البرد يفاقم معاناة مرضى الفشل الكلوي في مخيمات إدلب

30 ديسمبر 2023
مخيمات إدلب تتضاعف معاناتها في الشتاء (فيسبوك/الدفاع المدني السوري)
+ الخط -

يعاني مئات المرضى الذين يعانون الفشل الكلوي والمقيمين في مخيمات إدلب جراء البرد القارس وقلة وسائل التدفئة بالتزامن مع نقص المساعدات الإغاثية وازدياد الاعتماد على حرق مواد ضارة للتدفئة.

وينطوي مرض الفشل الكلوي المزمن على التوقف التدريجي لوظائف الكلى التي ترشح المخلفات والسوائل الزائدة من الدم، ثم يمكن التخلص منها في البول، وقد يسبب مرض الكلى المزمن المتقدم تراكم مستويات خطيرة من السوائل والمخلفات في الجسم.

لم يستطع فؤاد العبدالله (45 عاماً) الذي يعاني الفشل الكلوي منذ ثلاث سنوات، النوم طوال الليل جراء اشتداد الألم عليه بعد تعرضه للبرد الشديد ضمن خيمة قماشية في أحد مخيمات إدلب لا تحمي من العوامل الجوية، ولا تعزل البرد أو توفر الدفء. 

يقول فؤاد لـ"العربي الجديد" إنه لم يتمكن من تأمين وسائل التدفئة هذا العام، نظراً لغلائها وضعف حالته المادية، فهو عاطل من العمل نتيجة مرضه، ولا يملك مصدر دخل أو فرصة عمل تناسب وضعه الصحي الصعب.

وأضاف أنه يعمد إلى غسل الكلى مرتين في الأسبوع، ويضطر في كل مرة إلى قطع مسافات طويلة لإجراء عمليات الغسل في مراكز متفرقة تبعد عن مخيمهم الواقع شمال بلدة قاح عشرات الكيلومترات، ويكابد عناء تأمين تكاليف أجور النقل المرتفعة، ولا طاقة لديه لتحمّل أعباء التدفئة أيضاً، وهو ما ضاعف وضعه الصحي سوءاً.

أما المريض علاء الكرمو (39 عاماً) المقيم في مخيمات إدلب، فيقول إن مرض الكلى مرض مزمن ينهك من يصاب به، ويجعله غير قادر على العمل، مشيراً إلى إصابته بالكلى منذ سنوات، ويعاني التعب والإرهاق باستمرار، وضاعفت حياته في المخيمات من سوء حالته الصحية، وخصوصاً وسط البرد القارس.

وأشار إلى أنه يعاني مصاعب عديدة مع بداية فصل الشتاء هذا العام، نظراً لتعرضه للبرد الشديد الناتج من قلة وسائل التدفئة، حيث وصل سعر طن الحطب إلى 260 دولاراً، والفحم إلى 200 دولار، بينما لا يستطيع تأمين الحد الأدنى من تلك المبالغ جراء مرضه وعدم وجود مصادر للدخل.

وأوضح الكرمو أن البرد يضاعف حالته المرضية وفق ما أخبره الطبيب، لكن الفقر يزيد من معاناته وآلامه، فهو غير قادر على العمل وتلبية طلبات ومصاريف علاجه المكلف ومصاريف عائلته المؤلفة من زوجته وخمسة أطفال.

وكذلك الحال مع معاناة البرد والعلاج لدى المسن السبعيني حيان الشلح، الذي يكابد عناء تأمين مواد ومعدّات لجلسة غسل الكلى، على نفقته الشخصية، بسبب انخفاض الدعم عن المركز الذي يلجأ إليه للعلاج في إدلب، حيث يحتاج لأكثر من عشر جلسات غسل كلى شهرياً.

ويقول بصوت متعب مبحوح لـ"العربي الجديد" إن تكلفة جلسة الغسل الواحدة، هي 30 دولاراً أميركياً، وهو مبلغ يفوق دخله الأسبوعي، حيث يعتمد على عمل ابنه في المنامة لتأمين تلك الجلسات وثمن الأدوية وأجور النقل.

أما في ما يتعلق بالتدفئة، فيؤكد السبعيني أنه يجمع بعض النفايات وأكياس النايلون لاستخدامها من أجل تدفئة خيمته الواقعة في مخيمات إدلب، وتحديداً في دير حسان شمالاً، وهو ما جعل حالته تسوء يوماً بعد يوم.

مخيمات إدلب تعاني من نقص الدعم لمرضى الفشل الكلوي

من جهته، يقول الطبيب دريد الرحمون، مسؤول الرعاية الصحية الأولية في مديرية صحة إدلب، إن هناك أكثر من 2800 مريض من الفشل الكلوي في مناطق إدلب يحتاجون لغسل دوري للكلى، ويكون تأثير الجو الشتوي مضاعفاً على تلك الحالات الذين تكون مناعتهم منخفضة.

وأشار إلى أن هؤلاء المرضى يكونون الأكثر عرضة من الأشخاص العاديين للفيروسات التي تنشط هذه الفترة، وخصوصاً ما يتعلق بالإنتانات التنفسية الفيروسية.

وبيّن لـ"العربي الجديد" أنه تُجرى فحوصات لهؤلاء المرضى عبر كشوف دورية بشكل مستمر للكشف عن أي شكل من أشكال الإنتانات خلال فترة الشتاء، إضافة إلى جلسات الغسل من أجل معالجتهم مباشرةً، حيث يجري التعامل مع حالتهم على أنها حالات طارئة مهما كانت خفيفة، لكونهم ناقصي مناعة وليسوا كالمرضى العاديين.

وتقدّر الأمم المتحدة إقامة 800 ألف من النازحين في شمال غرب سورية في الخيام القماشية، التي لم تستبدل معظمها منذ سنوات، على الرغم من أنها غير معدة للاستخدام لأكثر من بضعة أشهر.

ومع تراجع تلبية المتطلبات الإنسانية لعام 2023، وعجز بنحو ثلثي التمويل اللازم لمساعدة المحتاجين في المنطقة، لم توزع مساعدات التدفئة على 62 في المائة من المستهدفين.

ودعت المنظمات الطبية لتوفير الدعم المتعلق بفصل الشتاء لسكان المخيمات، لأنه الوسيلة التي تساعد على الحد من الأمراض المرتبطة بالشتاء والمساهمة بتحسين الظروف المعيشة للعائلات المحتاجة.

المساهمون