الجزائر: تزايد عمليات النصب والاحتيال باستخدام رتب أمنية وحكومية

12 نوفمبر 2022
تكشف الشرطة باستمرار عن توقيف منتحلين لصفات مسؤولين في الدولة (فاروق باطيش/فرانس برس)
+ الخط -

تزايدت عمليات النصب والاحتيال بالانتساب الكاذب لهيئات قضائية ورتب أمنية ومناصب حكومية في الجزائر، وفقاً لما تكشفه بيانات الشرطة الجزائرية، التي تعلن بصورة مستمرة عن توقيف منتحلين لصفات مسؤولين في الدولة.

وفي 10 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، أعلنت الشرطة الجزائرية عن توقيف شخص في الخمسين من عمره، في منطقة المدية قرب العاصمة الجزائرية، يقدم نفسه على أنه إطار رفيع في الدولة، يتمتع بنفوذ على مستوى القضاء وفي مؤسسات الدولة، ويوهم المواطنين وضحاياه بقدرته على تسوية ملفات وقضايا تخصّهم، مقابل مبالغ مالية كبيرة.

ووفقاً للمصدر نفسه، فقد نجح المتهم في سلب مبلغ يعادل 25 ألف دولار من أحد المواطنين، كان قد أوهمه بتسوية نزاع عقاري وتمكينه من استرجاع عقارات تخصّه توجد محل نزاع.

ونجحت الشرطة بعد فترة ترصّد ومتابعة لهذا الإطار "الوهمي"، في توقيفه واقتياده إلى مقر الأمن للتحقيق معه، كما تم العثور بعد تفتيش مسكنه على ملفات إدارية لمواطنين كان بصدد النصب والاحتيال عليهم، ومبلغ مالي من عائدات أفعاله المجرّمة قانوناً.  

وفي السياق نفسه، أعلنت شرطة ولاية وهران غربي الجزائر، أمس الجمعة، عن توقيف شخص وزوجته، ونشرت صورهما، بتهمة النصب والاحتيال على عدة مواطنين، بعدما قاما بإيهام الضحايا بكونهما مسؤولين في الدولة.

وقبل ذلك، كانت مصالح الدرك قد اعتقلت ضابطاً مزيفاً، في العاصمة الجزائرية، كان يستخدم صفة ضابط رفيع في الجيش للنصب والاحتيال على ضحاياه، كما تم الكشف عن توقيف منتحل صفة مسؤول حكومي، في منطقة سكيكدة شرقي الجزائر.

وقال الباحث في الشؤون القانونية والجريمة، المحامي جمال خذيري، لـ"العربي الجديد"، تعليقاً على قضية النصب والاحتيال في المجتمع الجزائري، إنّ تزايد حالات النصب بانتحال صفات مسؤولين، "يكشف عن وجود هشاشة اجتماعية أولاً، وعن طبيعة إدارة الشأن العام وتسيير مشكلات المواطنين، ونظام عمل المؤسسات الخدمية التي لا تعتمد بالضرورة على نسقية القانون والنظم المتعارف عليها ثانياً، وهذا يفتح الباب للتدخلات والوساطة والمحسوبية وغيرها، ويفرز في النهاية مثل هذه الحالات من التحايل والنصب على المواطنين، لمجرد أنّ المحتال ينتحل صفة مسؤول ما، أو يستشعر نفوذاً في الإدارة".

وأضاف "هناك سؤال يمكن عبر طرحه أن تتضح الأمور، لماذا فقط يتم انتحال صفات مسؤولين في المؤسسات الحكومية والقضاء والأمن، بينما لا يوجد من ينتحل صفة معلم أو غيرها من المهن والوظائف الأخرى؟ ذلك لأن المناصب الحكومية هي التي توفر النفوذ والسلطة لصاحبها الذي يمكن أن يراوغ القانون نفسه ويتدخل لحل معضلة أو قضاء حاجة".    

وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي، أوقفت الشرطة في ولاية باتنة شرقي البلاد، شخصاً انتحل صفات وألقابا حكومية، إذ أوهم ضحاياه الذين بلغ عددهم 12، بقدرته على توفير مناصب شغل وشقق سكنية، وتسهيل معاملات إدارية، وتمكين المرضى من تلقّي العلاج في الخارج، بعدما زعم توفره على نفوذ في مؤسسات وهيئات عليا، وهو ما سمح له بجمع 100 ألف دولار من عمليات النصب.

وفي ولاية سطيف، كبرى مدن الشرق الجزائري، أعلنت الشرطة، خلال مارس/آذار الماضي، عن توقيف شخص قام بانتحال صفة مستشار في رئاسة الجمهورية، بهدف النصب والاحتيال على المواطنين، ووجهت مصالح الأمن نداء إلى كل شخص يكون قد وقع ضحية نصب أو تعامل مع المشتبه فيه، إلى إبلاغ  مصالح الأمن.

ويلاحظ مراقبون أنّ المحتالين وممارسي عمليات النصب يفضلون انتحال صفات ضباط في الأجهزة الأمنية والجيش، ومستشارين في الرئاسة والحكومة، والقضاء ودوائر أخرى حساسة، ويساعدهم على ذلك طبيعة عمل الإدارات والمؤسسات الخدمية والحكومية في الجزائر. وفي الغالب تنشر السلطات صور هؤلاء المتهمين بالنصب والاحتيال وانتحال صفات إطار حكومي أو أمني، وتطلب من كل ضحية التبليغ وإفادة السلطات بالمعلومات التي يحوزها، للمساعدة في التحريات.

ولا يتوقف النصب والاحتيال على المواطنين البسطاء، وإنما امتد إلى نواب البرلمان، والذين تعرّض بعضهم لمحاولات نصب وابتزاز عبر انتحال صفة، للحصول على مبالغ مالية منهم، وهو ما دفع البرلمان الجزائري إلى إصدار وثيقة قبل أيام تتضمن تحذيرات إلى النواب، من الوقوع ضحية لعمليات نصب واحتيال، ودعوتهم إلى الحذر من هذه المحاولات.

ومما جاء في الوثيقة "لقد انتشرت في الآونة الأخيرة محاولات ابتزاز تستهدف شخصيات عمومية، من بينهم السيدات والسادة نواب المجلس الشعبي الوطني، عن طريق النصب والاحتيال وانتحال صفة الغير من خلال توظيف مختلف وسائط الاتصال والتواصل، حيث يتم استدراج الضحايا وإغراؤهم بمناصب وهمية مقابل تحويل مبالغ مالية إلى حسابات مصرفية".

المساهمون