استمع إلى الملخص
- تعرض المرضى لعمليات تفتيش قاسية وتم اقتيادهم إلى مواقع أخرى، مما أدى إلى وفاة بعضهم بسبب انقطاع الأوكسجين، ووصفت وزارة الصحة هذه الأفعال بأنها استخفاف بالقيم الإنسانية.
- تسببت العمليات العسكرية في انهيار شبه كامل للمنظومة الصحية، حيث حاصرت قوات الاحتلال المستشفيات ومنعت وصول الأدوية، بهدف تهجير الفلسطينيين وتحويل المنطقة إلى منطقة عازلة.
عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، إلى إحراق مبانٍ من مستشفى كمال عدوان في شمال قطاع غزة، تحديداً في محافظة شمال غزة، بعدما اقتحمته وأجبرت الطواقم الطبية والمرضى ومرافقيهم على إخلائه والتوجّه إلى ساحته الخارجية. وفي تعليق على ما ترتكبه القوات الإسرائيلية، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأنّ "صمت العالم إزاء جرائم الاحتلال المتكرّرة هو ما أغراه" ودفعه إلى "ارتكاب مزيد من الجرائم وتدمير مستشفى كمال عدوان بعد تدمير مستشفى بيت حانون والمستشفى الإندونيسي"، بحسب ما جاء في بيان لها اليوم.
وقال مصدر طبي لوكالة الأناضول، اليوم الجمعة، إنّ الاحتلال راح يقتحم أقسام المستشفى بعدما أجبر جميع من في داخله على الخروج منه. أضاف أنّ القوات الإسرائيلية أخضعت الجرحى والمرضى بعد توجّههم إلى الساحات الخارجية إلى عمليات تفتيش. وتحدّث أكثر من شاهد عيان، اليوم الجمعة، عن اقتياد قوات الاحتلال أفراد طواقم مستشفى كمال عدوان في بيت لاهيا بشمال قطاع غزة من نساء ورجال، إلى جانب المرضى والجرحى فيه وكذلك المواطنين الفلسطينيين المقيمين في محيطه، إلى ساحة مدرسة الفاخورة الواقعة على مقربة منه. يُذكر أنّ بعد اقتحام قوات الاحتلال مستشفى كمال عدوان، انقطع التواصل مع مدير المستشفى حسام أبو صفية، ويُحكى عن مصير مجهول للكادر الصحي والمرضى والجرحى.
ورأت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان، أنّ "الاحتلال يحتفل مع نهاية عام من الإبادة الجماعية بتتويج جرائمه بتدمير مستشفى كمال عدوان"، موضحةً أنّ "الاحتلال عمد إلى إجلاء بعض المرضى تحت تهديد السلاح إلى المستشفى الإندونيسي الذي كان قد دمّره قبل أيام عدّة"، ووصفت الأمر بأنّه "جريمة وإمعان في استخفاف الاحتلال بمنظومة القيم التي تحكم العالم". أضافت الوزارة أنّ "قوات الاحتلال أجبرت الطواقم الطبية والمرضى ومرافقيهم على خلع ملابسهم في البرد الشديد، واقتادتهم إلى جهة مجهولة". ولفتت وزارة الصحة إلى أنّ "الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لم تستثنِ أحداً، وشملت أضرارها وفظائعها حتى الأجنّة في بطون أمهاتها"، مضيفةً أنّ ذلك طاول كذلك "الموتى في القبور الذين ديست عظامهم بالجرافات الإسرائيلية".
وأفاد مصدر طبي آخر وكالة الأناضول بأنّ القوات الإسرائيلية أحرقت عدداً من أقسام النمستشفى، ولا سيّما أقسام العمليات الجراحية والمختبر والصيانة والإسعاف. وأوضح أنّ النيران تمتدّ بسرعة إلى مبانٍ وأقسام أخرى وسط انعدام القدرة على إخمادها في ظلّ توقّف عمل طواقم الدفاع المدني في محافظة شمال غزة ومحاصرة المستشفى بالآليات العسكرية. وذكرالمصدر نفسه أنّ قوات الاحتلال هدّدت مدير مستشفى كمال عدوان بالاعتقال في حال عدم إخلاء المستشفى بالكامل، لافتاً إلى أنّ أفراداً من الكادر الطبي ومدير المستشفى رفضوا الانصياع لأوامر الإخلاء الإسرائيلية.
