الجامعات في سورية

24 يونيو 2023
طالبات جامعيات في سورية (جوزف عيد/فرانس برس)
+ الخط -

في سورية نحو 14 جامعة، منها ست جامعات حكومية، والبقية قطاع خاص، وهو أمر جديد في حياة البلاد التعليمية باعتبار أن التعليم بعموم مراحله كان سابقاً من مسؤولية الدولة، وتستوعب الجامعات السورية نحو 163 ألف طالب، وبالطبع بين الجامعات الحكومية الأشهر والأقدم "جامعة دمشق" بتاريخها ومستواها المعروف.
لكن هذا لا يخفي معالم الكارثة التي تسير بخطى واثقة في مضمار التعليم العالي السوري. ومرد هذا الوضع هو ما تضج به وسائل التواصل الاجتماعي من فضائح أخلاقية تحصل في الجامعات، كالفساد، وشبكات الدعارة، وتجارة المخدرات.
ويعود السبب الجوهري في تردي الجامعات السورية إلى غياب الاستقلالية، وتدخل السلطات غير المعنية في تسيير أمور الجامعات، وتعيين الإداريين والكادر التدريسي بعيداً عن المعايير العلمية وحسن السيرة والسلوك، فضلاً عن هيمنة المخابرات على الفضاء الجامعي بما فيه من أساتذة وطلاب وإداريين، ما يحول دون حد أدنى من الحريات الأكاديمية التي تعيشها الجامعات في كل دول العالم.
ومن المعروف أن القبضة الأمنية تضاعفت منذ الحرب الأهلية في البلاد قبل 11 عاماً، خشية من هذه التجمعات الشبابية ضمن الظروف السياسية والاقتصادية السائدة في البلاد.
الصدمة الكبرى التي أصابت الجامعات السورية لم تأت من دول أجنبية، بل من العراق، إذ كشفت وزارة التعليم العالي العراقية عن وجود 27 ألف شهادة علمية جامعية مزوَّرة، معظمها حصل عليها أصحابها من جامعات دول مجاورة، من بينها سوريا ولبنان.
بعدها أعلنت الوزارة العراقية وقف الاعتراف بالشهادات الممنوحة للطلبة العراقيين من جامعات سورية، رسمية وخاصة على السواء، ومنها جامعات معروفة كدمشق وحلب وتشرين والأندلس. لكن الوزارة ميزت بين نوعين: الأول يتعلق بالطلبة المرسلين على نفقة الدولة، والطلبة الحاصلين على الشهادة السورية عن طريق التسجيل في الجامعات من خلال المفاضلة العامة، وليس الاعتراف بشهادات الجامعة ككل، على أن يجرى العمل بذلك ابتداءً من العام الدراسي 2022- 2023. وأكدت السفارة العراقية أن "شهادت الطلبة العراقيين المقيمين والحاصلين على تسلسل دراسي كامل أصولية ومعترف بها".

موقف
التحديثات الحية

وأثار هذا الخبر ضجة في الأوساط الأكاديمية، خصوصاً أن عدد الطلاب العراقيين في الجامعات السورية يتجاوز الألف. ومن المعروف أن سورية قبل الحرب كانت تستقبل الطلبة العرب بنسب معينة على نفقة الدولة، وتستثنيهم من شروط المعدل. لكن الأوضاع الاقتصادية دفعت إلى تحديد بدل أقساط الطلاب العرب والأجانب، لتتراوح بين 4000 إلى 10000 دولار أميركي تبعاً للاختصاص.
المهم أن المسؤولين السوريين حاولوا تحجيم الموضوع، من خلال الاعتراف بحالات فردية قليلة من تزوير للشهادات تجرى ملاحقتها قضائياً، مؤكدين أن شهادات الجامعات السورية معترَف بها ومعتمدة في كل الدول.
الصدمة الثانية جاءت من الأستاذ في "جامعة تشرين" في اللاذقية زهير جبور، الذي وجه رسالة مفتوحة إلى الرئيس بشار الأسد، حذّر فيها من "كارثة" ستترتب على استمرار تدهور التعليم السوري، متمنياً على الرئيس الاهتمام بأساتذة الجامعات بقدر اهتمامه برجال الدين، وهو يرى أن "مأساة التعليم في سورية هي أن من يملكون زمام التعليم ليس لديهم أي مشروع جدّي لاستنهاض التعليم والبحث العلمي".
لم يتلقّ جبور أي رد رسمي على رسالته. بينما توقعت مصادر أكاديمية ألا تلقى أي اهتمام، اللهمّ سوى قمع صاحبها.

(باحث وأكاديمي)
المساهمون