الإفطار على شاطئ البحر طقسٌ رمضاني في الإسكندرية
- المواطنون يحرصون على جلب الطعام من المنازل لكسر الروتين، بينما تقدم المقاهي والمطاعم خدماتها وبرامج ترفيهية، مما يضفي أجواء من البهجة والسعادة.
- الفعاليات الرمضانية تعزز التواصل الاجتماعي وروح المحبة، مع مبادرة "فطارك أحلى على البحر" من الإدارة المركزية للسياحة والمصايف لتقديم تجربة إفطار جماعي فريدة.
يعدّ تناول وجبات الإفطار على شواطئ الإسكندرية من الطقوس الرمضانية التي تحرص عليها العائلات، في محاولة للاستمتاع باللمّة مع مشهد الغروب والبحر.
خلال شهر رمضان، يتوافد العديد من المواطنين في محافظة الإسكندرية شمالي مصر، إلى الشواطئ لتناول وجبة الإفطار، وهذه عادة مصرية ظهرت منذ سنوات وأضحت تقليداً. ويحرص كثيرون على مشاركة عائلاتهم وأصدقائهم الإفطار الرمضاني على شواطئ المحافظة الممتدة على البحر الأبيض المتوسط، للاستمتاع بنسمات الهواء العليل ومشهد غروب الشمس.
ويومياً، ترتّب الطاولات لدعوة الصائمين للإفطار. ونظراً للإقبال الكبير على الشواطئ، خصصت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية عدداً من الشواطئ لاستقبال المواطنين خلال شهر رمضان، فضلاً عن تنظيم أمسيات مجانية وعروض فنية للاستمتاع بأجواء وروحانيات الشهر الفضيل.
وبادر أصحاب المطاعم والمقاهي المنتشرة على البحر منذ حلول شهر رمضان، إلى تقديم بعض الخدمات والبرامج والأنشطة الترفيهية التي تشارك فيها العائلات، بالإضافة إلى سهرات تستمرّ حتى ساعات متأخرة من الليل. ويقول محمود طه، وهو محاسب في شركة قطاع خاص: "أحرص كلّ عام على تناول وجبة الإفطار مع أسرتي على شاطئ ستانلي شرقي المدينة"، مؤكداً أن هذه العادة الرمضانية تحظى بشعبية كبيرة بين المصريين وتعتبر فرصة للاستمتاع بروحانية الشهر الكريم.
ويقول لـ"العربي الجديد" إن "الأمر لا يقتصر على تناول الإفطار، بل أيضاً الترفيه عن النفس. يقضي كثيرون صغاراً وكباراً أوقاتهم بين الجلوس على الشاطئ للاستمتاع بالأجواء البحرية والمناظر الخلابة لغروب الشمس، وممارسة عدد من الألعاب الشاطئية، وقد تستمر الأنشطة حتى تناول السحور".
من جهتها، ترى عبير عوض الله، وهي ربة منزل، أن الإفطار على الشاطئ يعتبر من أشهر طقوس شهر رمضان للترويح عن النفس، وهذه عادة بدأت تترسخ في المجتمع منذ سنوات عدة، رغم التحديات والظروف الاقتصادية التي تواجهها غالبية الأسر المصرية، حيث يجتمع الأهل والعائلات والأصدقاء من مختلف الأعمار على شاطئ البحر لتناول وجبة الإفطار بعد صيام يوم طويل في أجواء مفعمة بالحيوية والسعادة. وتوضح أن الكلفة بسيطة وتكاد تكون مجانية. لذلك، تحرص العديد من العائلات في مختلف مستوياتها على جلب الطعام من المنزل وتجهيز مائدة الإفطار على الشاطئ وتزيينها بمختلف أنواع الأطعمة.
ويلفت علي أحمد سعد، وهو طالب في كلية الحقوق، وقد اختار شاطئ البحر في منطقة بحري وسط الإسكندرية، إلى أهمية كسر الروتين والإفطار خارج المنزل على كورنيش المدينة. ويوضح أن الأمر لا يقتصر على العائلات، إذ قرر وأصدقاؤه تخصيص يوم في الأسبوع للتجمع قبل أذان المغرب وتجهيز المائدة للإفطار على الشاطئ. ويقول إن الكافتيريات والمنشآت السياحية المطلة على الشاطئ استغلت إقبال المواطنين وقدمت وجبات وعروضا لتنظيم موائد إفطار للعائلات والأصدقاء لخدمة الصائمين، إلى جانب تخصيص أماكن لاستضافة الأسر التي تصطحب طعامها في مقابل سداد مبلغ مالي بدل الحصول على كراسي وطاولات.
غير بعيد عن علي وأصدقائه، يجلس الحاج سالم عبد العزيز، ويتحدث عن الازدحام الذي يشهده الشاطئ يومياً قبيل أذان المغرب خلال شهر رمضان، وتحول كورنيش الإسكندرية إلى مزار ومكان لالتقاء وتجمع العديد من الأسر، لدرجة أن كثيرين يعمل على تكرار الزيارة أو تخصيص يوم على الأقل أسبوعياً للجلوس أمام البحر وتناول وجبه الإفطار على الشاطئ ومشاهدة غروب الشمس والتقاط الصور التذكارية. يضيف في حديثه لـ"العربي الجديد" أن تناول الطعام على مقربة من البحر برفقة عائلتي بعيداً عن الأماكن المغلقة له مذاق خاص، وهو تجربة ممتعة لا يشعر بجمالها إلا من خاضها. كما أنها فرصة للتواصل والترابط الاجتماعي بين الأفراد وتعزيز روح المحبة والتضامن في المجتمع، ما يضفي شعوراً بالانتعاش والراحة النفسية.
في السياق، أطلقت الإدارة المركزية للسياحة والمصايف بالإسكندرية مبادرة "فطارك أحلى على البحر"، لاستقبال أهالي الإسكندرية والوافدين إليها، لتناول وجبة الإفطار على شواطئ المدينة الساحلية خلال شهر رمضان.
ويقول رئيس الإدارة محمد عبد الرزاق إن السلطات في المحافظة قررت فتح الشواطئ العامة في المحافظة مجاناً، وخفض أسعار بعض الشواطئ الأخرى، مع تنظيم أمسيات رمضانية لاستقبال المواطنين لتناول الإفطار على تلك الشواطئ. يضيف: "نطْلق المبادرة في رمضان الحالي للعام الثالث على التوالي، بعدما حققت تفاعلاً وقبولاً كبيراً بين المواطنين ممن كانوا يحرصون على تناول وجبة الإفطار على شواطئ الإسكندرية، خصوصاً النساء، وإقامة العزومات الأسرية خلال شهر رمضان على البحر مباشرة بدلاً من البيوت".