعض البلديات لتمكينها من توفير النقل للتلاميذ. 
وتشيد الهيئات المهتمة بقطاع التعليم في الجزائر، والنشطاء المدنيون وخصوصاً في المناطق الريفية، بالتطور اللافت للنقل المدرسي، وتراجع حجم المعاناة التي كان يعيشها التلاميذ خلال العام الدراسي، وخصوصاً خلال فصل الشتاء وهطول الأمطار والثلوج. ويقول رئيس مكتب المنظمة الوطنية لجمعية أولياء التلاميذ لمحافظة تيبازة عثمان مرسلي، لـ "العربي الجديد"، إن "أوضاع النقل المدرسي في المنطقة شهدت تحسناً ملحوظاً مقارنة بالسنوات الماضية، وهذا يرجع إلى التنسيق المحكم بين السلطات والمجتمع المدني الممثل للقطاع، والإمكانات المالية التي وفرتها الدولة في هذا المجال، والدعم الذي تلقته البلديات لتوفير حافلات النقل سواء عن طريق الإيجار أو استغلال الحافلات التي منحتها وزارة الداخلية للسلطات المحلية".

طلاب وشباب
التحديثات الحية

وعلى الرغم مما توفره الدولة من إمكانات مالية لتغطية هذه النفقات، إلا أن بعض البلديات والمناطق لا تزال تعاني من نقص في النقل المدرسي بسبب كثرة القرى التابعة للبلديات وارتفاع عدد التلاميذ من عام إلى آخر. يقول رئيس بلدية مناصر الريفية حدادو محمد، لـ"العربي الجديد"، إن "مشكلة النقل المدرسي لا تزال قائمة على الرغم من لجوء البلدية لشراء الحافلات، في ظل تعطل بعض تلك التي تملكها البلدية، والعجز عن تأمين جميع التلاميذ". يضيف: "نسعى لإيجاد حلول عاجلة في أقرب وقت لسد العجز"، ويقترح إنشاء ديوان وطني للخدمات المدرسية على غرار الديوان الوطني للخدمات الجامعية.

المساهمون