وأوضح المصدر الطبي نفسه أنّ ثمّة مرضى وجرحى في مستشفى كمال عدوان كانوا عاجزين عن الإخلاء سيراً على الأقدام، خصوصاً في أقسام العناية المركّزة، فأُجلي عدد منهم بمركبات الإسعاف ونُقلوا إلى المستشفى الإندونيسي غير المؤهّل لاستقبال مرضى، بسبب خروجه عن الخدمة. وأشار إلى وفاة عدد من المرضى والجرحى في قسم العناية المركّزة بعد قطع الاحتلال الأوكسجين عنهم.
وفي وقت سابق من اليوم الجمعة، كان مصدر طبي قد صرّح لوكالة الأناضول بأنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي حاصرت مستشفى كمال عدوان وأمرت مديره حسام أبو صفية وكلّ الموجودين في داخله بالتوجّه إلى الخارج، ولم تمهلهم إلا 15 دقيقة قبل اقتحام أقسام المستشفى. أضاف المصدر، حينها، أنّ الاحتلال يستعدّ لاقتحام المستشفى الذي يؤوي نحو 350 شخصاً، من بينهم 75 جريحاً ومريضاً بالإضافة إلى مرافقيهم. وأوضح المصدر نفسه أنّ النيران اندلعت في قسم الأرشيف في داخل المستشفى من جرّاء قصف إسرائيلي استهدفه فجر اليوم الجمعة، وأنّ القوات الإسرائيلية أحرقت مساكن في محيطه.
وتحاصر قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى كمال عدوان، منذ بدء العملية العسكرية في شمال قطاع غزة المعزول عن الوسط والجنوب، بالنيران عبر طائرات "كواد كابتر"، فيما راحت تعمد آلياته إلى التقدّم في محيط المستشفى قبل أن تتراجع بعد ساعات إلى أماكن تموضعها. لكن منذ ستّة أيام، تقدّمت الآليات الإسرائيلية بصورة ملحوظة صوب المستشفى، أمّا تمركزها في محيطه فكان على بعد مئات الأمتار منه.
ومستشفى كمال عداون الذي يُعَدّ أكبر مستشفيات محافظة شمال غزة، علماً أنّ مجمّع الشفاء الطبي هو الأكبر في شمال القطاع عموماً (الذي يضمّ كذلك محافظة غزة)، والذي كان يقدّم خدماته لأكثر من 400 ألف نسمة، يعمل اليوم وسط ظروف وإمكانات شبه معدومة، وذلك منذ أكتوبر 2023 عندما أطلقت إسرائيل حربها المدمّرة على قطاع غزة. ويواصل جيش الاحتلال، منذ بداية الحرب، شنّ غارات مكثّفة على محيط المستشفى بالإضافة إلى نسف مبانٍ ومربّعات سكنية في جواره، الأمر الذي يسفر عن أضرار في مبانيه وسقوط شهداء وجرحى في داخله وخارجه.
وفي الخامس من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، اجتاحت قوات الاحتلال مجدّداً شمالي قطاع غزة، ويرى الفلسطينيون أنّ إسرائيل ترغب في احتلال الشمال وتحويله إلى منطقة عازلة بعد تهجيرهم منها تحت وطأة قصف دموي ومنع إدخال الغذاء والمياه والأدوية والإمدادات الطبية الأخرى.
وتسبّبت العملية الإسرائيلية الأخيرة في خروج المنظومة الصحية في محافظة شمال غزة عن الخدمة بصورة شبه كاملة، وفقاً لتصريحات مسؤولين حكوميين، بالإضافة إلى توقّف عمل جهاز الدفاع المدني ومركبات الإسعاف التابعة للهلال الأحمر الفلسطيني. فقوات الاحتلال تحاصر المستشفيات الثلاثة في المحافظة، "الإندونيسي" في بيت لاهيا و"العودة" في جباليا و"كمال عدوان" في منطقة مشروع بيت لاهيا، وتحول دون وصول الأدوية والمستلزمات الطبية إليها. ويهدف الاحتلال، من خلال عمليات التفجير التي ينفّذها في محيط المستشفيات، إلى إجبار الطواقم الطبية فيها على مغادرتها، وذلك في إطار تضييقات تستهدف من تبقّى من الفلسطينيين في شمال غزة الذين ينوي تهجيرهم.
(الأناضول، العربي الجديد)