الاحتلال ينسحب من أحياء في غزة.. جثث متحللة ودمار هائل

02 يناير 2024
دمار واسع في غزة (الأناضول)
+ الخط -

كشف فلسطينيون في مناطق وأحياء سكنية واسعة بمدينة غزة، الثلاثاء، عن وجود جثث متحللة بالشوارع، ودمار هائل بالمباني السكنية والمرافق الحيوية والصحية والبنى التحتية، وذلك عقب انسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من تلك المناطق.

وأفاد شهود عيان لـ"الأناضول"، بأن عشرات الجثث لفلسطينيين قتلهم الاحتلال الإسرائيلي تناثرت في شوارع المدينة، بعضها متحلل والبعض الآخر بدأ بالتحلل، ما يشير إلى أنها ظلت ملقاة لأيام طويلة دون انتشالها أو التمكن من دفنها.

وقالوا إن "الجيش استكمل في ساعات مبكرة الثلاثاء، انسحابه من ميناء مدينة غزة، ومخيم الشاطئ (غرب) والشيخ رضوان (شمال)، والدرج والشجاعية والتفاح والزيتون (شرق)"، فيما أعاد تموضعه على الأطراف الشرقية من "الشيخ رضوان والشجاعية والزيتون والتفاح"، بحسب مراسل الأناضول نقلاً عن مصادر محلية.

ويأتي هذا التراجع عقب تسريح جيش الاحتلال الإسرائيلي عدداً من ألويته التي تشارك في الهجوم البري الذي بدأ في 27 أكتوبر/ تشرين الأول على قطاع غزة. 

جثث متحللة في حي الشيخ رضوان

في حي الشيخ رضوان، كشف الانسحاب الإسرائيلي عن دمار هائل في المباني والبنى التحتية والأسواق والمركبات التي كانت هناك. فالقصف الإسرائيلي حول الحي، الذي مكث فيه لأسابيع طويلة، إلى كومة من الركام والرماد. بعض المواطنين قالوا ضمن شهاداتهم لـ"الأناضول" إنهم باتوا لا يعلمون أماكن منازلهم بعدما تغيرت ملامح الحي جراء التدمير الإسرائيلي المتعمد.

وعلى قارعة الطريق، تتكرر مشاهد الجثث المتناثرة، والتي تفجع المواطنين الذين يزورون الحي للمرة الأولى منذ أسابيع، لتفقد منازلهم وممتلكاتهم. بعض الجثث تحللت ولم يبق منها إلا ملابس مضرجة بدماء جافة، أما البعض الآخر فقد تم توريتها بما تيسر من أقمشة أو حصر، بعدما تعذر انتشالها ودفنها.

ورغم قساوة هذه المشاهد، فإن المواطنين أعربوا عن مخاوفهم من أن تصيب هذه المنطقة أمراضاً وأوبئة جراء تناثر الجثث المتحللة. كما شهد سوق الشيخ رضوان المركزي، تدميراً إسرائيلياً واسعاً، حيث جرى تجريفه بالآليات الثقيلة، ما أدى إلى اختفاء معالمه بشكل كامل، وتحويله إلى ساحة رملية خاوية.

كما جرفت الآليات الإسرائيلية الطرقات المعبدة والمرصفة الواقعة في أحياء مدينة غزة، فيما دمّر القصف الحربي بعض هذه الطرقات. وطال التدمير البنى التحتية وشبكات الصرف الصحي والمياه والكهرباء، ما يجعل عودة السكان للعيش بهذه المناطق على ركام منازلهم، أمراً صعباً أو مستحيلاً، كما قالت مصادر محلية وشهود عيان لوكالة "الأناضول".

وكذلك الأمر في محيط أبراج الفيروز (شمال المدينة)، الذي تعرّض لدمار هائل وواسع في المباني السكنية والتعليمية في المنطقة. وأفاد شهود عيان أن المباني التي ما زالت قائمة بالمنطقة، أصيبت بأضرار بالغة جداً، وقد تكون آيلة للسقوط في أي لحظة.

المزارات السياحية أضحت رماداً

بعد أن التقطت المنطقة الغربية من قطاع غزة أنفاسها قبل اندلاع الحرب، وزينت أرصفتها بالإضاءات الملونة وانتشرت فيها المقاهي والفنادق والاستراحات، وكان الناس يقصدونها بغرض الاستجمام وقضاء أوقات الفراغ، حولت آلة الحرب الإسرائيلية هذه المنطقة إلى مساحة رملية سوداء تخلو من السكان، في مشهد صدم لمن جاء يتفقدها.

هذه المنطقة، التي تعد من المناطق السكنية والسياحية الراقية في مدينة غزة، تعرضت لدمار واسع طال أصغر تفاصيلها من مبان سكنية وسياحية ومحال تجارية ومعارض للسيارات، فيما أشار شهود عيان إلى أن تدمير المباني راوح بين كلي وجزئي.

وأفاد شهود عيان بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي أحرق آلاف السيارات التي كانت موجودة في المنطقة، سواء في المعارض، أو تعود لمواطنين تعذر عليهم اصطحابها معهم خلال رحلة النزوح، مضيفين أن "قوارب الصيادين التي كانت موجودة في ميناء مدينة غزة (غرب) تعرضت للتدمير والإحراق الكلي أو الجزئي"، فضلاً عن تدمير غرف تعود للصيادين بُنيت بتمويل خارجي من أجل تسهيل مهام الصيادين.

البحث عن الحياة وسط الركام

في منطقة "العباس"، بحي الرمال، والذي كان أحد أرقى أحياء المدينة، قبل أن تدمره الطائرات والآليات الإسرائيلية وتحول الآلاف من مبانيه إلى ركام، يحاول الفلسطينيون هناك البحث عن الحياة.

وافتتح المواطنون، مؤخراً، سوقاً صغيراً يضم عدداً من "البسطات"، لبيع ما تبقى في هذه المدينة من طعام وملابس.

ويقول شهود إن أسعار البضائع تضاعفت مقارنة بما قبل اندلاع الحرب، جراء ندرتها وإغلاق المنافذ المؤدية إلى المدينة؛ الأمر الذي يحول دون وصول السلع للمواطنين أو حتى المساعدات الإنسانية. ومنذ بداية الحرب البرية على القطاع تفرض إسرائيل حصاراً مشدداً على غزة، إذ تمنع عملية التنقل من وإلى المدينة، ويعد ذلك جزءاً من الحصار الذي شددته إسرائيل على القطاع منذ بداية الحرب والذي تفرضه منذ 2006.

ويشن جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر حرباً مدمرة على قطاع غزة خلّفت حتى اليوم الثلاثاء "22  ألفاً و 185 شهيداً فلسطينياً، و57 ألفاً و35 مصاباً، ودماراً هائلاً في البنى التحتية وكارثة إنسانية غير مسبوقة"، وفقاً لسلطات القطاع والأمم المتحدة.

ومنذ 7 أكتوبر، أغلقت إسرائيل المعابر الواصلة بين قطاع غزة والعالم الخارجي، فيما يجري فتح معبر رفح بشكل جزئي لخروج عشرات المرضى والمصابين وعدد من حملة الجوازات الأجنبية.

وسمحت إسرائيل في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني، بدخول كميات شحيحة من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح، ضمن هدنة لمدة أسبوع بين الفصائل بغزة وإسرائيل، جرى التوصل إليها بوساطة قطرية مصرية أميركية، تخللتها صفقة تبادل أسرى، ويقول مسؤولون إنها "لا تلبي احتياجات السكان".

(الأناضول، العربي الجديد)

المساهمون