ناظم البحري "عرّاب" الجالية التونسية في أوكرانيا: رحلات إجلاء لا تتوقف

تونس

إيمان الحامدي

إيمان الحامدي
10 مارس 2022
ناظم البحري عراب الجالية التونسية في أوكرانيا : رحلات لا تتوقف للإجلاء
+ الخط -

يأبى طبيب الأسنان ناظم البحري (43 عاماً) مغادرة أوكرانيا قبل أن يُتم مهام المساعدة على إجلاء المواطنين التونسيين من منطقة الحرب والوصول بهم إلى برّ الأمان، بعد أن ظلّ لسنوات طويلة يساعد الوافدين الجدد إلى أوكرانيا على الاستقرار هناك حتى لقّب بالأب الروحي للطلبة.

ولا تخلو المجموعات الخاصة بالطلبة العائدين من أوكرانيا على شبكات التواصل الاجتماعي من شهادات عن ناظم البحري أو مقاطع فيديو توثق عملية تأطير إجلاء التونسيين الهاربين من الحرب في المدن الأوكرانية، بينما تعلّق العائلات في تونس على الرجل آمالا كبيرة في مساعدة أبنائها على الخروج من مناطق القصف أو المخابئ في أنفاق محطات المترو.

ولأنه قيدوم الجالية التونسية في أوكرانيا وأقربهم إلى الطلبة، يقول ناظم البحري إنّ هذا الأمر جعله يشعر بـ"مسؤولية مضاعفة" تجاه أبناء بلده، ليقرر منذ ظهور بوادر الأزمة ترتيب إجلاء التونسيين نحو الحدود الرومانية أو البولندية في ظروف آمنة.

تنظيم رحلات الإجلاء التي ساعدت على إخراج أكثر من 350 من أبناء بلده من مناطق الحرب

ولإتمام مهمته بالسرعة المطلوبة، تمكن البحري، وفق ما رواه لـ"العربي الجديد"، من إحداث منصة تواصل مع الطلبة والجالية التونسية في أغلب المدن الأوكرانية عبر مجموعة على تطبيق التراسل الفوري "واتساب" ومجموعات أخرى على "فيسبوك"، تم أيضا فتحها للتواصل مع العائلات في تونس.

ويؤكد البحري أنّ تنظيم رحلات الإجلاء التي ساعدت على إخراج أكثر من 350 من أبناء بلده من مناطق الحرب سبقها إعداد لوجستي كبير بتنظيم قائمات الراغبين في الإجلاء تحمل بياناتهم الشخصية ثم التواصل مع السلطات الأمنية والدبلوماسية من أجل تحديد مسار الرحلات عبر الممرات الآمنة، وتسهيل العبور نحو البوابات الرومانية.

ويفيد المتحدّث بأنه كان يجد المساعدة من زوجته وبعض الأصدقاء على إعداد القائمات والتواصل مع الشركات لتأجير الحافلات أو وسائل النقل المتاحة، إذ غالبا ما تستغرق كل رحلة أكثر من 24 ساعة، يحرص البحري أن يرافق فيها اللاجئين نحو وجهتهم الحدودية أو بر الأمان.

ولأن وجوده يشعر اللاجئين من الجالية التونسية بأنهم في مأمن ويخفف الضغط النفسي الذي يعيشون فيه، يقول البحري: "من أجل ذلك أتكبد عناء السفر لساعات طويلة لأشرف على كل التفاصيل بنفسي، إذ لا تخلو الرحلات من مواقف صعبة ومخاطر القصف التي قد تضطرنا إلى تغيير الوجهة نحو ممرات أكثر أمانا".

ويروي البحري تفاصيل الرحلة الأطول التي قادها من مدينة أوديسا نحو الحدود الرومانية، إذ كان يفترض أن تستغرق الرحلة نحو 12 ساعة، غير أنه ومع اقتراب الحافلة للوجهة النهائية أعلم الجيش الأوكراني أن القصف اشتد على بعد 30 كلم، ما جعله يغير وجهة الرحلة نحو البوابة الحدودية بمدينة "سيرات" الرومانية، وهو ما استغرق نحو 72 ساعة.

في غضون ذلك، يؤكد "عرّاب" الجالية التونسية في أوكرانيا أنه كان مجبرا على إدارة الأزمة بطمأنة الطلبة الذين كانوا معه وعائلاتهم في تونس التي كانت تتابع الرحلة لحظة بلحظة، وتعيش ضغطا مضاعفا.

ويضيف: "لا تخلو رحلات الإجلاء من مواقف صعبة كنا نواجهها أحيانا بالدعابة وبإشاعة روح التضامن بين كافة أعضاء الجالية، بأن مصيرنا مشترك ويجب أن يكون الخلاص جماعيا".

ويظل الموقف الأصعب الذي واجهه ناظم البحري، بحسب روايته، هو تعرضه للسرقة بينما كان يستعد لسداد أجرة الحافلات بعد توفير المبلغ بصعوبة بسبب شح السيولة في السوق وعدم توفر اليورو ولا الدولار بسبب منع البنوك سحب الأموال بالعملات الأجنبية.

ورغم أن سرقة مبلغ 14 ألف دينار( 4.8 آلاف دولار) كان يمكن أن يتسبب في إلغاء رحلات اللاجئين، بينما كانت الحافلات على أهبة الانطلاق، يقول البحري إنه تماسك في تلك اللحظة رغم الصدمة النفسية، وتمكن من تدارك الموقف وتوفير مبلغ بديل لتنطلق الرحلة في موعدها ويحافظ على وعده لأسر الطلبة بأن يجلي أبناءهم.

ولا يعرف ناظم إذا كانت الحياة ستعود يوما كما كانت في أوكرانيا إذا وضعت الحرب أوزارها، إلا أنه يقول: "سأواصل الجهد الذي بدأته في المساعدة على إجلاء الرعايا التونسيين".

ويوضح أنه بدأ يرتب حياته الجديدة بنقل إقامته وعمله إلى دولة أوروبية أخرى بعد أن قضى أكثر من 23 سنة في أوكرانيا، التي احتضنته بصفته طالباً ثم طبيباً زمن السلم، ومتطوعاً في الخدمة الإنسانية زمن الحرب.

ذات صلة

الصورة
مقبرة جماعية في منطقة الشويريف بطرابلس، 22 مارس 2024 (الأناضول)

مجتمع

أعلن المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، الثلاثاء، أن مكتبه يتابع تقارير عن اكتشاف مقبرة جماعية في الصحراء على الحدود الليبية التونسية.
الصورة
مسيرات في تونس تنديداً بقصف خيام النازحين (العربي الجديد)

سياسة

شارك مواطنون تونسيون وسياسيون ومنظمات وطنية وحقوقيون، مساء اليوم الاثنين، في مسيرات في مدن تونسية تنديداً بالحرب على غزة، ولا سيما مجزرة رفح. 
الصورة
مسيرة في تونس ترفع شعارات الثورة التونسية، 24 مايو 2024 (العربي الجديد)

سياسة

رفعت شعارات الثورة التونسية "شغل حرية كرامة وطنية" في احتجاج شبابي في شارع الحبيب بورقيبة في العاصمة تونس، تعبيراً عن رفض ما آلت إليه الأوضاع في البلاد.
الصورة
طلاب من جامعات تونس في حراك تضامني مع غزة - 29 إبريل 2024 (العربي الجديد)

مجتمع

انطلق حراك طلاب تونس التضامني مع غزة والداعم للانتفاضة الطالبية في جامعات العالم، ولا سيّما في جامعات الولايات المتحدة الأميركية، وذلك من العاصمة ومدن أخرى.
المساهمون