الإهلاك البيئي!!

30 اغسطس 2022
البيئة سيئة جداً في مناطق استقبال اللاجئين بإفريقيا (إدواردو سوتيراس/ فرانس برس)
+ الخط -

كلما رددنا بأن جسد إفريقيا بدأ يتعافى، وأن الجروح في طريقها إلى الاندمال، نتفاجأ باشتعال أزمات جديدة، ونشهد هجرات كثيفة عبر الحدود من هنا إلى هناك. 
كنا فرحنا بأن رواندا تجاوزت الماضي الأليم، وباتت تمشي واثقة الخطى نحو استعادة الحياة. وبلغ التباهي ذراه ونحن نتابع تعافي جنوب إفريقيا واهتمام مسؤوليها بالإصلاح البيئي والتنموي. ونظرنا في السنوات الأخيرة بغبطة إلى الجارة إثيوبيا تحبو على الدرب ذاته لتجاوز مرارات الماضي، لكن النيران تفجرت في إقليم تيغراي في الثالث من نوفمبر/ تشرين الأول 2020، ما تسبب في مزيد من البؤس لمن لا حيلة لهم من فقراء الريف. 
منذ ذلك الحين ظلت الأنباء تتحدث عن تدفق آلاف من الأسر عبر حدود السودان الذي سمح بتدفقهم، وأعلن استعداده لاستقبال 20 ألف لاجئ في المرحلة الأولى. وقد وصل بالفعل أكثر من 700 لاجئ في الشهر ذاته، وتكهّن البعض بأن يصل العدد إلى 200 ألف في ظل استمرار الحرب.
وخلال عامين تزايدت المخاوف من تداعيات الحرب، خاصة أن شرق السودان الذي يلجأ إليه ضحايا الحرب الإثيوبية يعاني أصلاً من توترات سياسية وعرقية تنذر بتفاقم الوضع في حال استمر تدفق اللاجئين، وبينهم عسكريون، حتى لو سلموا أسلحتهم على الحدود. 
هل يحتمل الوضع الانتقالي الهش هذا التدفق الكثيف للاجئين؟ وأين؟ في المناطق التي تدهورت بيئتها قبلاً بتأثر موجات النزوح ذاتها في خواتيم القرن الماضي؟ 

موقف
التحديثات الحية

وقتها أطلق البيئيون تحذيرات من الهجوم الكاسح على الحياة البرية والغابات وأشجار الأودية في تلك المناطق، ما هدد البيئة، وأخل بتوازناتها بسبب افتقار اللاجئين إلى الوعي البيئي، وكذلك أهل المنطقة المستضيفة، فماذا سيفعل لاجئ فقير يحتمي بوطن ثانٍ سوى الاعتماد كلياً على ما تجود به الأرض الجديدة؟
نعم، اللاجئون الجدد في حاجة إلى مأوى وعلاج طبي ونفسي، وطعام وكساء، بيد أن البيئة في مناطق استقبالهم ستتعرض إلى إنهاك كبير، خاصة أن منظمات الإغاثة لا تقدم ما يدعم السكن ووقود الطهي، فيستخدم اللاجئون ما تبقى من غابات في النواحي التي يتواجدون فيها. 
ويعتبر برنامج اللاجئين في السودان الأقدم في إفريقيا، ويعود إلى أكثر من 50 عاماً. وقد عرف شرق السودان تدفقات من إثيوبيا وإريتريا في أوقات مختلفة، ووقع العبء الأكبر دائماً على المفوضية السامية للاجئين دون بقية منظمات الأمم المتحدة، والمنظمات المحلية. وفي كل مرة يطالب المجتمع الدولي هذه المنظمات مجتمعة بأن تكون على قدر التحدي، للحد من نذر الكارثة.. فهل...؟؟

(متخصص في شؤون البيئة)