الإكزيما تنتشر في مخيمات إدلب بسبب الصقيع

04 فبراير 2024
تنتشر الأمراض الجلدية داخل المخيمات (عمر حاج قدور/ فرانس برس)
+ الخط -

تسبب صقيع المياه واستخدامها في الغسيل والأعمال المنزلية اليومية في انتشار مرض الإكزيما بين نازحات في المخيمات المنتشرة في ريف إدلب شمال غربي سورية، وخصوصاً العشوائية منها، التي تحولت جراء البرد القارس وقلة الخدمات الطبية إلى بؤر للأمراض الجلدية.

وتحتضن مناطق الشمال السوري قرابة 5.5 ملايين نسمة، أكثر من نصفهم من النازحين قاطني المخيمات، الذين يعانون ظروفاً إنسانية قاسية، وتحديداً في فصل الشتاء، ما يساهم في انتشار الأمراض بشكل كبير.

والتهاب الجلد التأتبي (الإكزيما) هو مرض يجعل الجلد جافاً ومثيراً للحكة وملتهباً. وهو أكثر شيوعاً لدى الأطفال الصغار، ولكن يمكن أن يحدث في أي مرحلة عمرية. ويستمر التهاب الجلد التأتبي مدة طويلة (مزمن)، ويمكن أن تزداد شدته في بعض الأحيان. وقد يكون مسبباً للتهيج، ولكنه ليس معدياً. ويتعرض الأشخاص المصابون بالتهاب الجلد التأتبي لخطر الإصابة بحساسية الطعام وحمى القش والربو.

وعلى الرغم من عدم وجود علاج للإكزيما، إلا أن هناك وسائل لتخفيف الأعراض وتقليل الأضرار التي تلحق بالمناطق المصابة، وفقاً لصحيفة "إكسبرس" البريطانية، غير أن تلك الوسائل غائبة عن مخيمات إدلب التي تعاني نقصاً حاداً في المراكز الطبية والعلاجية.

لم تكترث النازحة مريم العموري (29 عاماً)، المقيمة في مخيم الجبل على أطراف بلدة البردقلي شمال إدلب، في البداية، لخطورة ظهور تشققات في يديها وقدميها جراء استخدام المياه الباردة في الخيمة التي تقيم فيها، غير أن تلك التشققات راحت تزداد وتسبب لها ألماً وحكة إلى مرحلة أنها لم تعد قادرة على لمس المياه أو استخدامها.

وتقول العموري إنها مضطرة لاستخدام المياه المخزنة في أوعية معدنية خارج الخيمة، والتي وصلت إلى حد التجمد وسط صقيع الطقس، وتمضي وقتاً طويلاً في تنظيف الأوعية والأطباق وأواني الطبخ، والغسيل اليدوي يستمر طيلة اليوم، من دون أن تتمكن من تسخين المياه لغلاء الغاز المنزلي الذي قلّما يحضرونه، ويقتصر استخدامه على الطبخ فقط، وعند الضرورة.

غير أنها لم تعد قادرة اليوم على القيام بأعمالها المنزلية أو استخدام المياه بسبب تفاقم حالتها وإصابتها بالالتهاب وخشونة الجلد واحمراره، وراحت تبحث عن الطرق الأقل تكلفة التي من شأنها أن تخفف عنها كل ما تعانيه خلال أشهر الشتاء.

أما النازحة ياسمين الحج (33 عاماً)، وهي مقيمة في مخيمات كللي شمال إدلب، فقد لجأت لاستخدام أدوية الأعشاب جراء إصابتها بالإكزيما الجلدية التي تشكو منها كل شتاء، لكن من دون جدوى، وهو ما دفعها لزيارة المراكز الطبية البعيدة.

وتقول الحج إنها تعاني من الإكزيما منذ نزوحها الذي قارب عامه الخامس جراء استخدام المياه الباردة وبرودة الطقس في المخيمات، وتظهر الأعراض على اليدين والركبتين، وتعاني جراء جفاف البشرة وتقشرها والحكة والقروح. وتلفت إلى أنها تضطر إلى تحمل نفقات وعناء الذهاب إلى المدن للعلاج. كما أن معظم المراكز الطبية المجانية تخلو من العيادات الجلدية، فتجبر على التوجه إلى تلك الخاصة، علماً أن أسعارها مرتفعة.  

من جهتها، تطالب النازحة رهف الجدوع (42 عاماً) المقيمة في مخيمات دير حسان شمال إدلب، والمصابة أيضاً بالإكزيما، بمحاولة الحد من الإصابة بالأمراض الجلدية، منها الجرب والتحسس صيفاً والإكزيما شتاء. وتعزو الأسباب إلى قلة الدعم والخدمات والمياه الصالحة للاستعمال، قائلة: "حتى المياه التي توزع على المخيم قليلة وفيها نسبة عالية من الكلور، ما يجعلها غير صحية للشرب ولا حتى للاستعمال جراء آثارها المدمرة على الصحة والجلد".

من جهته، يقول الطبيب المتخصص بالأمراض الجلدية أحمد دعدوش، لـ"العربي الجديد"، إن الإكزيما تنتشر بكثافة، خصوصاً في مناطق المخيمات، بسبب استخدام المنظفات بشكل مفرط وبرودة الجو والمياه بشكل كبير. ويضيف أنه تمكن الوقاية من خلال وضع القفازات أثناء أعمال التنظيف اليومية، واستعمال المياه الفاترة قدر المستطاع. 

وكشف بيان سابق أصدره فريق "منسقو استجابة سورية" عن انتشار كبير لعدد من الأمراض الجلدية في مخيمات النازحين في أرياف حلب وإدلب شمال غربي سورية. وبحسب البيان، فقد سجل أكثر من 478 مخيم، أي ما يعادل 29 في المائة من إجمالي المخيمات، انتشار أكثر من 9 أنواع من الأمراض الجلدية، عدا عن الحالات المرضية النادرة.

وأرجع البيان أسباب انتشار الأمراض الجلدية في المخيمات إلى عوامل عدة، أبرزها الاكتظاظ السكاني الكبير ضمن تجمعات المخيمات، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الصرف الصحي المكشوف، بالتزامن مع غياب المياه النظيفة والصالحة للشرب عن 47 في المائة منها. وأشار الفريق إلى أن أكثر من 84 في المائة من المخيمات تعاني من انعدام العيادات المتنقلة والنقاط الطبية، عدا عن غياب الدور الفاعل للمنظمات الإنسانية لمعالجة تلك الحالات بشكل كبير واقتصارها على الجلسات التوعوية.

المساهمون